زادت أجهزة الأمن المصرية الحصار المفروض على مدينتي رفح والشيخ زويد، بدءاً بقطع المياه والكهرباء، وليس انتهاءً بمنع أهالي سيناء غير المقيمين فيها من الدخول إلى مناطق رفح والشيخ زويد. وأكدت مصادر قبلية وشهود عيان، لـ"العربي الجديد"، أن كمين الريسة التابع للجيش المصري، وهو بمثابة معبر يفصل مدينة العريش عاصمة محافظة شمال سيناء عن مدينتي رفح والشيخ زويد، يمنع دخول أي من سكان سيناء ممن تغيرت أماكن إقامتهم بسبب الأحداث الأمنية المتواصلة منذ أربع سنوات.
ويمنع هذا الإجراء، الأول من نوعه، أي مصري من دخول مناطق رفح والشيخ زويد، سوى أهلها، والذين يعانون من إجراءات تفتيش دقيقة في كل رحلة سفر من مناطق سكنهم وإليها، ما يصعب مهمة الخروج أو الدخول إلى المدينتين اللتين تعيشان ظروفا إنسانية صعبة. وإضافة إلى تقييد حركة السكان، فإن قوات الأمن المصرية، وخصوصاً قوات الجيش المنتشرة على عشرات الكمائن في الطريق من المدينتين وإليهما، تفرض تشديدات أمنية على حركة البضائع الأساسية لحياة السكان، عدا عن منع عشرات الأصناف من الدخول إلى المدينتين، من دون إبداء أسباب ذلك. المواطن جهاد عودة، الذي يعمل مدرساً في مدينة الإسماعيلية، وهو من سكان مدينة الشيخ زويد أصلاً، كان في طريقه إلى زيارة والديه في المدينة، إلا أنه فوجئ، صباح الأحد الماضي، بحديث للضابط المسؤول عن كمين الريسة بمنع إكماله رحلة السفر صوب الشيخ زويد. ويقول عودة، لـ"العربي الجديد"، "اعتدت زيارة الأهل في الشيخ زويد مرة كل شهر، لكنني تفاجأت حين حاولت الذهاب إلى مدينتي، بأن الضابط رفض إكمال السفر، وطلب مني العودة إلى الإسماعيلية حيث أقيم حالياً بسبب عملي". وأشار إلى أنه أجبر على تغيير محل إقامته إلى الإسماعيلية، والعمل في مدرسة خاصة، بسبب هدم الجيش المصري لمنزله خلال حملة عسكرية شنها على قريتهم قبل عامين، مؤكداً أنه حاول على مدار اليومين الماضيين دخول المدينة إلا أن طلبه قوبل بالرفض من قبل قوات تأمين كمين الريسة.
وأحدث هذا القرار مشادات بين المواطنين وقوات الأمن، ما دفع الأخيرة إلى إغلاق الكمين لعدة ساعات، وإرجاع عدد من السيارات إلى طابور الانتظار، بينما تكرر الموقف على مدار الأيام الماضية منذ بدء تطبيق القرار. يشار إلى أن كمين الريسة، السيئ السمعة، يضيق على أهالي سيناء حركتهم. ووفقاً لشكاوى متعددة لأهالي المنطقة والعابرين بها، فإنه يتعمد التعنت بإجراءاته التفتيشية التي تستمر لساعات، ما يؤخر المواطنين عن قضاء مصالحهم، وكذلك التضييق على الحركة التجارية من وإلى مدن محافظة شمال سيناء، طيلة السنوات الماضية. ويتواصل انقطاع التيار الكهربائي عن كافة مناطق رفح والشيخ زويد منذ أكثر من 50 يوماً على التوالي، من دون أي تحرك حكومي، أو من قبل قوات الأمن المسؤولة عن المناطق، بصفتها مناطق عسكرية، لحل الأزمة الإنسانية المتراكمة. وبحسب مصادر طبية في مستشفى العريش العسكري تحدثت لـ"العربي الجديد" فإن خسائر قوات الجيش خلال أسبوع واحد بلغت 12 قتيلاً و15 إصابة، بينهم ضباط في الجيش وأمناء شرطة، وتمثل ارتفاعاً في الخسائر البشرية لدى الأمن مقارنةً بالأسابيع الثلاثة التي سبقتها. وأشارت المصادر إلى أن قوات الأمن تعمدت عدم إصدار أي معلومات عن القتلى، أو عددهم، خلال الأيام الماضية، حتى لا تتعارض مع الحديث الإعلامي الإيجابي عن هجوم جنوب العريش. وأكدت أن هجوم الجيش على جنوب العريش أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 10 ضباط ومجندين في تفجيرات استهدفت الآليات، وكذلك بسبب عمليات القنص التي اعتمد عليها تنظيم "ولاية سيناء"، الموالي لتنظيم "داعش"، في صد الهجوم. وكان الجيش بدأ هجوماً منتصف يوليو/تموز الماضي في مناطق المسمي، وأبو طبل، وجنوب قرية السبيل، ومزارع الزيتون المنتشرة جنوب العريش، أحرز خلالها تقدماً ميدانياً، عبر فرض السيطرة على تلك المناطق ونصب كمائن ثابتة وارتكازات أمنية، خفّفت فعلياً من حجم الهجمات ضد قوات الجيش في تلك المنطقة.