05 نوفمبر 2024
سيادة العراق الإيرانية
فجأة، اكتشفت النخب الحاكمة في بغداد أنهم يحكمون بلدا اسمه العراق، وأن لكل بلد سيادة، على أرضه وسمائه ومياهه، وارتفعت وتيرة الغيرة العراقية إلى مستوياتٍ غير مسبوقة منذ عام 2003، يوم أن دخلت أميركا، بقضها وقضيضها، إلى بلدهم، واحتلته، وفككت مؤسساته، وتركت خيراته نهباً لها وللسرّاق أمثالها، ممن جاءت بهم.
فجأةً، اكتشف هؤلاء أن عليهم واجب حماية أرض الوطن، وأن عندهم جيشاً يسمى سور الوطن، يجب أن يأخذ على عاتقه حماية الحدود، وأن لديهم وزارة اسمها الخارجية، يجب أن تتعامل وتفعل كل أساليبها الدبلوماسية، إذا ما انتهكت حرمة الأراضي العراقية، وأن لديهم إعلاماً قادراً على أن" يهيج" الرأي العام العالمي والمحلي.
تذكّر هؤلاء كلهم، ممن يتسيدون المنطقة الخضراء في بغداد، ويحكمون من خلال مايكروفوناتها، أن السيادة خط أحمر، وأن الدولة التي تستهين بتلك السيادة لا تسمى دولةً، ولا يحق لها أن ترفع رأسها بين الأمم. تذكّروا أن الوطن بلا سيادة كبيت بلا أبواب، أو نوافذ، تحجب عن الآخرين تفاصيله.
كل هذه الصحوة والغيرة العراقية التي تفجرت في دماء هؤلاء جاءت في أعقاب عملية تبديل تركيا قواتها الموجودة قرب الموصل منذ عام ونصف العام، بعلم حكومة بغداد، على الرغم من نفيها المتكرر، وبعلم وتسهيلات كبيرة من حكومة إقليم كردستان العراق التي تعتبر الحاكم الفعلي لتلك المناطق، وليس الجالسين أمام شاشات فضائياتهم التي تلمع صورهم في المنطقة الخضراء.
قد يبدو الأمر غريباً، فكيف لمن سكت عن دخول الغزاة والمحتلين الأميركان بلاده أن تستثيره بضع مئات من الجنود، يقال إن هناك اتفاقاً مسبقاً بين أنقرة وبغداد لدخولهم. قد يبدو الأمر غريباً، فكيف لمن سكت عن استباحة نصف مليون إيراني بوابة الحدود العراقية مع إيران، قبل الدخول التركي بأيام، أن يصرخ عالياً على دخول جنود أتراك، وفقا لاتفاق على الأقل مع إقليم كردستان العراق، الذي يعتبر (أو يفترض) جزءاً من الحكومة الاتحادية في بغداد.
ولكن، من يعرف حقيقة ما جرى ويجري في العراق، منذ 2003، يدرك جيداً أن الموجودين في المنطقة الخضراء ليسوا سوى بيادق، فهم من رفعوا أيديهم يحيون جحافل الغزاة عام 2003، بل ساعدوا تلك القوات وساندها وعاونها، وهم من أدخلوا الإيراني، بساسته وعسكره إلى بغداد، وهم من جعلوا صور الخميني الذي حارب العراق ثمانية أعوام، قبل أن يتجرّع سم الهزيمة، ترتفع عالياً في بغداد والنجف والبصرة، وهم من منحوا إيران حق السيادة العراقية كاملاً، وباتت غربانها تسرح وتمرح، من دون أن ترف عين السيادة لدى إمعات المنطقة الخضراء.
يعلم الكل أن إيران هي الحاكم الفعلي في العراق، ولا لغة تسود غير الفارسية التي تريد أن تسترجع أمجاد فارس وكسرى، يوم أن كانت المدائن قرب بغداد عاصمة امبراطوريتهم التي هدمها الإسلام. الكل يعلم أن الاحتجاج والصراخ والتهديد والوعيد، الذي خرجت أصداؤه من بغداد عالية ضد الوجود التركي، ما كان ليكون، لولا العصا الإيرانية التي تسوق قطيعها في المنطقة الخضراء.
وإلا، هل يعقل أن تسكت هذه الغيرة على السيادة العراقية، يوم أن ترى نصف مليون إيراني يخترقون الحدود، وتصرخ عندما يقترب من حدودها تركي؟ هل يعقل أن العيون التي شاهدت دخول قوات تركية إلى أراضٍ عراقية، عميت عن المشاهد المؤلمة والصارخة ليس فقط لدخول نصف مليون زائر إيراني عنوة حدود العراق، وإنما أيضاً عميت عن وجود جنرال السوء، قاسم سليماني، على جبهات القتال.
القصة، يا سادة يا كرام، أن العراق، فعلا كما يقول الإيرانيون، عاد إلى حضن بلاد فارس، شاء من شاء وأبى من أبى. القصة أن إيران تدرك أن بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء ما عادت تتقن الحديث بالعربية، بعد أن تفرّست، وما عاد من يتحكّم بمصيرها يعرف التمييز بين العين والغين، وبين المؤنث والمذكر.
الغيرة التي ارتفعت في رؤوس من لا غيرة لديهم، يوم أن داست أقدام الغزاة بلادهم، إيرانية على ما تعتقد أنها أرضها وامتداد إمبراطورتيها القديمة التي تسعى إلى استعادتها.
