سيمو وربيكا وأميركا

13 يوليو 2015
+ الخط -
استأثرت علاقة بين مراهقين، مغربي وأميركية، باهتمام الصحافة المغربية والأميركية وأجهزة مخابرات البلدين، بعد أن أقدمت الفتاة ربيكا، ذات السبعة عشر ربيعا على الالتحاق بحبيبها الشاب القاصر، محمد، المغربي ابن الدار البيضاء، والذي يتقن اللغة الإنجليزية، على الرغم من انتمائه لوسط شعبي. واستطاع أن يدفع الشابة الأميركية التي ستصل بعد أشهر إلى السن القانوني، إلى إرغام والديها على التصريح بسفرها إلى الدار البيضاء للقاء السيمو (الصيغة التحبيبية لمحمد).
لكن هذا اللقاء بين قيس المغربي وليلى الأميركية، لم يكن ليمر بسلام، فقد بعثت تدوينة لصديقة للشابة الأميركية وزميلتها في المدرسة الشكوك، أن ربيكا قد اختفت بعد وصولها إلى الدار البيضاء، وأنها قد تكون تعرضت لاختطاف من جهات متطرفة.
سارعت القنصلية الأميركية، في زمن داعش، إلى الدخول على الخط، واستطاعت الوصول إلى الفتى والفتاة، وهما في بداية علاقاتهما الواقعية، بعد أشهر من الحياة الافتراضية على "فيسبوك" و"سكايب"، ولم تترك لهما مزيدا من الوقت لتوطيد علاقة شابين في مقتبل العمر، وجدا نفسيهما معلقين في حبال مخاوف كثيرة.
أقنعت الأجهزة الشابين اليافعين بأن وجودهما على هذا النحو يعرض حياتهما للخطر، وأن من الأفضل لربيكا أن تعود أدراجها إلى عائلتها. وهكذا قام موظفو القنصلية الأميركية في الدار البيضاء بترحيل مواطنتهم من المغرب، من دون أن يسمحوا للشاب السيمو الذي أصبح مشهوراً، بفضل تحوله إلى مادة إعلامية مغرية، بلحظة وداع في مطار محمد الخامس في الدار البيضاء.
أقنعوه بأن الشابة إذا كانت تحبه حقيقة، ستعود إليه بعد بضعة أشهر تبقت لها على دخول السن القانوني الذي يسمح لها بالتنقل بكل حرية، من دون حاجة موافقة من والديها.
والآن، يمنّي قيس المغربي النفس بلقاء مع الأميركية، ليس له معين إلا لغته الإنجليزية التي شكلت جسر تواصل بينه وبين ربيكا، ومواقع التواصل الاجتماعي التي لم تعد حالة افتراضية، بل تحولت إلى أداة فعالة لنقل الافتراضي إلى الواقعي، ليس في الحب وحده، بل في الحرب أيضا.
لقد بدا وكأن المخابرات الأميركية لسعت بحشرة، وهي تسابق الوقت للوصول إلى الفتاة المراهقة المتولهة بالشاب المغربي. ولم تصدق أن الأمر يتعلق بعلاقة حب لا تخفي شيئا. فنشر خبر زائف عن تعرض ربيكا للاختطاف بعد وصولها إلى الدار البيضاء لم يجعلها تتراخى وتتعامل مع الأمر على أنه خبر كيدي، بل تحركت على وجه السرعة ووصلت إلى بيت الشاب وعائلته في الحي الشعبي، وقطعت عليهم رحلة استجمام في مدينة الصويرة التي تبعد عن الدار البيضاء بحوالى 400 كيلومتر، وأرغمتهما على العودة وإقناع الفتاة بأن هناك خطرا محتملا على حياتها، وأن المصالح الأميركية تولت أمرها، وسيجري إنهاء القصة وإعادتها إلى بلدها في أول طائرة.
طبعا، بعد حصول تلك التطورات، لم يعد أحد يلتفت إلى الفتى، إلا من حيث كونه مادة للاستهلاك الإعلامي، حيث أصبح يطلق عليه لقب "الطياحِ"، أي الفتى المغوي الذي يستطيع إسقاط أجمل الفتيات المتمنعات، من دون الانتباه إلى الأداء السريع للمخابرات الأميركية، التي استطاعت تطويق القصة، قبل أن تتفاعل من حالة حب عادي، إلى كارثة، إذا ما وقع الشابان اليافعان عديما الحيلة بين أيدي جهات متطرفة، أو حدث لهما حادث عرضي، يمكن أن يجري استغلاله على أنه عمل إرهابي، في منطقة عربية تغلي وتتطاير فيها الرؤوس والجثت باسم راية التطرف السوداء.
ربحت أميركا فتاتها، وما على الشاب المغربي سوى التحلي بصبر الانتظار، فلسهم الحب قوس يرميه!
6A0D14DB-D974-44D0-BAC8-67F17323CCBF
حكيم عنكر
كاتب وصحافي مغربي، من أسرة "العربي الجديد". يقول: الكرامة أولاً واخيراً، حين تسير على قدميها في مدننا، سنصبح أحراراً..