حظي الطريق الذي تغيّر اسمه إلى "الرشيد" عام 1921 بأهمية استثنائية، حيث يشير المعماري والباحث العراقي إحسان فتحي في مقال له حوله "يُعدّ شارع الرشيد بالمفهوم التخطيطي الحديث أول شارع رئيس يشق في العراق ومنذ بدأ العمل به، وحتى الآن، يستمر هذا الشارع باستقطاب أهم الأنشطة الاقتصادية والتجارية والإدارية والترفيهية في بغداد".
حافظ الشارع على مكانته طوال عقود إلى أن احتلت بغداد سنة 2003، إذ أغلق معظم أجزائه، حينما قام الجيش الأميركي بتقطيع الشارع بالكتل الكونكريتية بدعوى حماية المنشآت الحيوية فيه لاسيما المقر العام لـ"البنك المركزي العراقي".
تسبّب ذلك في تراكم النفايات وتضرّر أرصفته وشبكات الصرف الصحي بفعل خروجه من الخدمة طوال ستّة عشر عاماً، وأدى أيضاً إلى تعطيل مصالح الناس لأنه ساهم أيضاً في إرباك حركة المرور في العاصمة العراقية.
الأحد الماضي، أعلنت رئاسة الوزراء العراقية إعادة افتتاح شارع الرشيد أمام حركة السيارات بشكل دائم، بعد رفع القيود عنه وستكون حركة السير ذهاباً وإياباً، ورأت أنها "خطوة أولى نحو فتح الشوارع والطرقات المغلقة في بغداد، إضافة إلى العديد من المناطق، ومنها المنطقة الخضراء التي افتتحت جزئياً ولفترة محدودة مؤخراً".
يعكس هذا الإجراء حالة من استتاب الأمن في العاصمة، لكنه يفتح الباب أمام إعادة ترميم العديد من المعالم التي تمركزت في الشارع مع ولادة الدولة الحديثة، ومنها جامع الحيدرخانة الذي تأسس عام 1819 وارتبط بخروج المظاهرات ضد الاستعمار البريطاني، ومقر وزارة الدفاع، والمدرسة المستنصرية، وسوق الشورجة وشارع المتنبي وسوق الصفارين، ومقاهي البرلمان وحسن عجمي والبرازيلية والسويسرية والزهاوي وأم كلثوم.
خلال الأعوام الماضية، تمّ إغلاق جميع قاعات السينما والمقاهي والمكتبات والصالونات الأدبية والثقافية في "الرشيد" والتي يعود إنشاء بعضها إلى عشرينيات القرن الماضي، وبدت ملامح التهالك في طلاء بلاط وبناء عدد من هذه المعالم التي أصبح بعضها آيلاً للسقوط.