لا يمكن ان تتجزأ السيادة، فإما سيادة بوجه الكل، تحمي أرض العراق، بمياهه وسمائه وترابه، أو أن تخرس الألسن التي أودت بالعراق إلى هاويته، وأن لا يتاجر عديمو الشرف بالشرف، فمن فتح ذراعيه لاستقبال محتل، لا يمكن أن يحمل ذرة شرف وغيرة، ترتفع على جبينه بوجه محتل آخر.
فجأةً، اكتشف هؤلاء أن عليهم واجب حماية أرض الوطن، وأن عندهم جيشاً يسمى سور الوطن، يجب أن يأخذ على عاتقه حماية الحدود، وأن لديهم وزارة اسمها الخارجية، يجب أن تتعامل وتفعل كل أساليبها الدبلوماسية، إذا ما انتهكت حرمة الأراضي العراقية، وأن لديهم إعلاماً قادراً على أن" يهيج" الرأي العام العالمي والمحلي.
تذكّر هؤلاء كلهم، ممن يتسيدون المنطقة الخضراء في بغداد، ويحكمون من خلال مايكروفوناتها، أن السيادة خط أحمر، وأن الدولة التي تستهين بتلك السيادة لا تسمى دولةً، ولا يحق لها أن ترفع رأسها بين الأمم. تذكّروا أن الوطن بلا سيادة كبيت بلا أبواب، أو نوافذ، تحجب عن الآخرين تفاصيله.
كل هذه الصحوة والغيرة العراقية التي تفجرت في دماء هؤلاء جاءت في أعقاب عملية تبديل تركيا قواتها الموجودة قرب الموصل منذ عام ونصف العام، بعلم حكومة بغداد، على الرغم من نفيها المتكرر، وبعلم وتسهيلات كبيرة من حكومة إقليم كردستان العراق التي تعتبر الحاكم الفعلي لتلك المناطق، وليس الجالسين أمام شاشات فضائياتهم التي تلمع صورهم في المنطقة الخضراء.
قد يبدو الأمر غريباً، فكيف لمن سكت عن دخول الغزاة والمحتلين الأميركان بلاده أن تستثيره بضع مئات من الجنود، يقال إن هناك اتفاقاً مسبقاً بين أنقرة وبغداد لدخولهم. قد يبدو الأمر غريباً، فكيف لمن سكت عن استباحة نصف مليون إيراني بوابة الحدود العراقية مع إيران، قبل الدخول التركي بأيام، أن يصرخ عالياً على دخول جنود أتراك، وفقا لاتفاق على الأقل مع إقليم كردستان العراق، الذي يعتبر (أو يفترض) جزءاً من الحكومة الاتحادية في بغداد.
ولكن، من يعرف حقيقة ما جرى ويجري في العراق، منذ 2003، يدرك جيداً أن الموجودين في المنطقة الخضراء ليسوا سوى بيادق، فهم من رفعوا أيديهم يحيون جحافل الغزاة عام 2003، بل ساعدوا تلك القوات وساندها وعاونها، وهم من أدخلوا الإيراني، بساسته وعسكره إلى بغداد، وهم من جعلوا صور الخميني الذي حارب العراق ثمانية أعوام، قبل أن يتجرّع سم الهزيمة، ترتفع عالياً في بغداد والنجف والبصرة، وهم من منحوا إيران حق السيادة العراقية كاملاً، وباتت غربانها تسرح وتمرح، من دون أن ترف عين السيادة لدى إمعات المنطقة الخضراء.
يعلم الكل أن إيران هي الحاكم الفعلي في العراق، ولا لغة تسود غير الفارسية التي تريد أن تسترجع أمجاد فارس وكسرى، يوم أن كانت المدائن قرب بغداد عاصمة امبراطوريتهم التي هدمها الإسلام. الكل يعلم أن الاحتجاج والصراخ والتهديد والوعيد، الذي خرجت أصداؤه من بغداد عالية ضد الوجود التركي، ما كان ليكون، لولا العصا الإيرانية التي تسوق قطيعها في المنطقة الخضراء.
وإلا، هل يعقل أن تسكت هذه الغيرة على السيادة العراقية، يوم أن ترى نصف مليون إيراني يخترقون الحدود، وتصرخ عندما يقترب من حدودها تركي؟ هل يعقل أن العيون التي شاهدت دخول قوات تركية إلى أراضٍ عراقية، عميت عن المشاهد المؤلمة والصارخة ليس فقط لدخول نصف مليون زائر إيراني عنوة حدود العراق، وإنما أيضاً عميت عن وجود جنرال السوء، قاسم سليماني، على جبهات القتال.
القصة، يا سادة يا كرام، أن العراق، فعلا كما يقول الإيرانيون، عاد إلى حضن بلاد فارس، شاء من شاء وأبى من أبى. القصة أن إيران تدرك أن بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء ما عادت تتقن الحديث بالعربية، بعد أن تفرّست، وما عاد من يتحكّم بمصيرها يعرف التمييز بين العين والغين، وبين المؤنث والمذكر.
الغيرة التي ارتفعت في رؤوس من لا غيرة لديهم، يوم أن داست أقدام الغزاة بلادهم، إيرانية على ما تعتقد أنها أرضها وامتداد إمبراطورتيها القديمة التي تسعى إلى استعادتها.
لا يمكن ان تتجزأ السيادة، فإما سيادة بوجه الكل، تحمي أرض العراق، بمياهه وسمائه وترابه، أو أن تخرس الألسن التي أودت بالعراق إلى هاويته، وأن لا يتاجر عديمو الشرف بالشرف، فمن فتح ذراعيه لاستقبال محتل، لا يمكن أن يحمل ذرة شرف وغيرة، ترتفع على جبينه بوجه محتل آخر.