على الرغم من أن حي جوبر، الواقع إلى الشمال الشرقي من مركز مدينة دمشق، يتعرض بشكل شبه يومي لقصف وغارات الطيران الحربي التابع لقوات النظام السوري، إلا أن الحملة التي بدأها الأخير مع ساعات الفجر الأولى، أمس، بدت وكأنها محاولة جادة لاقتحام الحي، الذي تسيطر عليه المعارضة منذ صيف عام 2012، وصدّت عشرات محاولات التقدّم السابقة لقوات النظام عند أطراف الحي.
وقال الناشط الإعلامي، مازن الشامي، لـ"العربي الجديد"، إنّ الطيران الحربي التابع لقوات النظام "شنّ أكثر من 20 غارة جوية على جوبر، فيما تساقطت صواريخ أرض أرض على الحي بغزارة"، مؤكّداً أن النظام "قصف جوبر أيضاً بصواريخ محملة بغاز الكلور، ونتج عن ذلك إصابات في صفوف المدنيين".
وتابع الناشط، المتواجد في الغوطة الشرقية لدمشق، أنّ "اشتباكات عنيفة جداً درات بمحيط حي جوبر ظهر الإثنين (أمس) بالأسلحة المتوسطة والثقيلة بالتزامن مع قصف مدفعي، وتمشيط من الدبابات التابعة للنظام باتجاه الحي".
من جهته، أفاد الناشط الإعلامي، أبو اليمان، من داخل حي جوبر لـ"العربي الجديد" بأنّ "كتيبة الدفاع الجوي التابعة لفيلق الرحمن، أصابت إحدى الطائرات الحربية، وأكدت أنها انفجرت قبل الوصول إلى مطار خلخلة العسكري قرب مدينة السويداء".
بدوره، قال المتحدث الرسمي باسم "فيلق الرحمن"، محمد أبو عدي، لـ"العربي الجديد"، إن مقاتلي الفصائل المتواجدة بجوبر "كبدوا النظام خسائر بشرية كبيرة خلال الحملة الفاشلة رغم استخدام النظام غاز الكلور".
وأرجع أبو عدي سبب شن النظام هذه الحملة إلى أنه "يريد استرجاع ما خسره أخيراً من نقاط حيوية بجوبر"، في حين رأى الناشط، أبو وسام الغوطاني، لـ"العربي الجديد"، أن "النظام يبحث عن نصر أمام مؤيديه، وأراد رفع معنوياتهم بعد الخطاب الذي ألقاه (رئيس النظام) بشار الأسد (أول من أمس)، ودفع عناصره نحو الانتحار على جبهات الغوطة".
كما أكّد أبو وسام، المتواجد في الغوطة، تعرّض عدّة بلدات هناك لقصف جوي عنيف، مشيراً إلى "مقتل أكثر من أربعة أشخاص وإصابة العشرات في دوما، التي طاولتها ست غارات حتى الظهر". وأضاف أن "بلدة بالا وجسرين تعرّضتا لغارات مكثفة وسط اشتباكات عنيفة على أطراف بلدة بالا، أدت لمقتل 8 من عناصر النظام".
وعند أطراف دمشق، واصلت طائرات النظام قصف مدينة الزبداني، حيث أكدت الناشطة الإعلامية، ميس الزبدانية، لـ"العربي الجديد"، سقوط "عشرين برميلاً صباح الإثنين على وسط المدينة، بالتزامن مع اشتباكات عنيفة جداً تدور في المحور الجنوبي" بين مقاتلي المعارضة ومسلّحي حزب الله اللبناني.
اقرأ أيضاً: الصواريخ الفراغية تقصف الزبداني في اليوم الـ22 للعدوان
يأتي ذلك في اليوم الرابع والعشرين للحملة، التي بدأها النظام السوري بالاشتراك مع حزب الله اللبناني على المدينة، الواقعة الى الشمال الغربي من دمشق بنحو 45 كيلومتراً، والتي زاد الحديث أخيراً حول مفاوضات ترعاها الأمم المتحدة، لإيجاد حل يُنهي الهجوم على الزبداني، مقابل أن توقف المعارضة حملتها التي بدأتها في الخامس عشر من هذا الشهر على بلدتي كفريا والفوعة المواليتين للنظام بريف إدلب.
وكانت مصادر سورية مطلعة، وهي على اتصال بالأمم المتحدة، قد كشفت لـ"العربي الجديد"، عن تواصل التحركات التي تقوم بها المنظمة الدولية، حول هذا الموضوع، موضحةً بأن "الاتصالات تجري بسرية تامة، وأن الأمم المتحدة تحركت بهذا الخصوص، بعدما بدأ جيش الفتح باستهداف كفريا والفوعة بريف إدلب".
وغير معروف حتى اللحظة على وجه التحديد، البنود أو النقاط التفصيلية التي يجري بحثها في المفاوضات حول المدينة. لكن يتضح من سياق التطورات الميدانية، أن قوات النظام و"حزب الله" انكفأت أخيراً وقلصت محاولات الاقتحام البرية، التي فشلت جميعها في السابق، ويبدو أن ذلك يأتي، بانتظار ما ستتمخض عنه المحادثات الجارية حالياً برعاية أممية.
وكانت مصادر مطلعة في دمشق قد أبلغت "العربي الجديد"، في وقت سابق، أن مساعي المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، في تحقيق اختراق بالمسار السياسي من بوابة التطورات الميدانية (خصوصاً في الزبداني)، لم تلاقِ نجاحاً كبيراً بسبب عدم تحكّم النظام في دمشق بكل مجريات الأمور الميدانية واستحواذ "حزب الله" وإيران على القرار الميداني في معظم المعارك.
وفي آخر تطورات جبهة الحسكة، ذكرت مصادر أن تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بات يعيش آخر أيامه في المدينة، حيث أصبحت معظم أحيائها، منذ مساء الأحد، تحت سيطرة قوات النظام ووحدات "حماية الشعب" الكردية.
وقال الناشط الإعلامي، سامر الحسكاوي، لـ "العربي الجديد"، إن "قوات النظام مدعومة بالوحدات الكردية بسطت سيطرتها على معظم أحياء جنوب مدينة الحسكة، وأهمها حي النشوة، وذلك بعد المواجهات التي جرت مساء الأحد"، مؤكّداً أنّ التنظيم "خسر العشرات من مقاتليه، خلال تلك الاشتباكات التي جرت في المدينة الرياضية ودار الثقافة وكلية الآداب ومشفى الأطفال".
ونتيجة المعارك الأخيرة، فإن تواجد التنظيم داخل الحسكة يقتصر حالياً على حي حوش الباعر (يُعرف أيضاً باسم حي الزهور) الواقع جنوب المدينة. وشنّ التنظيم هجوماً مفاجئاً على المدينة في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، وسيطر مقاتلوه بعدها على عدة أحياء داخلها، لتشهد منذ ذلك الوقت معارك شبه يومية، أدت لنزوح عشرات الآلاف من سكانها المحليين.
اقرأ أيضاً: "جيش الفتح" يقصف القرداحة وتراجع "داعش" في الحسكة