02 أكتوبر 2024
سورية.. تغيرات 2015
يعتبر 2015 عام التغيرات السياسية والعسكرية الكبيرة في سورية منذ اندلاع الثورة، قبيل خمس سنوات. بدأ بحراك سياسي واسع، عبّر عن نفسه أولاً في روسيا التي استضافت منتديين لمعارضين سوريين وآخرين حاولوا التستر بعباءة المعارضة، ثم عبر عن نفسه ثانياً في القاهرة التي استضافت اجتماعين للمعارضة، نجمت عن الثاني خريطة طريق للحل السياسي. وفي زحمة المؤتمرات السياسية، كان الميدان السوري يشهد تغيرات مهمة لصالح المعارضة المسلحة التي ظلت عاماً ونصف العام تتعرض لخسائر كبيرة، بدأت هذه التغيرات مع تشكيل "جيش الفتح" الذي استطاع في مدة سريعة السيطرة على محافظة إدلب، ولتخرج نهائيا من قبضة النظام. وسمح هذا المتغير الاستراتيجي لجيش الفتح، وقوى أخرى، من الامتداد في محيط المحافظة، فكان ريف اللاذقية الشمالي وريف حلب الجنوبي وريف حماة الشمالي عنوان المعارك بين الطرفين.
وفي جنوب سورية، فتحت المعارضة معركة الجبهة الجنوبية، وعلى الرغم من فشل هذه المعركة، إلا أن المعارضة استطاعت السيطرة على مواقع مهمة في درعا والقنيطرة (مدينة بصرى، معبر النصيب، اللواء 52، مطار الثعلة العسكري قبل الانسحاب منه). وقد ترافقت هذه التطورات مع تمدد لتنظيم الدولة الإسلامية في محيط تدمر وريف حمص الجنوبي ـ الشرقي (القريتين) ولاحقاً في مهين، ثم في ريف حلب الشمالي والشرقي، ثم الحسكة والقامشلي.
أحدثت هذه التغيرات ارتباكاً في النظام، وإن حافظ على تماسك خطابه السياسي، وظهر الارتباك مع النقص الحاد في صفوف المجندين، ومع ازدياد قوة ما يسمى "قوات الدفاع الوطني" التي تحولت إلى مليشيا، تأخذ مرتباتها وأوامرها من طهران. كما أدت هذه التغيرات إلى ازدياد الهيمنة الإيرانية، وبلغ الأمر أن أطلقت إيران، في أغسطس/آب الماضي، مبادرة من أربع نقاط من دون الرجوع إلى دمشق، في رسالة واضحة لكل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، مفادها بأن طهران صاحبة الكلمة العليا في سورية.
عادت الجهود السياسية للتحرك بعد سكون مؤقت، وأعلن المبعوث الأممي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا في منتصف سبتمبر/أيلول خطته للحل السياسي التي تزامنت مع تفاهمات روسية ـ أميركية للتحرك في سورية.
وفي زحمة هذه الجهود، كانت سورية في نهاية شهر سبتمبر/أيلول على موعد مع حدث كبير، روسيا تتدخل عسكريا لدعم النظام تحت عنوان محاربة "داعش"، وما هي إلا أيام حتى أطلق النظام في 7 أكتوبر/تشرين أول معركته العسكرية الكبرى في الشمال الغربي لسورية، مستغلا الغطاء الجوي الروسي.
وفي حين كانت الضربات الروسية توجَّه لفصائل المعارضة المدعومة من الرياض والدوحة وأنقرة، كانت الولايات المتحدة تعيد ترتيب خططها العسكرية بعيد انهيار برنامج التدريب العسكري برعاية البنتاغون، وجاء تشكيل "قوات سورية الديمقراطية" في 12 أكتوبر/تشرين أول، ثم "جيش سورية الجديد" في العاشر من نوفمبر/تشرين ثاني، انعكاساً للمخطط الأميركي الهادف إلى محاربة تنظيم الدولة فقط، وترك الفرقاء الإقليميين والدوليين يتقاتلون في سورية.
