وكُلف الشيخ صباح الخالد الصباح بتشكيل الحكومة بعد استقالة الحكومة السابقة واعتذار رئيسها الشيخ جابر المبارك الصباح عن تشكيل حكومة جديدة لحين تبرئة اسمه من الاتهامات التي وجهها له وزير الدفاع السابق الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح، وفق ما جاء في رسالة الاعتذار التي أرسلها المبارك إلى أمير البلاد.
واجتمع رئيس الوزراء الجديد برئيس البرلمان، مرزوق الغانم، كممثل للسلطة التشريعية، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء يوسف المطاوعة، كممثل للسلطة القضائية وذلك للاتفاق على ما وُصف بأنه ملامح المرحلة المقبلة.
وللمرة الأولى في تاريخ الكويت، تشهد الحكومة فراغاً في أربع وزارات مهمة وسيادية، وعلى رأسها وزارتي الدفاع والداخلية، اللتان أعفى أمير البلاد وزيريهما وهما ابنه الشيخ ناصر صباح الأحمد والشيخ خالد الجراح الصباح من منصبيهما، للمرة الأولى في تاريخ الكويت السياسي، وذلك بسبب "حرب البيانات" بينهما، حيث اتهم الشيخ ناصر الشيخ خالد الجراح بالتورط في قضايا فساد، فيما اتهم الجراح ناصر صباح باستخدام القضية كورقة ضغط سياسية.
كما أن منصب وزير الخارجية بات شاغراً بعد تكليف وزير الخارجية برئاسة الوزراء، وكذلك منصب وزير المالية، حيث تعد السلطات الكويتية العدة لترشيح الوزير السابق نايف الحجرف ليصبح أميناً عام لدول مجلس التعاون الخليجي خلفاً للبحريني عبد اللطيف الزياني.
وبات من المؤكد تعيين الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح، نجل رئيس الوزراء الكويتي السابق، في منصب وزير الخارجية، كما أن رئيس الوزراء عرض منصب وزارة الداخلية على الشيخ محمد اليوسف الصباح، وهو وكيل وزارة الداخلية سابقاً، فيما لا تزال الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) وهي الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين الكويتية مترددة في الدخول في التشكيل الحكومي عبر أحد ممثليها في البرلمان وهو النائب محمد الدلال.
ويقتضي البروتوكول السياسي في الكويت تعيين نائب في البرلمان كوزير في الحكومة يطلق عليه الوزير "المحلل"، في وقت لمّحت مصادر داخل الحكومة الكويتية لـ"العربي الجديد" بأن هذا الوزير سيكون النائب راكان النصف، وهو ممثل للتيار الليبرالي التجاري في الكويت، حيث إن تعيينه سيتم بتوصية من رئيس البرلمان مرزوق الغانم.
واعترف رئيس مجلس الوزراء الجديد في لقاء جمعه برؤساء الصحف الكويتية قبل أيام بصعوبة تشكيل الحكومة الجديدة، وذلك بسبب رفض السياسيين المشاركة فيها لعلمهم بأنها "حكومة مؤقتة لن تستمر لأكثر من عام واحد حتى موعد الانتخابات البرلمانية القادمة"، بحسب قوله.
وقال رئيس مجلس الوزراء إن الحكومة القادمة ستكون برئيس جديد لمدة أربع سنوات كما هو العرف، وذلك في تلميح لعدم استمراره في رئاسة الحكومة، خصوصاً وأنه اعتذر في المرة الأولى عن تولي منصب رئاسة الوزراء، لكن الضغط السياسي من قبل القيادة أدى به إلى قبولها.
وسيكون رئيس مجلس الوزراء الجديد مطالباً بحل عدد من الأمور أبرزها قضية "البدون" والتي أصدر أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح أمراً بحلها في غضون عام واحد، وكلف رئيس البرلمان بالتعاون مع الحكومة لإيجاد صيغة قانون تنهي هذه المشكلة، إضافة إلى المشكلة التي تسببت باستقالة الحكومة السابقة، وهي شبهات التجاوزات المالية في عدد من صفقات وزارة الدفاع العسكرية، مما قد يشعل فتيل الصراع من جديد بين أقطاب الحكومة الكويتية ويدفع عدداً من المتورطين للتخطيط لإسقاط الحكومة من جديد.
وفي السياق، تحاول المعارضة الكويتية التفاوض مع رئيس مجلس الوزراء الجديد لإقرار قانون عفو عام تجاه الجرائم السياسية التي ارتكبت ما بين أعوام 2011 و2015 وهي الأعوام التي نزلت فيها المعارضة الكويتية إلى الشارع واحتجت عدة مرات على مرسوم الصوت الواحد الانتخابي، وحل مجلس الأمة لعام 2012 والذي سيطرت عليه الأغلبية المعارضة، قبل أن تقوم السلطات باحتوائها عبر سجن بعض قادة المعارضة وعلى رأسهم النائب السابق مسلم البراك.
لكن رئيس مجلس الوزراء لم يعلق على مطالب العفو العام، والتي تشمل قضية دخول مجلس الأمة واقتحامه على يد المعارضين عام 2011 احتجاجاً على وجود شبهات فساد تحوم حول حكومة رئيس الوزراء الأسبق ناصر المحمد الصباح، في إشارة إلى أن مسألة العفو بيد القيادة السياسية في البلاد فقط.