يستمرّ السوريون عبر العمل والاجتهاد بتغيير النظرة التي كوّنها البعض عنهم في بلدان لجوئهم. وباتوا بتركيا رقماً صعباً بعد احتلالهم وللعام الثالث على التوالي المرتبة الأولى في عدد الشركات الخارجية، والمرتبة الأولى في عدد أذون العمل، فضلاً عن تميّزهم في مجالات عدّة، يأتي التحصيل العلمي في مقدمتها.
وبدأ ذلك التفوّق مع الطالب السوري معتصم عبد اللطيف، الذي حلّ أولاً في قسم الحواسيب والمعلوماتية في جامعة سكاريا في عام 2016، وقد تفوق كذلك في مادة الأدب التركي متجاوزاً زملاءه الأتراك. من جهته، حلّ الطالب محمد زمزم أوّلاً في مجال هندسة "ميكاترونكس" في جامعة يلدز التقنية في إسطنبول. أمّا الطالب محمد عمار الشعار، الآتي من جامعة البعث بمدينة حمص، فقد حلّ أوّلاً في قسم الهندسة الكهربائية والإلكترونية في جامعة إسطنبول، متقدّماً على زملائه من السوريين والأتراك في العام الماضي.
ولعلّ ما حققه الشابان السوريان أحمد نعناعة ومهيب أوس في جامعتَي غازي عنتاب وأضنة هذا العام، هو الأبرز، وربّما يحدث للمرّة الأولى في الجامعات التركية. فقد حلّ الطالبان أوّلَين كلّ على مستوى جامعته وليس على مستوى الدفعة أو التخصص فحسب.
اقــرأ أيضاً
يقول أحمد نعناعة، وهو خريج كلية الطب، لـ"العربي الجديد"، إنّه تخرّج بمرتبة "شرف عالٍ" من جامعة غازي عنتاب. يضيف لـ"العربي الجديد"، أنّه "في العادة يجري تصنيف ثلاثة خرّيجين أوائل للطلاب الدارسين باللغة التركية وثلاثة آخرين للدراسين باللغة الإنكليزية. كنت أنا الأول بين خرّيجي الطب الدارسين بالإنكليزية. وفي مرحلة لاحقة، تجري تصفيات بين الخريجين لمعرفة من هو الأول على مستوى الجامعة وفي كلتَي اللغتَين، فكنت أنا كذلك".
ونعناعة كان قد وصل إلى تركيا في عام 2012 بعدما نال شهادة الثانوية العامة في مدينة حلب مع مجموع عالٍ يخوّله دراسة الطب في سورية. لكنّه اختار تركيا ودراسة الطب بمدينة غازي عنتاب على الحدود التركية السورية. وعند سؤاله عمّا إذا كان يحقّ له فتح عيادة ومزاولة المهنة، يجيب: "بالتأكيد يحقّ لي. أوّلاً لأنّني خريج جامعة تركية، فضلاً عن أنّني حصلت على الجنسية التركية"، مشيراً إلى أنّه اليوم عضو في نقابة أطباء إسطنبول وغازي عنتاب.
ونعناعة، الذي ينوي التخصص في الأمراض الداخلية، يحكي لـ"العربي الجديد" عن مشوار الدراسة، فيؤكد: "لم ألقَ أيّ تفريق في التعامل، سواء من قبل الطلاب أو المدرّسين، فجامعتنا تستقبل عرباً وأوروبيين وأميركيين". لكنّه لا ينكر أنّ "ثمّة حساسية من قبل بعض الطلاب في المنافسة، وهذا أمر أراه ضرورياً للتفوق".
إلى ذلك، احتفلت جامعة شوكوروفا الشهيرة في ولاية أضنة التركية، بمهيب أوس الذي حلّ أوّلاً على مستوى كليات الهندسة في الولاية. ويقول أوس لـ"العربي الجديد": "شعرت بالفخر كوني سورياً، عندما اختارتني الجامعة لألقي كلمة الخرّيجين، وعندما علّقت لوحة الشرف التي تضم الأوائل في الجامعة". يضيف: "تلقيت عرضَين من جامعتَين فور تخرجي، أحدهما بإسطنبول لأدرس فيها بصفة معيد. لكنّني تقدّمت بطلب لمتابعة الدراسة باليابان وأنا أتابع الأمر اليوم".
