سورية كشأن لبناني

29 ابريل 2015
لبنان شريك بقتل الشعب السوري (حسين بيضون)
+ الخط -
يستغرب عدد من المعارضين اللبنانيين لنظام البعث في سورية سرّ "حماسة" معارضين آخرين الزائدة للمعارضة السورية، خصوصاً تلك التي لا تزال تملك خطاباً وطنياً، وذات بعد مدني. يفترض هؤلاء أن على المعارضين اللبنانيين الاكتفاء بالتأييد من بعيد، لأن هذه المعركة هي بين السوريين، وأن مبدأ رفض التدخّل السوري في لبنان، يجب أن يكون معاكساً، أي رفض التدخل اللبناني في سورية. وتتقاطع مع هذا الموقف شرائح سياسيّة وشعبية واسعة، ومنها جزء من جمهور فريق 14 آذار، وفريق 8 آذار، الذي يرى أن لبنان يدفع ثمن الثورة السورية عبر استقبال مئات آلاف اللاجئين السوريين على أرضه.

ينسى مؤيدو هذا الطرح مجموعة من الوقائع التي تؤكّد أن الشعب السوري يدفع فاتورة باهظة، عن نفسه وعن الشعب اللبناني بالوكالة. فلبنان شريك بقتل الشعب السوري، وإطالة أمد ثورته، وتحويلها إلى مزيج من العنف الطائفي والحرب الأهليّة، عبر مشاركة طرف لبناني أساسي وهو حزب الله إلى جانب النظام. فلولا مشاركة الحزب، لكان النظام قد سقط منذ تفجير خلية الأزمة في دمشق عام 2012، على الأقل هذا ما يقوله مسؤولون في الحزب، بعيداً عن مواقف الرئيس بشار الأسد الكاريكاتورية في المقابلات التلفزيونيّة. ومن يقرأ الأرقام جيداً، يكتشف أن أعداد اللاجئين ازدادت بشكلٍ كبير منذ منتصف عام 2013.

إنّ انتصار النظام السوري في معركته ضد شعبه، وهو أمرٌ مستبعد، سيضع لبنان مرةً ثانية تحت رحمة حكّام دمشق. وفي هذه الحالة، فإن حكام دمشق لن يقتصروا على حزب البعث، بل سيكونون خليطاً ما بين البعث والحرس الثوري الإيراني وضباط الأمن في حزب الله. وسيكون لهذا الخليط نتائج كارثيّة، فمدرسة البعث في قتل معارضيه عريقة، كذلك هو الحال بالنسبة لمدارس الحرس الثوري الإيراني، ويُمكن العودة لمذكرات شيرين عبادي التي وثقت عمليات قتل متعمدة للمعارضين للنظام الإسلامي. من هنا، فإن الثورة السورية تُقدّم الترجمة الفعليّة لجملة شهيد "ربيع بيروت" سمير قصير: "إن ربيع العرب، حين يزهر في بيروت، إنما يعلن أوان الورد في دمشق". فهذا الورد في دمشق، يُقاوم كي يصل رحيقه إلى بيروت.