قدمت فرنسا وروسيا، ليل الجمعة ــ السبت، مساعدات إنسانية إلى الغوطة الشرقية، وذلك للمرة الأولى منذ عام 2011، وعلى الرغم من تأكيدات باريس أن الشحنة "ليست عملًا سياسيًا بل مساعدة إنسانية"، أثارت المبادرة تحفظات، إذ اعتُبر "التعاون الفرنسي مع روسيا والهلال الأحمر السوري بمثابة مجازفة"، و"تسليم بالأمر الواقع في سورية".
وهبطت طائرة شحن روسية ضخمة من طراز "أنطونوف 124"، تابعة للجيش الروسي، وتقل 50 طنًا من المواد الطبية، ومواد أخرى أساسية قدمتها فرنسا، في قاعدة حميميم غرب سورية، آتية من مطار شاتورو (وسط فرنسا)، بحسب ما أعلنت وزارة الدفاع الروسية في بيان.
وقد نفت باريس أي تكريس أو اعتراف بـ"سلام روسي" في سورية، وأوضحت وزارة الخارجية الفرنسية أن "مطالبنا إزاء روسيا ورؤيتنا للحل السياسي لم تتغير"، لكن "إذا أردنا حلًا سياسيًا فلا بد من إجراءات تعزز الثقة"، بحسب "فرانس برس".
كذلك أشارت إلى أنها حصلت من موسكو على "ضمانات" بألا يعرقل النظام السوري وصول المساعدات، كما يفعل مع قوافل الأمم المتحدة، وألا يتم تحويل المساعدات أو استخدامها لأهداف سياسية.
وفي هذا السياق، شدّد الرئيسان، الفرنسي إيمانويل ماكرون، والروسي فلاديمير بوتين، السبت، على "الجوانب الإنسانية في تسوية النزاع السوري، بما في ذلك تطبيق المبادرة الفرنسية الروسية"، بحسب محادثة هاتفية أشار إليها الكرملين.
ومن المقرر أن يبدأ توزيع المساعدات اليوم بإشراف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوشا)، بحسب ما أفاد المصدر نفسه.
وبلغت قيمة المساعدة التي قدمتها فرنسا 400 ألف يورو. وخلال بضع ساعات، تم توضيب مواد طبية وخيم وبطانيات وأدوات للطبخ في صناديق كُتب على بضعها "مركز الأزمات"، التابع لوزارة الخارجية، قبل نقلها إلى طائرة الشحن. يضاف إلى ذلك المواد الطبية (مضادات حيوية وأجهزة إنعاش وأمصال وضمادات وغيرها)، وهي مخصصة لنحو 500 مصاب في حالة خطيرة و15 ألفًا آخرين إصاباتهم طفيفة.
وعلّق رئيس المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، فرنسوا إيسبور، على العملية قائلًا إن فرنسا "تكون بهذه العملية قد قبلت بواقع أن بشار وروسيا ربحا عسكرياً"، مضيفًا أنه "نوع من الإقرار بالأمر الواقع".
وكتب السفير الفرنسي السابق إلى سورية، ميشال دوكلو، في تغريدة "لا يمكن أن نعارض مساعدة إنسانية، لكن فرنسا بتعاونها مع روسيا والهلال الأحمر السوري تجازف بشكل كبير".
وتساءل الدبلوماسي، الذي يعمل مستشارًا خاصًا لمعهد مونتييه في باريس "ما هي الآليات التي تضمن ألا يتم تحويل هذه المساعدات أو استغلالها سياسيًا من الأسد؟".
(العربي الجديد, فرانس برس)