وعن أسباب تفوّق السوريين بتركيا، يرى أوس أنّ "ثمّة تحدياً يحمله السوري في داخله حتى يثبت نفسه، وهذا هو السبب الأبرز. كذلك، فإنّ السعي إلى التعويض ورفع اسم سورية وتغيير النظرة المشوّهة سبب ثانٍ. ودعونا لا ننسى أنّ السوريين متفوقون في الأساس، لكنّ ظروف الحرب حالت دون بروزهم، وها هم يثبتون ذلك بتركيا وعلى أكثر من صعيد".
تجدر الإشارة إلى أنّ عدد الطلاب السوريين في الجامعات التركية بلغ في إحصائية العام الدراسي الماضي، نحو 15 ألف طالب موزّعين على الجامعات في 81 ولاية تركية، من بينهم ألفا طالب في الجامعات الخاصة، بحسب بيانات مجلس التعليم العالي في تركيا.
وحضور الطلاب السوريين في الجامعات التركية "ليس عابراً"، بحسب الأستاذ الجامعي مسلم طالاس، من جامعة ماردين التركية، الذي يشير إلى أنّ "بعضاً منهم أثبت جدارته وتفوّق على الطلاب الأتراك والعرب والأجانب". يضيف طالاس لـ"العربي الجديد"، أنّ "حالتَي نعناعة وأوس هما مجرّد مثلَين، إذ إنّ ثمّة سوريين كثيرين تفوّقوا هذا العام وخلال الأعوام الثلاثة السابقة". ويعيد أسباب تفوّقهم إلى أنّ "السوري يمتلك مقوّمات ذاتية في الأساس، وقد أتت مميزاتهم الفردية من اختلاط الشعوب والدماء والثقافات خلال آلاف السنين في الجغرافيا السورية. لكن وللأسف، قلّما استثمرت تلك الكفاءات والإمكانيات". ويؤكد أنّ "السوريين لم يشكوا يوماً من قلة الكفاءات بل المشكلة كانت بإقصائها وعدم استثمارها".
اقــرأ أيضاً
ويتابع طالاس أنّ "اللجوء يأتي مع ما يفرضه من تحديات، كمحفّز إضافي للسوريين لإثبات الذات. وهو ما نراه على الرغم من التحديات التي يواجهونها، سواء على الصعيد المعيشي أو حتى اللغة أو المجتمع الجديد". ويلفت إلى أنّ "المناخ العام بتركيا مشجّع على النجاح، وقلّما يجري التعامل مع الطلاب المتفوّقين بتفريق أو عنصرية مثلما يشيع البعض. هم يُدعَون إلى الجامعات للتدريس ومتابعة الدراسة ويلقون معاملة حسنة واحتفاءً كبيراً من قبل المسؤولين الأتراك".
وبدأ ذلك التفوّق مع الطالب السوري معتصم عبد اللطيف، الذي حلّ أولاً في قسم الحواسيب والمعلوماتية في جامعة سكاريا في عام 2016، وقد تفوق كذلك في مادة الأدب التركي متجاوزاً زملاءه الأتراك. من جهته، حلّ الطالب محمد زمزم أوّلاً في مجال هندسة "ميكاترونكس" في جامعة يلدز التقنية في إسطنبول. أمّا الطالب محمد عمار الشعار، الآتي من جامعة البعث بمدينة حمص، فقد حلّ أوّلاً في قسم الهندسة الكهربائية والإلكترونية في جامعة إسطنبول، متقدّماً على زملائه من السوريين والأتراك في العام الماضي.
ولعلّ ما حققه الشابان السوريان أحمد نعناعة ومهيب أوس في جامعتَي غازي عنتاب وأضنة هذا العام، هو الأبرز، وربّما يحدث للمرّة الأولى في الجامعات التركية. فقد حلّ الطالبان أوّلَين كلّ على مستوى جامعته وليس على مستوى الدفعة أو التخصص فحسب.
يقول أحمد نعناعة، وهو خريج كلية الطب، لـ"العربي الجديد"، إنّه تخرّج بمرتبة "شرف عالٍ" من جامعة غازي عنتاب. يضيف لـ"العربي الجديد"، أنّه "في العادة يجري تصنيف ثلاثة خرّيجين أوائل للطلاب الدارسين باللغة التركية وثلاثة آخرين للدراسين باللغة الإنكليزية. كنت أنا الأول بين خرّيجي الطب الدارسين بالإنكليزية. وفي مرحلة لاحقة، تجري تصفيات بين الخريجين لمعرفة من هو الأول على مستوى الجامعة وفي كلتَي اللغتَين، فكنت أنا كذلك".
