سيناريوهات ما بعد عزل الفلوجة أمنياً عن الأنبار

18 سبتمبر 2016
نازحون من الفلوجة العراقية قبل العودة (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
على الرغم من مرور نحو ثلاثة أشهر على إعلان القوات العراقية استعادة السيطرة على مدينة الفلوجة بمحافظة الأنبار، غرب العراق، وطرد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) منها، لا يزال وضع المدينة الأمني غير واضح المعالم، بعد عزلها عن قيادة عمليات الجيش بالأنبار، ووضعها تحت سيطرة قيادة عمليات غرب بغداد، التي تضم أفواجاً من مليشيا "الحشد الشعبي". ما أثار مخاوف لدى المسؤولين المحليين والنازحين من احتمال تعرّض المدينة لعزل أمني وتغيير جغرافي.

في هذا الإطار، أبدى عضو مجلس أعيان الفلوجة الشيخ محمد الجميلي، تخوّفه من ربط مدينة الفلوجة بالجهاز الأمني للعاصمة العراقية، مؤكداً في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "قيادة عمليات غرب بغداد تضم مقاتلين من مليشيا الحشد الشعبي". وأضاف "تتمتع الفلوجة بخصوصية لدى العراقيين، ولا يمكن بالتالي القبول بأن يكون الملف الأمني بيد قوة أمنية تمثل مليشيا الحشد جزءاً منها". وعبر عن خشيته من أن "يكون العزل الأمني للفلوجة عن محافظة الأنبار مقدمة للتلاعب بجغرافية المدينة، المحاذية للحدود الغربية للعاصمة".

وانتقد الجميلي إرغام جميع النازحين على المرور من منفذ الصقور (5 كيلومترات شرق الفلوجة) الواقع تحت سيطرة الفرقة الأولى للجيش ومليشيا "الحشد" التابعة لقيادة عمليات غرب بغداد، كاشفاً عن اعتقال عدد من النازحين اثناء عودتهم إلى الفلوجة.

مع العلم أن مصادر محلية بمحافظة الأنبار، أكدت أنّ "عودة العائلات النازحة لمدينة الفلوجة تتسم بالحذر والتلكؤ من قبلها، بسبب تخوفها من الإجراءات الأمنية المفروضة، فضلاً عن عدم توفير الخدمات في مناطقها ومنها الطاقة الكهربائية ومياه الشرب".

وقال نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار فالح العيساوي، في تصريح صحافي، إن "الحكومة المحلية تعمل على تشجيع العائلات النازحة من مدن المحافظة للعودة إلى منازلها في أقرب وقت ممكن، بعد توفير الأجواء المناسبة لعودتها".

في سياق متصل، أعلن عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة الأنبار راجع بركات، عن عودة عشرات الأسر النازحة إلى الفلوجة، من خلال منفذ الصقور، الذي تسيطر عليه قيادة عمليات غرب بغداد، مشيراً في حديثٍ لـ"العربي الجديد" إلى "اعتقال نازحين مشتبه بهم اثناء عودتهم إلى المدينة".



إلى ذلك، قال عضو مجلس محافظة الأنبار يحيى المحمدي، إن "الفرقة الأولى للجيش العراقي التابعة لعمليات غرب بغداد، تشرف بشكل كامل على عودة النازحين إلى الفلوجة التي بدأت، أمس السبت"، مؤكداً في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، "وجود لجنة أمنية لمراقبة عودة النازحين". وأشار إلى حضور محافظ الأنبار صهيب الراوي، ورئيس بلدية الفلوجة عيسى العيساوي، وأعضاء في مجلس المحافظة إلى مكان عودة النازحين.

بدوره، برر النقيب في قيادة عمليات غرب بغداد فالح الشويلي، إشراف قوات أمنية من بغداد على الملف الأمني في الفلوجة، بـ"محاولة السيطرة على عودة النازحين، ومنع المطلوبين للقضاء من التسلل والدخول للمدينة". وشدّد خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، على أن "الخشية من حدوث تجاوزات على يد مليشيا الحشد الشعبي أمر مبالغ فيه، لأن عناصر المليشيا مرتبطون بشكل رسمي بقيادة عمليات غرب بغداد".

