سوق التنزيلات النفطية

16 يناير 2015
مشترو النفط في وضع مريح ما يدفعهم للمطالبة بالتنزيلات(أرشيف/Getty)
+ الخط -
السوق النفطية تحولت إلى سوق مشترين، يكثر فيها الطلب ويقل العرض، وبالتالي نلاحظ التنزيلات الهائلة التي تمنحها الدول المصدرة للبترول إلى المشترين في آسيا. كل شهر نلاحظ أن الحسومات تتزايد، بدأت بدولار على البرميل، ثم دولارين، والآن أكثر من 3 دولارات. وهذه الحسومات التي باتت أشبه بتنزيلات المحلات التجارية في أيام الأعياد، تمنح إشارة مهمة إلى أن "سباق الحفاظ على الحصص" في سوق النفط العالمية، وإرضاء الزبائن بأي ثمن، هو العامل المسيطرعلى المنتجين. وما زاد الوضع سوءًا أن النفط الصخري الأميركي الخفيف عالي الجودة، أصبح يصدر إلى الأسواق الآسيوية، وبالتالي يضغط على الخامات الخفيفة الأفريقية.
وحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية، فإن صادرات النفط الصخري إلى آسيا بلغت أكثر من نصف مليون برميل يومياً في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وكلما زادت صادرات النفط الصخري عالية الجودة إلى المصافي الآسيوية الحديثة، قلت واردات آسيا من الخامات النيجيرية والجزائرية الخفيفة. وزادت الحسومات التي تمنحها الدول الخليجية على الخام العربي الخفيف، وبالتالي تنخفض أسعار خام برنت البريطاني أكثر.
فالسوق النفطية تعاني، منذ مدة، من تخمة في الإنتاج، ويزداد المعروض النفطي. والآن تتزايد هذه التخمة مع سباق المنتجين على الحصص والزبائن، ويرتفع النفط المعروض في السوق من "أوبك" وخارجها.
ويلاحظ أن دول "أوبك" الضعيفة مالياً تنتج بأقصى طاقتها، لتعويض جزء من دخلها المفقود، بسبب انخفاض الأسعار، وتمنح أكبر حسومات للمشترين. فالإنتاج العراقي ارتفع إلى 3.72 ملايين برميل يومياً، وفنزويلا ونيجيريا تنتجان بدون حساب. كما أنتجت "أوبك"، 30.720 مليون برميل يومياً، مقارنة بسقف إنتاجها المقدر بـ30 مليون برميل يومياً. وخارج منظمة "أوبك"، فإن روسيا تنتج بأعلى طاقتها، حيث أنتجت 10.54 ملايين برميل في شهر ديسمبر/كانون الأول، في محاولة لدعم الروبل، وإنقاذ مستقبل الرئيس بوتين، الذي بات يتأرجح تبعاً لتأرجح أسعار النفط المنهار. وفي أميركا، تسعى شركات النفط الصخري، التي تخنقها الديون ويعصرها انعدام السيولة، إلى حلب أكبر كميات ممكنة من آبارها المنتجة، في سباق مع الإفلاس الذي يطاردها منذ تدهور أسعار النفط تحت مستوى 60 دولاراً.
أمام هذا المشهد، يوجد مشترو النفط في وضع مريح ويطالبون بالتنزيلات، وينتقون الأفضل من الخامات، وتواصل الأسعار رحلة الانهيار والاضطراب. ولا يبدو أن سفينة الأسعار التي تبحر نحو المجهول سترسو في بر الاستقرار قبيل نهاية النصف الاول من العام الجاري، على أقل تقدير.
المساهمون