ونعناعة كان قد وصل إلى تركيا في عام 2012 بعدما نال شهادة الثانوية العامة في مدينة حلب مع مجموع عالٍ يخوّله دراسة الطب في سورية. لكنّه اختار تركيا ودراسة الطب بمدينة غازي عنتاب على الحدود التركية السورية. وعند سؤاله عمّا إذا كان يحقّ له فتح عيادة ومزاولة المهنة، يجيب: "بالتأكيد يحقّ لي. أوّلاً لأنّني خريج جامعة تركية، فضلاً عن أنّني حصلت على الجنسية التركية"، مشيراً إلى أنّه اليوم عضو في نقابة أطباء إسطنبول وغازي عنتاب.
ونعناعة، الذي ينوي التخصص في الأمراض الداخلية، يحكي لـ"العربي الجديد" عن مشوار الدراسة، فيؤكد: "لم ألقَ أيّ تفريق في التعامل، سواء من قبل الطلاب أو المدرّسين، فجامعتنا تستقبل عرباً وأوروبيين وأميركيين". لكنّه لا ينكر أنّ "ثمّة حساسية من قبل بعض الطلاب في المنافسة، وهذا أمر أراه ضرورياً للتفوق".
إلى ذلك، احتفلت جامعة شوكوروفا الشهيرة في ولاية أضنة التركية، بمهيب أوس الذي حلّ أوّلاً على مستوى كليات الهندسة في الولاية. ويقول أوس لـ"العربي الجديد": "شعرت بالفخر كوني سورياً، عندما اختارتني الجامعة لألقي كلمة الخرّيجين، وعندما علّقت لوحة الشرف التي تضم الأوائل في الجامعة". يضيف: "تلقيت عرضَين من جامعتَين فور تخرجي، أحدهما بإسطنبول لأدرس فيها بصفة معيد. لكنّني تقدّمت بطلب لمتابعة الدراسة باليابان وأنا أتابع الأمر اليوم".
وعن أسباب تفوّق السوريين بتركيا، يرى أوس أنّ "ثمّة تحدياً يحمله السوري في داخله حتى يثبت نفسه، وهذا هو السبب الأبرز. كذلك، فإنّ السعي إلى التعويض ورفع اسم سورية وتغيير النظرة المشوّهة سبب ثانٍ. ودعونا لا ننسى أنّ السوريين متفوقون في الأساس، لكنّ ظروف الحرب حالت دون بروزهم، وها هم يثبتون ذلك بتركيا وعلى أكثر من صعيد".
تجدر الإشارة إلى أنّ عدد الطلاب السوريين في الجامعات التركية بلغ في إحصائية العام الدراسي الماضي، نحو 15 ألف طالب موزّعين على الجامعات في 81 ولاية تركية، من بينهم ألفا طالب في الجامعات الخاصة، بحسب بيانات مجلس التعليم العالي في تركيا.
وحضور الطلاب السوريين في الجامعات التركية "ليس عابراً"، بحسب الأستاذ الجامعي مسلم طالاس، من جامعة ماردين التركية، الذي يشير إلى أنّ "بعضاً منهم أثبت جدارته وتفوّق على الطلاب الأتراك والعرب والأجانب". يضيف طالاس لـ"العربي الجديد"، أنّ "حالتَي نعناعة وأوس هما مجرّد مثلَين، إذ إنّ ثمّة سوريين كثيرين تفوّقوا هذا العام وخلال الأعوام الثلاثة السابقة". ويعيد أسباب تفوّقهم إلى أنّ "السوري يمتلك مقوّمات ذاتية في الأساس، وقد أتت مميزاتهم الفردية من اختلاط الشعوب والدماء والثقافات خلال آلاف السنين في الجغرافيا السورية. لكن وللأسف، قلّما استثمرت تلك الكفاءات والإمكانيات". ويؤكد أنّ "السوريين لم يشكوا يوماً من قلة الكفاءات بل المشكلة كانت بإقصائها وعدم استثمارها".
ويتابع طالاس أنّ "اللجوء يأتي مع ما يفرضه من تحديات، كمحفّز إضافي للسوريين لإثبات الذات. وهو ما نراه على الرغم من التحديات التي يواجهونها، سواء على الصعيد المعيشي أو حتى اللغة أو المجتمع الجديد". ويلفت إلى أنّ "المناخ العام بتركيا مشجّع على النجاح، وقلّما يجري التعامل مع الطلاب المتفوّقين بتفريق أو عنصرية مثلما يشيع البعض. هم يُدعَون إلى الجامعات للتدريس ومتابعة الدراسة ويلقون معاملة حسنة واحتفاءً كبيراً من قبل المسؤولين الأتراك".