سنعلّم أطفالنا الموسيقى

18 فبراير 2015
وجد بعض الأطفال خلاصهم في الموسيقى (العربي الجديد)
+ الخط -
لن تُمحى قساوة العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة من أذهان أطفاله بسهولة. تراهم في حاجة ماسة إلى الترفيه عن أنفسهم. وجد كثيرون منهم خلاصهم في الموسيقى، على الرغم من أن أهالي القطاع لم يعتادوا تخصيص الوقت لها. في هذا الإطار، لم يتردد فريق "صول باند" المؤلف من ستة عازفين، في تعليم الأطفال الراغبين العزف على بعض الآلات الموسيقية. جالوا مختلف مدن القطاع، وخصوصاً المناطق الأكثر تهميشاً.

تأسّس فريق "صول باند" قبلَ عامين. كان يحمل اسم "صول تيم"، ويضمّ خمسة عازفين على آلات الإيقاع والتار والأورغ والأكورديون والعود. بعد فترة، انضم المغني محمد نصر الله (19 عاماً) إلى الفرقة. صار يغني للأطفال الأغنيات الوطنية في مناسبات عدة.

على مدى أشهر، درّب الفريق عدداً كبيراً من الأطفال في جميع مدن القطاع، ضمن مبادرة أطلق عليها اسم "سنعلم أطفالنا الموسيقى ونغني للسلام". هدف من خلالها أيضاً إلى اكتشاف مواهب الأطفال وصقلها وشجعهم على إبرازها.

يدرب عازف الإيقاع في الفرقة فارس عنبر (18 عاماً) الأطفال على آلتي الطبلة والتار. يقول لـ "العربي الجديد": "بدأنا مسيرتنا قبل عامين. عزفنا وغنينا في جميع المحافل الوطنية. أردنا العزف للأطفال بشكل أساسي، ما زاد ثقة الجمعيات والمؤسسات التي تهتم بالأطفال بنا، فصارت تطلب منا تدريب الأطفال على الموسيقى".

يسعى الفريق إلى العمل مع الأطفال الذين نزحوا من بيوتهم، بالإضافة إلى الفقراء القاطنين في المناطق المهمشة. عادة ما ينظّم حفلات يشارك فيها الأطفال بعد أيام من التدريب. يعزف الأطفال ما تعلموه، ولا يستطيعون إخفاء سعادتهم.

خلال التدريبات، لاحظ عنبر ورفاقه سرعة حفظ الأطفال للألحان. يقول: "كانوا يتجاوبون بسرعة معنا"، مضيفاً أنه في غزة ليس هناك مدارس لتعليم الأطفال الموسيقى مجاناً، علماً أن كثيرين يرغبون بتعلمها "أما نحن، فإمكاناتنا محدودة".

من جهته، يقول مغني الفرقة إنه خلال التدريبات، يسعى إلى توطيد علاقة الأطفال بالموسيقى. يضيف لـ "العربي الجديد": "نحاول خلق مساحة خاصة للأطفال من خلال الغناء، وخصوصاً أنهم يعانون في ظل الحصار والحروب". أيضاً، يلفت إلى أننا "نركز على تعليم الأطفال، وخصوصاً الموهوبين منهم، الأغاني الوطنية". يشير إلى أن المواهب "تتركز في الفئة العمرية ما بين 14 و17 عاماً. يتمتع بعضهم بحس موسيقي مميز، ويحتاجون فقط إلى المتابعة بشكل دائم ليتمكنوا من الاحتراف في المستقبل".

يتابع نصر الله أن "أطفالاً كثيرين كانوا يعانون فراغاً كبيراً إلى أن بدأوا يتعلمون الموسيقى. فقد شغلتهم تماماً. عمد البعض إلى مشاركة أطفال آخرين في العزف، على أمل إنشاء فرقهم الخاصة في المستقبل". أما مايسترو الفرقة سعيد سلام فضل، الذي يعزف على آلة الأورغ في الحفلات، فيقول لـ "العربي الجديد": "سيصاب العالم بالذهول لو أنه يرى هذه المواهب. داخل هؤلاء الأطفال إمكانات كبيرة، لكن تكمن المشكلة في قلة المبادرات والظروف الصعبة التي يعيشونها يومياً".

يشيرُ فضل إلى "صعوبة متابعة الأطفال بعد الانتهاء من التدريبات، وخصوصاً أنه لا تدخل إلى القطاع آلات موسيقية جديدة، كما أن المجتمع الغزي لا يهتم كثيراً بالموسيقى كونه محافظاً". حين يتذكر فترة طفولته، يشعر فضل بالحزن. يقول إن جميع أعضاء الفرقة لم يجدوا من يشجعهم في بداياتهم. لم يحصلوا على مساعدة من أحد، الأمر الذي شجعهم على الاهتمام بالأطفال بشكل خاص.

تجدر الإشارة إلى أن المواهب في غزة تعاني من الإهمال في ظل عدم وجود مؤسسات تعمل على اكتشافها وصقلها.

تفريغ نفسي
أعلن برنامج الصحة النفسية الفلسطيني، خلال دراسة أصدرها في ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، لمعرفة احتياجات أطفال قطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير، أن 75 في المئة منهم يحتاجون إلى تفريغ نفسي من خلال الرياضة والموسيقى وغيرها. أضاف أن 20 في المئة منهم لا يشعرون بالأمان ويحتاجون إلى رعاية نفسية بسبب فقدانهم ذويهم أو أقاربهم.
المساهمون