انقسم الصراع إلى جبهتين: الأولى في ريف حماة الشمالي وريف اللاذقية الشمالي وريف حلب الجنوبي بين النظام وإيران وروسيا ضد فصائل المعارضة المسلحة، والثانية في الحسكة والرقة وريفي حلب الشمالي والشرقي بين الأكراد وقوى عربية والنظام أحياناً ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي بدأ يشهد أول مرة انكسارات عسكرية واضحة.
ومع شدة المعارك، اشتدت الجهود السياسية في اجتماعين لمجموعة العمل الدولية في فيينا، أثمرا عن تفاهمات سياسية وعسكرية، ترجمت لاحقا في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 الذي وضع آلية للحل السياسي في سورية هي الأولى من نوعها، وكلفت الأردن بوضع قائمة بالمنظمات التي يجب إدراجها في قائمة المنظمات الإرهابية، فيما كلفت السعودية بإعداد وفد المعارضة، وعقد لأجل ذلك مؤتمر الرياض الذي حدد السقف السياسي للمعارضة المدعومة من المثلث الإقليمي.
وعلى الرغم من أن القرار الدولي أجّل مسألة مصير الأسد إلى ما بعد المرحلة الانتقالية، وما يعنيه ذلك من بقاء بنية النظام قائمة، إلا أن القرار حدد سقفاً زمنياً لهذه المرحلة، وأقر بعض مطالب العواصم الإقليمية الفاعلة في سورية (الرياض، الدوحة، أنقرة)، كالصلة الوثيقة بين وقف إطلاق النار وانطلاق عملية سياسية موازية أولاً، والمعلوم أن النظام ظل على مدار السنوات السابقة يطالب بأولوية محاربة الإرهاب، قبل الشروع في المسار السياسي، وشكل المرحلة الانتقالية ثانياً، حيث نصّ القرار على إنشاء هيئة حكم انتقالية جامعة، تخوّل سلطات تنفيذية كاملة، بناء على بيان جنيف والقرار الدولي 2018.
ينتهي 2015 بتحولات كثيرة وكبيرة في سورية، على أمل أن يكون عام 2016 ثمرة هذه المتغيرات، وسيكون مؤتمر جنيف المقرر عقده نهاية يناير/كانون ثاني المقبل بين النظام والمعارضة برعاية الأمم المتحدة مفصلاً تاريخياً، فإما أن يدفع الجهود السياسية إلى الأمام، أو أن يدفع الجهود العسكرية إلى الأمام.
وفي جنوب سورية، فتحت المعارضة معركة الجبهة الجنوبية، وعلى الرغم من فشل هذه المعركة، إلا أن المعارضة استطاعت السيطرة على مواقع مهمة في درعا والقنيطرة (مدينة بصرى، معبر النصيب، اللواء 52، مطار الثعلة العسكري قبل الانسحاب منه). وقد ترافقت هذه التطورات مع تمدد لتنظيم الدولة الإسلامية في محيط تدمر وريف حمص الجنوبي ـ الشرقي (القريتين) ولاحقاً في مهين، ثم في ريف حلب الشمالي والشرقي، ثم الحسكة والقامشلي.
أحدثت هذه التغيرات ارتباكاً في النظام، وإن حافظ على تماسك خطابه السياسي، وظهر الارتباك مع النقص الحاد في صفوف المجندين، ومع ازدياد قوة ما يسمى "قوات الدفاع الوطني" التي تحولت إلى مليشيا، تأخذ مرتباتها وأوامرها من طهران. كما أدت هذه التغيرات إلى ازدياد الهيمنة الإيرانية، وبلغ الأمر أن أطلقت إيران، في أغسطس/آب الماضي، مبادرة من أربع نقاط من دون الرجوع إلى دمشق، في رسالة واضحة لكل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، مفادها بأن طهران صاحبة الكلمة العليا في سورية.
