سيناريوهات مفتوحة لمعركة التنف... ومجازر متنقلة في الشرق السوري

23 مايو 2017
من قصف قوات النظام في درعا (محمد أبازيد/فرانس برس)
+ الخط -

على وقع الزحف المستمر لـ"قوات سورية الديمقراطية" المدعومة أميركياً في اتجاه مدينة الرقة، تتضاءل يومياً مناطق نفوذ "الدولة الإسلامية" (داعش) حولها، فيما ما زال مسلحو التنظيم يتحصنّون داخلها. وتتجه معركة تنازع السيطرة على معبر التنف الحدودي مع العراق عند مثلث الحدود السورية ــ الأردنية ــ العراقية، نحو خياراتٍ وسيناريوهات مفتوحة؛ إذ إن قوات النظام والمليشيات المدعومة إيرانياً، والتي كانت قد تلقت ضربة جوية من طائرات التحالف الدولي يوم الخميس الماضي، اعتبرتها واشنطن "دفاعية" تحذيرية، تواصل على ما يبدو مساعيها لبلوغ التنف، والذي سيؤمن ربطاً جغرافياً يمتد من الحدود العراقية مروراً بالبادية السورية وصولاً إلى الحدود اللبنانية.

يأتي هذا فيما تشهد معظم مناطق "تخفيف التصعيد" الأربع، هدوءاً نسبياً، تتخلله خروقات لقوات النظام السوري، تحديداً في محافظة درعا جنوبي البلاد، في حين اعتُبر أمس الإثنين، أول يومٍ تخضع فيه كامل مدينة حمص السورية منذ نحو ست سنوات، لسيطرة قوات النظام والمليشيات المساندة لها، بعد أن انتهت مراحل تهجير حي الوعر، الذي كان آخر معاقل المعارضة السورية في مدينة حمص.

في هذا السياق، ذكرت مصادر محلية وكردية أمس، أن "قوات سورية الديمقراطية"، سيطرت على قرية السلحبية الغربية في ريف الرقة الشرقي، التي تبعد نحو 22 كيلومتراً عن وسط مدينة الرقة. وجاء تقدم القوات، ضمن مساعيها لقضم مزيدٍ من المناطق الخاضعة لـ"داعش" بريف الرقة، وهي التي باتت تحاصر المدينة من أطرافها الشمالية والشرقية والغربية، مضيّقة الخناق على مسلحي التنظيم، الذين ما زالوا متحصنين داخل المدينة التي كانت تعتبر أبرز معاقلهم في سورية، لكن خطوط دفاعهم الأمامية عنها، تداعت بصورة كبيرة خلال الأسابيع القليلة الماضية، أمام زحف القوات الساعية للوصول إلى المدينة. وبلغت مسافة تُقدر بخمسة كيلومترات من الجهة الشمالية، وبمسافات متفاوتة من الجهتين الشرقية والغربية.

من جهة أخرى، واصلت قوات النظام والمليشيات المدعومة إيرانياً ليلة أمس الاثنين، محاولة تقدمها باتجاه معبر التنف الحدودي مع العراق؛ إذ سيطرت على مساحات إضافية على الطريق الممتد من حاجز ظاظا في البادية السورية، وهي التي كانت قد قطعت في السابق منطقة السبع بيار، فيما تشير معلوماتٌ أولية إلى أنها وصلت بالفعل إلى منطقة الزركا، على الطريق نحو معبر التنف.



لكن هذه القوات الساعية للوصول إلى التنف، ما زالت بحاجة لقطع عشرات الكيلومترات في منطقة صحراوية (نحو 50 كيلومتراً حالياً)، تعتبر تحت نفوذ فصائل تابعة للمعارضة السورية، مدعومة من التحالف الدولي، الذي كان أوصل رسالة للقوات المهاجمة، بعدم الاقتراب من الطريق المؤدي إلى معبر التنف، والذي تفيد تقاريرٌ ومعلوماتٌ متقاطعة، بأن عشرات الجنود من دول في التحالف الدولي موجودون فيه، مع فصائل من المعارضة السورية أبرزها "جيش المغاوير"، الذي يعتبر الجهة السورية المسيطرة على المعبر حالياً.

