سورية: 7.6 ملايين نازح يصارعون من أجل البقاء

23 سبتمبر 2015
النزوح السوري جراء القصف العشوائي (Getty)
+ الخط -
لا تعتبر سورية اليوم البلد الأكثر توليداً للاجئين على صعيد العالم فحسب، بل باتت تحتوي أيضاً أكبر نسبة نزوح داخلي في العالم حيث أصبح نحو 40 % من مجموع سكانها نازحون يهيمون على وجوههم، ينتقلون بين المدن والأحياء السورية، ويعانون التداعيات القاسية للنزوح حيث البحث عن سكن آمن وعن عمل جديد في كثير من الأحيان، فضلاً عن طلب المساعدة من الأهل والجمعيات المدنية المحلية والدولية.

مع حلول العام 2015، بلغ عدد السوريين النازحين 7.6 ملايين شخص على الأقل؛ وهم بحسب تعريف الأمم المتحدة من "أُكرهوا على الهرب أو على ترك منازلهم أو أماكن إقامتهم المعتادة، ولا سيما سعيا لتفادي آثار نزاع مسلح أو حالات عنف أو انتهاكات حقوق الإنسان، ولم يعبروا الحدود الدولية المعترف بها للدولة". وبحسب مركز رصد النزوح الداخلي النرويجي (IDMC) فإن الحرب المستعرة في سورية أدت إلى ارتفاع أعداد النازحين بمقدار18 مرة على مدى السنوات الأربع الماضية.


وقد سجل المركز نزوح 3.7 مليون سوري خلال عامي 2011-2012، لتتفاقم المأساة في العام 2013 حيث أصبح عدد الفارين داخلياً، بسبب النزاع 9500 شخص يومياً وبمعدل عائلة واحدة كل دقيقة. وتواصل النزوح في العام 2014 ليصل مع نهايته إلى 7.6 ملايين شخص، ولتتفوق سورية بشوط كبير على ثاني بلد يحتوي أكبر نسبة نزوح داخلي وهو العراق (3.3 ملايين نازح).

البحث عن مكان أمن
تسبب العمليات العسكرية التي شنتها قوات الأسد على ريف دمشق في عامي 2012-2013 بموجة تهجير كبرى للسوريين حيث فروا من المعارك المندلعة في ريف العاصمة الشرقي والغربي والجنوبي وأقاموا في دمشق ما أدى لارتفاع الكثافة السكانية فيها. ففي حين كان يقطن العاصمة نحو 1.7 مليون سوري في العام 2011، استوعبت المدينة نحو 2.5 مليون نسمة جديدة؛ وذلك بحسب تصريحات عضو المكتب التنفيذي في "محافظة دمشق" هيثم الميداني لصحيفة حكومية.

يعتبر الناشط حسام العز أن "كبرى مشاكل النازحين كانت في إيجاد مكان جديد للسكن إذ أدت موجات النزوح الكبيرة إلى ارتفاع كبير في أسعار إيجارات الشقق السكنية، وخصوصاً عندما بدأت تتقلص المناطق الآمنة مع توسع المعارك إلى أحياء جديدة". ويضيف العز لـ "العربي الجديد": "بات سعر إيجار منزل متواضع في حي فقير أعلى من الراتب الذي يتقاضاه رب العائلة، وخصوصاً إذا كان موظفاً في القطاع العام".

اقرأ أيضا: وأنا أحاصركم...

نزح سليمان (40 عاماً) مع زوجته وطفليه عن منطقة التضامن جنوب العاصمة دمشق، ليسكن مع أهل زوجته طيلة ثمانية أشهر كان يعتقد خلالها أن عودته وشيكة. يقول سليمان صاحب محل الحلاقة الرجالية في نفس الحي لـ "العربي الجديد": "لم أكن أتخيل أن أفقد بيتي وعملي في يوم واحد، أصبحت فجأة من دون سكن وبلا عمل، وبعد أن يئست من إمكانية العودة، استأجرت منزلاً صغيراً في دمر البلد وتحولت من صاحب محل للحلاقة إلى عامل في محل حلاقة".

يشير الباحث قصي الكبر لـ "العربي الجديد" إلى أن "مئات آلاف النازحين فقدوا أعمالهم في ريف العاصمة دمشق الذي كان يضم آلاف الشركات الكبرى والمتوسطة والحقول الزراعية ومزارع الدواجن والأبقار، فضلاً عن عشرات آلاف الورشات الحرفية، وقد وجد عدد منهم عملاً في العاصمة دمشق ومحيطها، لكنّ أعدادا كبيرة بقيت من دون عمل وعادت لتتقاسم السكن والغذاء مع عائلتها أو باتت تعيش على مساعدات الأقارب والمنظمات الدولية والمحلية". ويضيف الكبر: "هنالك أحياء كانت تختنق بالكثافة السكانية والنشاط الاقتصادي، مثل مخيم اليرموك على سبيل المثال الذي كان نقطة استقطاب للنازحين حتى نهاية العام 2012 عندما تحول إلى ساحة معارك، وخسر أكثر من نصف مليون شخص سكنهم وأعمالهم في يوم واحد".

وفي المقابل، "انتعشت الأحياء التي انتقل إليها النازحون حيث ارتفعت إيجارات المنازل بمعدل يتراوح بين 200-400 في المائة" بحسب الكبر.
المساهمون