سوزان علي: لا أجيد الدق على الطبول

26 نوفمبر 2018
من عرض "كحل عربي" (العربي الجديد)
+ الخط -
قامت الشاعرة والكاتبة السورية سوزان علي بإخراج عرضها المسرحي الأول "كحل عربي"، وقدمت مسرحيتها في دمشق في غاليري "مصطفى علي"، في فضاء مسرحي بديل، لطالما لجأ إليه المسرح المستقل في سورية. وفي لقاء خاص لـ"العربي الجديد" مع علي، دار الحوار التالي: 

ما هو العمل الفني المستقل بالنسبة لك؟ وما هي الصعوبات التي تواجه الفن المستقل في الداخل السوري؟
أظن أن الفن كعمل يغدو بعيداً عني، حتى في ديوان الشعر الذي صدر عن "دار المتوسط" 2017، وحتى في العرض المسرحي الأول الذي قدمته في دمشق. وإن قرأتني جيداً بين صفحات صحيفة "جيرون" التي أكتب فيها منذ سنتين، سيكون واضحاً أنني لا أعيش الفن أو الأدب، دعنا نقول كعمل أو وسيلة؛ لقد صار شقفة من لحمي عبر يوميات بسيطة تؤرشفها امرأة من وراء زجاج النافذة، أو في باص النقل الداخلي، أو عند الجلوس في حديقة عامة. أن تعيش الكتابة في دمشق أمر جيد وسيئ في الوقت ذاته، فلولا هذه الهوامش العبثية لم تكن تلك الفضاءات لتتفرّد بذاتها، وتنبش تفاصيلها بحثاً عن حياة أو جذر أخضر، وأحب هذا التضاد، أو دعني أسميه الخصوصية التي تتحدى الخارج وتسبح في عوالمها؛ فشعور الغربة سيلاحقني أينما كنت وأينما وجدت، ولا أحب الصراخ بقدر ما يغريني أن أمشي بين أشواك وحواف حادة لأصل إلى تلك الصرخات المحشورة في صدور الكثيرين. لست أفضل من الجميع، فالكل هنا يبدأ يومه مثلي ويقاتل من أجل أن يبقى طموحه على قيد الحياة، بدءًا من عامل النظافة، وانتهاءً بموظفة في الأحوال الشخصية. وفي بداية العمل على مشروعي المسرحي الأول، شعرت بمعنى تلك الأشياء جميعاً، كيف ستخرج مسرحيتك خارج المسرح؟ وما الذي فعلته لهذا البلد كي يرفضك ويبعدك عن ما تحبه؟ ومع هذا لم أتخيل أن تكون "كحل عربي" معروضة في مكان آخر غير دمشق، هذه المدينة التي تكرهنا بقدر حبنا لها. بقائي في دمشق كان حافزاً لدي كي أتدرب جيداً على لقاء التفاصيل بعناق حار في كل مرة. كأنني أنام، وأرى مناماً للمرة الأولى، وكأنني أبتعد عن بيتي، وأنا في داخله أعيش. لذلك، ربما جاءت مجموعتي الشعرية "المرأة التي في فمي" بمثابة أنطولوجيا للذات، وتنقلاتها بين أطوار ملتبسة علي. وفي النهاية، هذا القلق لن يطوف في جسد آخر، ولو أنني أحب أن أعيره ليوم واحد إلى أحد المارة. لكن، صارت لدي قناعة، كالحرب في دمويتها، أن ما ولدته في دمشق هذه الفترة لم يكن لينمو في مكان آخر، ربما كنت سأكتب عن أشياء لا أعرفها، ولكن الهامش منحني أكثر مما أتوقع.



أنتِ تمارسين الكتابة منذ 8 سنوات، فما الذي دفعك مؤخراً لتخوضي تجربة الإخراج المسرحي؟ وما الذي أضافه إليكِ المسرح كفضاء للتواصل مع الجمهور؟
لا أعلم ما الذي قادني إلى الإخراج، ربما كتبت النص فوق الورق بأدق تفاصيله وكأنني كنت أخرجه ورقياً، فلم أتردد في أن تخرج رؤيتي من النص إلى الخشبة، خاصةً أن العرض ينتمي إلى نمط المونودراما، الأمر الذي وجدته مثيراً وصعباً ومليئاً بالتحديات، بقدر خصوصيته وتماسّه المباشر مع حالاتي كامرأة بقدر ابتعاده وغربته عما تخيلته بعد أن صارت ممثلة العرض (روجينا رحمون) تقلب وتنبش الشخصية بحثاً عن حلول وإجابات وتطورات، وهذا ما أحببته في المسرح؛ أن تعمل كفريق جماعي على تشكيل تلك الكلمات والحركات في قالب واحد يحمل أمزجة مختلفة، ويسير في الوقت ذاته ضمن "ميزانسين" واحد. المسرح هو اجتماع الشعر والموسيقى والضوء والصوت والأزياء والديكور والحوار فوق الخشبة، هذا الشغف كان يجدد طاقتي كل يوم للتجريب والابتكار والحذف أيضاً.

بالنسبة لعرض "كحل عربي"، ما هي الرسالة التي حاولت إيصالها من خلال العرض؟
لم أقدم كحل عربي بناءً على واجب أو رسالة. العالم مشوه حولنا بما يكفي كي يخنق حتى هذه المدارس التي تربينا عليها. كل ما في الأمر، أنه كان هناك شعرة بين البيت والخارج في حياة امرأة، جاءت الحرب وأحرقت تلك الشعرة.
دلالات
المساهمون