تناقل العديد من وسائل إعلام ومواقع التواصل الاجتماعي الموالية للنظام السوري خلال الساعات الماضية، خبر سيطرة "جبهة النصرة"، بالاشتراك مع عدد من الفصائل المسلّحة، على قرية خربة التابعة إدارياً لمحافظة السويداء. ولم تغفل التركيز في مقدّمة الخبر، على أنّ خربة هي القرية الأولى التابعة لمحافظة السويداء، ذات الغالبيّة الدرزيّة، ما أثار بلبلة واستنفارا بين الأهالي، خوفاً من تمدّد "النصرة" باتجاه السويداء، التي لم تشهد حتّى اليوم أعمالاً عسكرية تذكر.
وكانت عدة قرى على الحدود الإداريّة بين السويداء ودرعا، شهدت مواجهات مسلحة، بين أبناء المحافظتين، يعيدها ناشطون إلى خلافات شخصيّة، في وقت نجح فيه عقلاء المحافظتين في وأد الفتن بين أهالي المحافظتين.
وينفي ياسر، أحد الناشطين في السويداء، لـ "العربي الجديد"، دخول النصرة إلى قرية خربة، موضحاً أنّها "تتبع إدارياً إلى محافظة السويداء، لكنّها أقرب إلى درعا، ومعظم سكانها هم من السوريين المسيحيين، إضافة إلى عدد من البدو الذين توطّنوا في القرية". ويلفت إلى أنّ "القوات النظاميّة خرجت من البلدة منذ نحو عامين، قبل أن تدخلها فصائل المعارضة المسلّحة منذ نحو ستة أشهر، وأعلنت حينها أنّها طردت عناصر قوات "الدفاع الوطني" الذين كانوا في القرية".
ويشير ياسر إلى "شبه اتفاق مبطّن بين فصائل المعارضة والقوات النظاميّة لتحييد قرية خربة، باعتبارها منطقة لجوء، ومعظم النازحين إليها هم من بلدة معربة، لذلك لا يتواجد في داخلها مظاهر مسلحة".
ويشير الناشط في درعا، محمود عيسى، لـ "العربي الجديد"، إلى أنّ "دخول مجموعة من لواء "شباب السنّة"، المتمركزة في مدينة بصرى الشام، كان إثر إصابة أحد قياديي لواء تحرير بصرى الشام، من جراء انفجار عبوة ناسفة على طريق خربة جمرين، حيث قامت مجموعة من عناصر اللواء بتفتيش الطريق، فاكتشفت وجود ثماني عبوات ناسفة تفجّر عن بعد، لم يعرف من زرعها، ولهذا تمّ الدخول إلى قرية خربة للتفتيش".
ويوضح عيسى أنّه "أثناء تواجد مقاتلي لواء "شباب السنّة"، حدث تلاسن بينهم وبين الأهالي والنازحين إليها، ومعظمهم من معربة، الذين طالبوهم بالخروج من القرية، على أساس أنها منطقة لجوء"، لافتا إلى أنه "تبع هذا الإشكال إطلاق نار على أحد قادة اللواء، ويدعى مهند المقداد، على حاجز تابع لمسلحي معربة، وضع على الطريق بين بصرى ومعربة، ما أدى إلى مقتله وإصابة مرافقه، علماً أن المقداد كان في مهمّة لفضّ الخلاف الحاصل"، على حد قوله.
وفي حين كان الإشكال، وفق عيسى، عبارة عن "مشكلة عاديّة يمكن حلّها، زاد ارتكاب جريمة القتل الوضع تعقيداً، قبل أن يتوصّل قياديو الفصائل في معربة ووالد المقتول إلى اتفاق، أمس الأربعاء، يقضي باللجوء إلى المحكمة الشرعيّة، وتعهدوا بتقديم الجناة إلى المحكمة".
من جهته، أفاد المجلس العسكري في بلدة معربة، بأنّ "مجموعة من المسلحين التابعين للواء "شباب السنّة"، اقتحمت في الثاني من الشهر الحالي، قرية خربة، الخالية تماماً من أي وجود لقوات النظام، وجلّ سكانها أطفال ونساء من النازحين من عدة قرى"، مشيراً إلى أنّه "تمّ الاعتداء على الآمنين في صالات الكنائس وضربهم وشتمهم، إضافة إلى سرقة منازل عدّة".
ويوضح المجلس العسكري، في بيان أصدره، أنّه على الرغم من اتفاقه مع قيادة لواء "شباب السنّة"، على انسحاب عناصرهم في اليوم التالي، "لإبقاء خربة قرية آمنة"، لكن في اليوم اللاحق، أي في الثالث من الشهر الحالي، "تمّت معاودة الكرّة واقتحام الصالات والمنازل التي تؤوي النازحين بل ومضاعفة الاعتداء عليهم". ويضيف المجلس: أنهّ "كان لزاماً أخلاقياً عليه التدخّل لإيقاف هذه الاعتداءات غير المبررة والمرفوضة"، مشيراً إلى تشكيل قوة، ووضعت حواجز على مداخل القرية لمنع اللواء من تعزيز قوته الموجودة في البلدة".
ولم يتأخر النظام السوري في استغلال هذه الحادثة والترويج عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي المؤيدة له، بأنّ جبهة النصرة اقتحمت قرية خربة، ذات الأغلبية المسيحيّة والتابعة لمحافظة السويداء، من خلال العزف على الوتر الطائفي والإيحاء بأنّ هناك خطراً على مسيحيي البلدة، قد يطالهم من قبل الجبهة، كما عزفت على الوتر المناطقي من خلال تجييش أهالي محافظة السويداء إعلامياً ضد أهالي محافظة درعا.