سوريون يقعون ضحايا لتجار البشر برحلة الوصول إلى أوروبا

14 سبتمبر 2018
يغامرون بحياتهم بحثاً عن واقع أفضل (Getty)
+ الخط -
يُقدِم آلاف السوريين سنوياً على رحلات صعبة ومحفوفة بالمخاطر، من أجل تحقيق حلم الوصول إلى أوروبا، ويغامرون بحياتهم، إمّا بحراً أو براً، بحثاً عن واقع أفضل، في الوقت الذي يستغل فيه تجار البشر هذه الظروف وينتهزون الفرصة لإقناع المهاجرين بجدوى هذه المغامرة، قبل أن يكتشفوا أنهم سقطوا ضحايا نصب سماسرة وشبكات خداعهم الذي لا ينتهي.

محمد إدلبي (48 عاما)، واحد ممن اكتووا بنار سماسرة البشر، أيام عصيبة وشاقة قضاها بعد قراره التوجه إلى أوروبا، سعيا وراء حياة أفضل وبغية لمّ شمل أسرته، إذ عبر إلى تركيا بعد تخطيطه الذهاب برا باتجاه اليونان ثم إلى السويد.

يحكي "الأربعيني" لـ "العربي الجديد" أنه بعد وصوله إلى تركيا حصل على بطاقة الحماية المؤقتة، ثم استخرج إذناً للسفر لدواعٍ صحية كي يتمكن من التوجه إلى مدينة إسطنبول، نقطة الانطلاق التي حددها أحد سماسرة البشر لنقله منها إلى اليونان، وبالفعل عند وصوله، حدد له السمسار موقع الانطلاق المقرر حينها ليلا، لتأتي سيارات مغلقة وتسير به مع عدد من الشبان السوريين إلى الحدود التركية اليونانية، ويعبروا الشريط الحدودي بتنسيق مع مجموعة ثانية من تجار البشر في اليونان.

ويتابع "بالفعل بعد وصولي تم نقلي إلى مطار أثينا، حيث حصلت على جواز سفر مجري مع حجز طائرة إلى هناك، وبعدها، وعند الصعود إلى الطائرة، ألقي القبض علي من قبل شرطة ألمانية تعمل في المطار، ليصدر قرار بإعادتي إلى تركيا، حيث تعاطف معي أحد الضباط اليونانيين من أصول تركية، ليساعدني في العودة إلى تركيا والبقاء هناك كي لا يتم ترحيلي إلى إدلب".

ويضيف "أبعدني الضابط بطريقته عن دورية حرس الحدود التركية، كي لا يعيدوني إلى إدلب، حيث أرسل إلي شخصاً تركياً نقلني لبلدة قريبة من الشريط الحدودي ثم نقلني إلى جنوب تركيا حيث أقيم حاليا".

ويوضح "صحيح أن حلم السفر إلى أوروبا قد ضاع، لكن من الجيد أنني بقيت في تركيا بمساعدة ذلك الشخص، فقد رأيت في اليونان مشاهد مفجعة، إذ إن كثيراً من السوريين الذين وصلوا إلى هناك تم خطفهم من قبل عصابات تجار البشر بعد ابتزازهم، أو قضوا جوعا بسبب الإفلاس، فهناك لا مكان للعاطفة مطلقاً. المال مقدم على كل شيء".

أما قاسم عليوي (34 عاما) فيصف تجربته بالمريرة، ويقول لـ"العربي الجديد": "ضيّعت آلاف الدولارات بعد أن خدعت من قبل تجار البشر الذين نقلوا لي صورة أن بإمكانهم إيصالي بلا عناء إلى أي مدينة أفضلها في أوروبا، حيث دفعت ألفي دولار أميركي فقط لأدخل إلى تركيا، ثم نقلوني إلى مدينة أزمير التركية، وكان من المقرر لنا الانطلاق إلى هناك، لكن ألقت الشرطة التركية القبض علينا، وتم إجراء تحقيقات معنا في مركز للشرطة، وبعدها نقلونا إلى إقليم هاتاي، حيث تم ترحيلنا إلى سورية".

ويردف "عليوي": "وقعنا ضحية للسماسرة وتجار البشر الذين همهم الوحيد فقط هو الحصول على المال، قد يلقون بنا إلى الموت مقابل مائة دولار ولا يكترثون، كما أنني وقعت بمشكلة ثانية وهي منعي من الدخول إلى تركيا لمدة خمسة أعوام، وأنا نادم بشدة على هذا الخطأ الذي ارتكبته وأتقدم بنصيحة للسوريين ألا يكرروا ما فعلت، فالوصول إلى أوروبا ليس بالأمر السهل".

بدوره ينصح يامن عرنوس (36 عاما) الشباب السوريين الراغبين في الذهاب إلى أوروبا بالتوجه إلى تركيا والحصول على عمل هناك، مشيراً لـ"العربي الجديد" إلى أنه الحل الأفضل لهم كي لا يعودوا إلى نقطة الصفر في الشمال السوري، كما حدث معه عند محاولته الوصول إلى قبرص عن طريق القارب، حيث ألقي القبض عليه من قبل خفر السواحل التركي وتم ترحيله إلى سورية مباشرة".


ويعتبر "الثلاثيني" أنه يتحمل تبعات ما حدث له بالدرجة الأولى، لأنه غامر بحياته حينها،  صحيح أن كثيراً من أصدقائه عبروا من قبرص إلى اليونان لكنهم يعيشون الآن المأساة هناك، فلا يسعهم الوصول إلى ألمانيا أو باقي دول الاتحاد الأوروبي التي تتيح لهم اللجوء، ولا يملكون المال الكافي للعودة إلى تركيا، وهم يقيمون بمراكز الإيواء حيث مجرد الحياة فيها معاناة".