دفعت موجة الكساد الكبير في الأسواق وتهاوي الليرة السورية، الكثير من المشروعات التجارية والصناعية، إلى الإغلاق. وحسب مراقبين، فإن تطبيق قانون قيصر فاقم من معاناة مختلف القطاعات، ولا سيما مع تدهور سعر العملة المحلية.
وتعاني الليرة السورية من تذبذب وخسائر مستمرة منذ مطلع العام الجاري حين انخفضت من 915 ليرة مقابل الدولار إلى نحو 3500 ليرة في 10 يونيو/حزيران الجاري، قبل أن تتحسن قليلاً إلى نحو 2600 ليرة، بسبب الملاحقات الأمنية وتشديد العقوبات وليس تحسّن الاقتصاد، وفق صيارفة.
ويؤكد المحلل الاقتصادي حسين جميل، أن الشلل سيطاول حتى محال بيع الخضر واللحوم، وليس الصناعات والأعمال التجارية، قائلا: "القصة بديهية وواضحة، فقر شديد وغلاء متزايد وفوضى في الأسواق، فمن يمكن أن يجازف بالخسائر".
ويتوقع الاقتصادي السوري أن تتزايد موجة إغلاقات المنشآت الصناعية، خلال الفترة المقبلة، بعد قرار نظام الأسد قصر تمويل الواردات على "ست سلع فقط"، وترك التجار ليؤمّنوا الدولار بسعر السوق السوداء. ويضيف: "سورية لم تعد تنتج مواد أولية، إذ أن مستلزمات الإنتاج معظمها مستوردة".
وحول علاقة قانون قيصر بما تعانيه الصناعة المحلية وموجة غلاء السلع والمواد بما فيها الغذائية، يرى جميل أن العلاقة وثيقة، فرغم أن القانون لم يأت بالعقوبات على الغذاء والدواء، لكن الخوف وشح الدولار والمخاوف من المستقبل، أسباب يمكن ربطها بآثار القانون غير المباشرة.
ويؤكد مربي دواجن من محافظة إدلب، عمر شحود، لـ"العربي الجديد"، أن منشآت الدواجن في أرياف المناطق المحررة "إدلب وحلب وحماة" أغلقت بشكل شبه كامل، بعد موجات الغلاء التي شهدتها الأعلاف وبقية مستلزمات الإنتاج، خاصة في الأسابيع الأخيرة.
وقال إن ارتفاع أسعار الأعلاف فقط، كفيل بتهديم هذه الصناعة، مشيراً إلى أن أعلاف الدواجن مستوردة بأكثر من 95%.
ويؤكد مدير عام مؤسسة الدواجن الحكومية في العاصمة دمشق، سراج خضر، خلال تصريحات صحافية، أول من أمس، خروج أكثر من 70% من المربين عن العملية الإنتاجية وبشكل قسري، نتيجة الأعباء الكثيرة التي ترتبت عليهم، أبرزها ارتفاع أسعار المواد العلفية، ما أدى إلى توقف العملية الإنتاجية من قبل نسبة كبيرة منهم.
وطاول تهديد الإغلاق المنشآت الدوائية في سورية، بعد أن أعلن مصرف سورية المركزي قبل أيام، توقفه عن دعم استيراد الأدوية والمواد الأولية، عبر تمويل التجار بدولار تصدير بسعر 700 ليرة، بل رفع سعر دولار الاستيراد إلى 1250 ليرة، ما انعكس، بحسب متخصصين، على زيادة تكاليف الإنتاج وتوقف الكثير من المنشآت الدوائية.
ويؤكد العامل في القطاع الدوائي، أحمد الصمودي، أن سورية كان بها قبل عام 2011 نحو 90 منشأة لصناعة الأدوية، لكن معظمها توقف عن الإنتاج اليوم بعد ارتفاع أسعار المواد الأولية المستوردة. ويشير صمودي إلى أن منشآت القطاع الحكومي الدوائية في سورية، لم تعد تنتج سوى بعض المسكنات.