عادت الجهود السياسية للتحرك بعد سكون مؤقت، وأعلن المبعوث الأممي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا في منتصف سبتمبر/أيلول خطته للحل السياسي التي تزامنت مع تفاهمات روسية ـ أميركية للتحرك في سورية.
وفي زحمة هذه الجهود، كانت سورية في نهاية شهر سبتمبر/أيلول على موعد مع حدث كبير، روسيا تتدخل عسكريا لدعم النظام تحت عنوان محاربة "داعش"، وما هي إلا أيام حتى أطلق النظام في 7 أكتوبر/تشرين أول معركته العسكرية الكبرى في الشمال الغربي لسورية، مستغلا الغطاء الجوي الروسي.
وفي حين كانت الضربات الروسية توجَّه لفصائل المعارضة المدعومة من الرياض والدوحة وأنقرة، كانت الولايات المتحدة تعيد ترتيب خططها العسكرية بعيد انهيار برنامج التدريب العسكري برعاية البنتاغون، وجاء تشكيل "قوات سورية الديمقراطية" في 12 أكتوبر/تشرين أول، ثم "جيش سورية الجديد" في العاشر من نوفمبر/تشرين ثاني، انعكاساً للمخطط الأميركي الهادف إلى محاربة تنظيم الدولة فقط، وترك الفرقاء الإقليميين والدوليين يتقاتلون في سورية.
انقسم الصراع إلى جبهتين: الأولى في ريف حماة الشمالي وريف اللاذقية الشمالي وريف حلب الجنوبي بين النظام وإيران وروسيا ضد فصائل المعارضة المسلحة، والثانية في الحسكة والرقة وريفي حلب الشمالي والشرقي بين الأكراد وقوى عربية والنظام أحياناً ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي بدأ يشهد أول مرة انكسارات عسكرية واضحة.
ومع شدة المعارك، اشتدت الجهود السياسية في اجتماعين لمجموعة العمل الدولية في فيينا، أثمرا عن تفاهمات سياسية وعسكرية، ترجمت لاحقا في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 الذي وضع آلية للحل السياسي في سورية هي الأولى من نوعها، وكلفت الأردن بوضع قائمة بالمنظمات التي يجب إدراجها في قائمة المنظمات الإرهابية، فيما كلفت السعودية بإعداد وفد المعارضة، وعقد لأجل ذلك مؤتمر الرياض الذي حدد السقف السياسي للمعارضة المدعومة من المثلث الإقليمي.
وعلى الرغم من أن القرار الدولي أجّل مسألة مصير الأسد إلى ما بعد المرحلة الانتقالية، وما يعنيه ذلك من بقاء بنية النظام قائمة، إلا أن القرار حدد سقفاً زمنياً لهذه المرحلة، وأقر بعض مطالب العواصم الإقليمية الفاعلة في سورية (الرياض، الدوحة، أنقرة)، كالصلة الوثيقة بين وقف إطلاق النار وانطلاق عملية سياسية موازية أولاً، والمعلوم أن النظام ظل على مدار السنوات السابقة يطالب بأولوية محاربة الإرهاب، قبل الشروع في المسار السياسي، وشكل المرحلة الانتقالية ثانياً، حيث نصّ القرار على إنشاء هيئة حكم انتقالية جامعة، تخوّل سلطات تنفيذية كاملة، بناء على بيان جنيف والقرار الدولي 2018.
ينتهي 2015 بتحولات كثيرة وكبيرة في سورية، على أمل أن يكون عام 2016 ثمرة هذه المتغيرات، وسيكون مؤتمر جنيف المقرر عقده نهاية يناير/كانون ثاني المقبل بين النظام والمعارضة برعاية الأمم المتحدة مفصلاً تاريخياً، فإما أن يدفع الجهود السياسية إلى الأمام، أو أن يدفع الجهود العسكرية إلى الأمام.