انتقلت انتهاكات الجيش المصري من مدينتي الشيخ زويد ورفح إلى العريش، في اﻷيام الماضية، مع تكثيف مدفعية الجيش إطلاق القذائف العشوائية يومياً. كما ازدادت وتيرة القصف عقب هجرة العديد من الأسر المسيحية أخيراً، هرباً من جرائم تنظيم "ولاية سيناء". والأمور غير مقتصرة على القصف المدفعي، فمشاركة الطيران الحربي في عمليات القصف، عمّقت من معاناة أهالي العريش، تحديداً سكان المنطقة الجنوبية، بخلاف الحملات اﻷمنية والاعتقالات العشوائية وتفتيش المنازل. وأفاد شهود عيان، بوقوع إصابات في صفوف المدنيين إثر سقوط قذيفة مدفعية في اليومين الماضيين بجوار مركز الفواخرية الصحي بحي السمران في العريش، ما خلّف حالة من الفزع والرعب، ودفع الأهالي لترك منازلهم.
وفي وقت سابق، دعت "اللجنة الشعبية في العريش" المنبثقة عن اجتماع أهالي المدينة في دوار آل أيوب، إلى بدء أولى خطوات العصيان المدني في 11 فبراير/شباط الماضي، رفضاً للممارسات والانتهاكات من قبل قوات الجيش والشرطة، خصوصاً بعد تصفية 10 شباب، أغلبهم كان مختفياً بصورة قسرية. وكان مقرراً للجنة عقد اجتماع موسّع لكبار القبائل والعائلات في محافظة شمال سيناء، في 25 فبراير الماضي، لكن استهداف تنظيم "ولاية سيناء" للمسيحيين، وما ترتب عليه من فرار عشرات اﻷسر من العريش، أسفر عن تأجيل أي خطوات تصعيدية بشكل مؤقت. وكشفت مصادر قبلية، عن دراسة فكرة التواصل بين قيادات شعبية وكبار العائلات مع قيادات بالجيش المصري وأجهزة سيادية في الدولة، لوقف الانتهاكات ضد أهالي العريش.
ولفتت المصادر إلى أن "اﻷوضاع في العريش تنذر بتكرار سيناريو التهجير الطوعي لأهالي مدينتي الشيخ زويد ورفح، لناحية تكثيف القصف الجوي والمدفعي، ما دفع اﻷهالي إلى مغادرة تلك المواقع التي يستهدفها الجيش المصري". وأشارت إلى أنه "من غير المتوقع تراجع قوات الجيش عن سيناريو التصعيد غير المبرر تجاه أهالي العريش"، معتبرة أنها "محاولة للتغطية على الفشل في مواجهة تنظيم ولاية سيناء، ويدفع الثمن المدنيون، تحديداً النساء واﻷطفال". وتساءلت حول "الهدف من التصعيد العسكري تجاه المدنيين، لأن العناصر المسلحة لا تتواجد في المدينة، بل تنفذ عملياتها المسلحة وتغادر من دون اعتراض من قوات الجيش والشرطة". ودعت إلى "وقف هذه الانتهاكات فوراً لضمان تصاعد الغضب الشعبي، بما ينعكس بالسلب على دعم جهود الجيش في مواجهة اﻹرهاب".
وشددت على أنه "بشكل يومي يسقط ضحايا لعمليات القصف المدفعي والحملات اﻷمنية في مدينة العريش، وأغلبهم من النساء واﻷطفال، فالقصف يكون عشوائياً". ونوّهت المصادر إلى أن "سيناريو التصعيد حاضر بقوة لرفض استراتيجية التنكيل باﻷهالي، ولكن اتخاذ الخطوات أمر صعب حالياً، حتى لا يتهموا بالعمل لصالح التنظيمات المسلحة". واعتبرت أنه "من باب أولى توجيه هذه القذائف لمناطق تمركز المسلحين غير القريبة من مدينة العريش".
وتابع أنه "كي يتم الحصول على معلومات دقيقة حول تحركات العناصر الإرهابية، لا بد من دعم قبلي شعبي، وهذا ما لا يتوافر حالياً في ظل استعداء القبائل والعائلات الكبيرة، التي يمكنها مساعدة الجيش والشرطة". ولفت إلى "ضرورة الدفع بوحدات خاصة من الجيش والشرطة قادرة على التعامل مع التحديات الخطيرة في سيناء، وعدم الاكتفاء فقط بالجنود الذين لا يحصلون على قدر كافٍ من التدريب لمواجهة اﻹرهاب".