وتشهد مدينة منبج وريفها، مظاهرات شعبية عفوية مناهضة لفرض التجنيد الإجباري على شباب منبج، بالتزامن مع أنباء عن وقوع اعتقالات واسعة للشباب من قبل المليشيات عبر حواجزها المنتشرة في المدينة ومحيطها والدوريات المتحركة، وسوقهم إلى معسكرات التجنيد.
وقال ابن منبج "أحمد الحسين" (اسم مستعار لأسباب أمنية)، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه و"بعد أن أصدرت مليشيات قسد قرار التجنيد الإجباري قبل أيام واعتقلت عدداً كبيراً من الشباب، هناك مظاهرات مستمرة في عدد من أحياء منبج ضد القرار".
وبين الحسين أن "هناك حواجز على جميع الطرق المؤدية إلى داخل المدينة، حيث يتم اعتقال كل الشباب من مواليد عام 1985 حتى 2001"، مؤكداً أن "أهل منبج ضد هذا القرار، من يوم استلموا (قسد) المدينة نهب وسلب، ولماذا تجنيد إجباري لنقاتل الجيش الحر وليس النظام؟ في معركة الرقة زجوا كل الشباب في المعركة... وأغلبهم انقتل وجميعهم من المكون العربي من منبج، وحتى يومنا هذا أكثر من 1700 قتيل من المكون العربي في منبج بمعارك الرقة فقط، واليوم لدينا قناعة عندما نقاتل يجب أن نقاتل من أجل أهدافنا وليس من أجل أهداف غيرنا".
وأوضح أن "التركيبة الديمغرافية في منبج متنوعة، ففيها نحو 20% أكراد ونحو 5% شركش، أما البقية فهم من العرب".
من جانبه، قال ابن منبج جودت الجيران، لـ"العربي الجديد"، إن "ما تشهده منبج من تحرك شعبي رافض للخدمة الإجبارية، هو تحرك عفوي لا أحد يقف وراءه سوى شعور أهالي منبج بالتعب مما عانوا منه طوال السنوات السابقة وبعض رجالات منبج الذين ساهموا في إطلاق صرخة أهل المدينة، بعد أن عمل كل طرف سيطر على منبج عمل أن يوظف أبناءها لخدمة مشروعه، بأشكال شتى وإن كانت قسد هي أول طرف يفرض مثل هكذا قرار (التجنيد)".
ولفت الجيران إلى أن "أهالي منبج اليوم يطمحون بأن يعيشوا باستقرار، حيث يديرون شؤونهم عبر مجلس محلي منتخب من قبلهم بشكل حرّ يضم جميع أطيافها بدون تمييز، وجهاز شرطة وقضاء نزيه وعادل مسنود دوليا وإقليميا يحفظ أمن الأهالي وكراماتهم وممتلكاتهم".
وأوضح أن "هناك جهات تحاول اليوم أن تستغل تحركات أهالي منبج وتتاجر بها، إما لمصالح شخصية مقدمة نفسها على أنها قيادات فاعلة وهي وراء التحركات، وإما تصوير ما يجري أنه مؤامرة خارجية ضد القوى المسيطرة على منبج اليوم، حيث يتاجر بها جميع الأطراف سياسيا، مغفلين رغبات الأهالي وإرادتهم، الذين لم يسألهم أحدا على مر هذه السنوات ماذا تريدون".
من جانبه، أصدر ما سمي "مركز الدفاع الذاتي في مدينة منبج وريفها"، بيانا مصورا، تم بثه على الصفحة الرسمية لـ"المجلس العسكري في منبج وريفها"، ظهرت به مجموعة من الأشخاص المرتدين للزي العسكري، أعلن خلاله المتحدث باسم "لجنة الدفاع الذاتي فتح باب الالتحاق لأداء واجب الدفاع الذاتي في منبج وريفها، منذ يوم الإثنين تاريخ 6/11/2017، وليطلقوا بعدها شعار، بالروح بالدم نفديك يا شهيد".
بدورها حذرت "لجنة الداخلية والأمن الداخلي في منبج" في الوقت نفسه "كل من يعبث بأمن البلد" محمّلةً إياه "المسؤولية القانونية"، عبر بيان صحافي لها.
وأفادت مصادر مطلعة، في حديث مع "العربي الجديد" بأن "قسد تحاول الترويج أن التحركات بمحيط منبج مدفوعة من تركيا وفصائل درع الفرات"، إلا أن هناك مصادر مسؤولة في الأخيرة نفت أن يكون هناك أي أوامر أو توجهات بهذا الاتجاه، مؤكدة أن "مسألة السيطرة على الأرض أصبحت مرتبطة بشكل كامل بالتوافقات الدولية، ومثل هذا يجب أن يكون هناك قرار أميركي فيه، وعندها الأكراد لن يناقشوا بالأمر حتى".
ولفتت المصادر إلى أن "الأكراد بحاجة لدعم جبهاتهم في دير الزور، ما يجعلها بحاجة لسحب عناصر من باقي الجبهات من درع الفرات والنظام، وأعتقد أنها تحاول تعويض العدد بأبناء منبج، حيث تم إعطاؤهم وعودا بعد زجهم بمعارك دير الزور، واقتصار عملهم على جبهات درع الفرات، والقيام بمهمات لوجستية".
وكان "المجلس التشريعي" التابع لـ"قسد" في منبج قد صادق نهاية الأسبوع الفائت، على قانون "واجب الدفاع الذاتي في مدينة منبج وريفها"، ضمن جلسة حضرها كافة أعضاء المجلس التشريعي وممثلون عن المجلس التنفيذي في المدينة، باعتراض شخص واحد هو عضو المجلس عبد الباسط أبو خلف، الذي تعرض للاعتقال نتيجة عدم مصادقته على القانون، ثم أفرج عنه بعد يومين تحت ضغطٍ شعبي.