من جهته، اعتبر قائد عمليات غرب بغداد اللواء الركن سعد حربية، أن "القوات العراقية طهّرت خمسة أحياء داخل الفلوجة لتكون جاهزة لاستقبال ساكنيها"، مشيراً في تصريحات صحافية إلى أن "أحياء الضباط الأولى، والضباط الثانية، والعسكري، والجغيفي، والشرطة، أصبحت مؤهلة لعودة الأسر النازحة من جديد". وأشار إلى "قيام القوات الأمنية بتدقيق بيانات الاسر النازحة".

وأعلن حربية، في وقت سابق، أن "الملف الأمني في الفلوجة يُدار من قبل الفرقة الأولى والفرقة الرابعة عشرة وفرقة التدخل السريع، التابعة لقيادة عمليات غرب بغداد"، مبيّناً أن "قيادة العمليات تمسك الأرض في الفلوجة بالتنسيق مع الحكومة المحلية". وذكرت مصادر في قيادة عمليات الجيش بالأنبار لـ "العربي الجديد"، أن "الفلوجة غير خاضعة لها أمنياً"، مؤكدة أن "صلاحياتها الأمنية تنتهي عند حدود الفلوجة الغربية، المتمثلة بقرى النساف والحصي والسلام".

إلى ذلك، عقد مقاتلو عشائر الأنبار، أمس السبت، مؤتمراً صحافياً، دعوا من خلاله إلى دور أكبر للعشائر في إمساك الأرض بمدن المحافظة المحررة من "داعش". وفي هذا الصدد، قال الشيخ أحمد رديف خلال المؤتمر، إن "مقاتلي الأنبار سيكونون اليد المساندة والقوة الضاربة إلى جانب شرطة المحافظة، للوقوف بوجه داعش"، داعياً مجلس المحافظة إلى "تجاوز خلافاته وتقديم الخدمات للسكان المحليين".

وقد يكون وجود قوات أمنية من خارج محافظة الأنبار في الفلوجة، سبباً مباشراً في عودة الفوضى إلى المدينة، وفقاً للقيادي بتجمع العشائر المتصدية لـ"داعش" فاضل العيساوي، الذي رجّح بحديثٍ لـ"العربي الجديد"، قيام مليشيا "الحشد الشعبي" بحملات اعتقالات جديدة قد تطاول نازحين عائدين إلى الفلوجة. وأبدى العيساوي استغرابه من عدم منح العشائر الدور الذي يناسب حجمها في إمساك الأرض في المدن التي تتم استعادتها من "داعش"، رافضاً عزل مدينة الفلوجة أمنياً عن مدن محافظة الأنبار الأخرى.

النتيجة التي أفضى إليها الحديث عن عزل أمني للفلوجة عن الأنبار وربطها ببغداد، هي وجود سيناريوهات متضاربة، بحسب أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد حسان العيداني، الذي أشار إلى أن "أخطر هذه السيناريوهات هو المخاوف التي أطلقها زعماء محليون من احتمال حدوث تلاعب جغرافي بحدود الفلوجة المحاذية لحدود بغداد الغربية". وأكد خلال حديثه لـ "العربي الجديد" أن "هذا الأمر قد يؤدي إلى نزاع مسلح جديد في المدينة".

ولم يستبعد العيداني السيناريو الآخر، المتمثل باحتمال قيام مليشيا "الحشد الشعبي" بعمليات اعتقال قد تطاول النازحين العائدين إلى الفلوجة، معتبراً أن "وضع المدينة تحت سيطرة عمليات غرب بغداد في هذا الوقت، أمر فيه كثير من الحساسية، وهو بمثابة اللعب بالنار في منطقة لا تزال تعاني آثار احتلالها من قبل داعش لأكثر من عامين".

المساهمون