أدخل فيروس كورونا الفنادق العائمة في مصر في "الحجر الصحي"، بينما يعيش قطاع السياحة، الذي يعدّ مصدراً رئيسياً للنقد الأجنبي حالة من الارتباك الشديد، بسبب انتشار الفيروس، وإقدام الكويت على وقف جميع الرحلات مع مصر وإجلاء رعاياها، وسط مخاوف من اتساع قائمة الإغلاقات لتشمل دولاً رئيسية مصدرة للسياحة، إلى البلد الذي يواجه ضغوطاً مالية متزايدة.
وقالت مصادر في قطاع السياحة لـ"العربي الجديد" إن معدلات الإشغال في الفنادق العائمة في محافظتي أسوان والأقصر (جنوب) هوت وكادت تنعدم، خاصة بعد تسجيل 33 حالة مصابة بفيروس كورونا على متن باخرة سياحية قادمة من أسوان إلى الأقصر.
وأشارت المصادر إلى أنه تم إلغاء أغلب الحجوزات في الفنادق العائمة، لافتة إلى أن ظهور كورونا يمثل ضربة موجعة للسياحة في الأقصر وأسوان، اللتين تعانيان بالأساس منذ نحو عشر سنوات من تراجع حاد في أعداد الزائرين.
وأضافت أن هيئة تنشيط السياحة واتحاد الغرف السياحية أعلنا حالة الطوارئ، وعقد اجتماعات مستمرة، لبحث سبل مواجهة تداعيات كورونا على القطاع. ووفق بيانات صادرة عن البنك المركزي في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بلغت إيرادات السياحة خلال العام المالي 2018/ 2019، الذي انقضى بنهاية يونيو/ حزيران الماضي، 12.6 مليار دولار، بزيادة 28 في المائة عن العام السابق عليه.
وقال محمد سليم، الذي يعمل مرشداً سياحياً، إن "العاملين في القطاع أصبحوا بين نارين، إما أن يتوقفوا عن العمل ويتعرضوا للبطالة ويعود منحنى خسائر القطاع للصعود مرة أخرى، أو يستمروا في أعمالهم مع أخذ الاحتياطات الصحية".
وأضاف سليم: "سأستمر في العمل مع أخذ الاحتياطات الصحية اللازمة، نكتفي بتحية السائحين عن بعد، كما أن عبوات المطهرات الصغيرة لم تعد تفارق جيبي".
وبدأت أزمة قطاع السياحة تتبلور منذ نهاية فبراير/ شباط الماضي، حينما أعلنت وزارة الصحة الفرنسية، تسجيلها حالتي إصابة بكورونا كانتا في رحلة سياحية إلى مصر.
ويتزايد القلق في القطاع مع اتباع بعض الدول إجراءات لمنع السفر من وإلى مصر. فقد أعلنت الكويت، أمس السبت، وقف الرحلات الجوية إلى 7 دول لمدة أسبوع، منها مصر. كذلك ذكرت وكالة الأنباء الكويتية أن سفارة الكويت في القاهرة تهيب بمواطنيها التواصل معها لتنظيم عودتهم إلى بلدهم.
ولا تقتصر التداعيات المتوقعة على قطاع السياحة في مصر وإنما على العديد من القطاعات الإنتاجية والخدمية المرتبطة بالسياحة، ما يزيد من الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد المصري منذ أشهر طويلة.
وأظهرت مؤشرات اقتصادية سيطرة الانكماش على القطاع الخاص غير النفطي، للشهر السابع على التوالي في فبراير/ شباط الماضي، ما يُنذر بدخول البلاد في أزمة اقتصادية واجتماعية، خاصة مع ارتفاع معدلات الفقر إلى مستويات غير مسبوقة، جراء السياسات التي يتبعها نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ قرابة 6 سنوات.
وسجل مؤشر مديري المشتريات الصادر عن مؤسسة "أي اتش اس" ماركت العالمية للأبحاث، الأسبوع الماضي، 47.1 نقطة، متأثراً بتراجع الإنتاج والطلبات الجديدة والتوظيف. ويعني انخفاض المؤشر عن مستوى 50 نقطة أن ثمة انكماشاً، في حين أن تخطيه هذا المستوى يشير إلى التوسع.
ويسهم القطاع الخاص بأكثر من 80 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي. ووفق تقرير صادر عن مؤسسة الأبحاث العالمية، فإن الشركات اضطرت إلى خفض أسعار السلع والخدمات للشهر الثالث على التوالي، إلا أن معدل الطلب واصل تراجعه، لافتاً إلى أن "توقعات الشركات بشأن الإنتاج المستقبلي إيجابية، لكنّها تراجعت إلى أدنى مستوى في 5 أشهر".
ومع انخفاض نشاط القطاع الخاص، فإن الموارد المالية للدولة، من الضرائب والرسوم المختلفة، قد تتراجع، ما يزيد من الضغوط المالية التي تواجهها الحكومة.