وتبقى سيناريوهات هذا النزاع على تلك المنطقة مفتوحة. فقوات النظام والمليشيات المدعومة إيرانياً، تبدي اندفاعاً كبيراً للوصول إلى معبر التنف، حتى تؤمن طريقاً يمتد من الحدود الإيرانية العراقية حتى الحدود السورية اللبنانية، بينما كان التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، قصف الخميس الماضي بطائراته، رتلاً عسكرياً لهذه القوات المتقدمة، في رسالة واضحة الدلالات، بأن التحالف لن يسمح لقوات النظام والمليشيات الإيرانية بالوصول إلى المعبر.

إلى ذلك، ذكر الناشط عامر هويدي، بأن "طيراناً يعتقد أنه تابع للتحالف الدولي شن غارة على المدينة"، استهدف حسب اعتقاده بـ"الخطأ موقعاً لمقاتلي حزب الله اللبناني في منطقة المقابر، حيث تدور معارك بين تنظيم داعش من طرف وقوات النظام المدعومة بحزب الله ومليشيات عدة. وأسفرت الغارة عن وقوع قتلى وجرحى في صفوف عناصر الحزب". في حين ذكرت مصادر أخرى بأن "الغارة كانت من طيران روسي بالخطأ". وعادة لا تستهدف غارات التحالف الدولي، مواقع لتنظيم "داعش" بالقرب من جبهات النظام السوري في مدينة دير الزور، لتركيز غاراته على المواقع التي تشهد معارك بين التنظيم والمليشيات الكردية في ريفي دير الزور الغربي والشرقي.

في موازاة ذلك، ذكرت مصادر محلية أن "الطيران الروسي ارتكب مجزرة بحق مدنيين في حي العرضي بمدينة دير الزور، مستهدفاً منازل للمدنيين في الحي الواقع تحت سيطرة تنظيم "داعش". كما قُتل طفلان أمس الاثنين وجرح آخرون، بغارات جوية على الأحياء السكنية في مدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي. وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إن "طفلان قتلا من جراء غارة جوية من طيران مجهول استهدف شارع الأربعين وشارع مستشفى حماد في مدينة الميادين بخمس غارات متتالية، أسفرت أيضاً عن وقوع 13 جريحاً بينهم أربع نساء وأضرار مادية كبيرة، في المدينة التي تخضع لسيطرة تنظيم داعش". وأفادت "تنسيقية مدينة تدمر"، بأنها "وثّقت مقتل عائلة نازحة من مدينة تدمر بغارة من الطيران الروسي على ناحية عقيربات في ريف حماة الشرقي قبل أيام، وبلغ عدد القتلى نحو ثمانية بينهم أربع نساء وطفل".

وفي شأن ميداني آخر، لكن ضمن مناطق "تخفيف التصعيد" الأربع، والتي كان قد تم التوصل إليها في اجتماع "أستانة" بداية هذا الشهر، ودخلت حيز التنفيذ يوم السادس منه، كثّفت قوات النظام أمس، قصفها الجوي والصاروخي على الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية في مدينة درعا. وقال الناشط أحمد المسالمة المنحدر من المحافظة لـ"العربي الجديد"، إن "طيران النظام السوري شن 16 غارة جوية بالطيران الحربي على أحياء درعا البلد الخاضعة لسيطرة الجيش السوري الحر، وثماني غارات بالطيران المروحي، ألقى خلالها براميل متفجرة وقنابل حارقة، كما أطلق أكثر من 18 صاروخ أرض أرض، ما أسفر عن دمار كبير وحرائق في المناطق المستهدفة".

المساهمون