سلمان أول ملك سعودي في روسيا: نفط يحكم السياسة

موسكو
AA57C697-9636-44B1-8EB4-8BAD8E26A738
رامي القليوبي
مراسل "العربي الجديد" في روسيا
05 أكتوبر 2017
E65D8285-E959-46C7-814E-D6AF689806B6
+ الخط -
يبدأ العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، اليوم الخميس، محادثاته في موسكو، في إطار أول زيارة لملك سعودي إلى روسيا في تاريخ العلاقات بين البلدين، وسط توقعات بأن تتصدر ملفات التعاون الاقتصادي والاستثماري، وتنسيق المواقف بشأن سوق النفط، والوضع في سورية، جدول أعمال المباحثات. ويتوقع السفير الروسي الأسبق لدى السعودية، أندريه باكلانوف، أن تسفر زيارة الملك سلمان عن الارتقاء بمستوى العلاقات بين البلدين على نحو كيفي، حتى لا تتأثر بالأحداث في الشرق الأوسط، مثل الحرب في سورية. ويقول باكلانوف، في حديث لـ"العربي الجديد"، "ستشكل الزيارة نقطة انطلاق للدفع بالعلاقات حتى لا تؤثر الأحداث في المنطقة على الصداقة والعلاقات الاقتصادية بين البلدين". ويذكّر باكلانوف، الذي عمل سفيراً في الرياض بين العامين 2000 و2005، بأن "زيارة ولي العهد السعودي، في ذلك الوقت، عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، إلى روسيا في العام 2003، أسفرت عن نقلة في مستوى العلاقات، وتم الاتفاق على إيصال أقمار عرب سات إلى المدار بواسطة صواريخ روسية، وفازت شركة السكك الحديدية الروسية بمناقصة مد سكة حديد في السعودية". ويضيف "تعتبر السعودية بلداً متطوراً جداً، إلا أنها لا تزال في بداية الطريق في قطاع السكك الحديد، وكانت هناك فرصة سانحة لروسيا في هذا المجال. لكن في السنوات التالية، لم يتسن الحفاظ على هذا المستوى من العلاقات، ومشروع سكة الحديد لم يتحقق في نهاية المطاف". وبحسب شروط المناقصة، كان من المقرر أن تبني روسيا خطاً للسكة الحديدية بطول 520 كيلومتراً، وبقيمة 800 مليون دولار، لربط منطقة الزبيرة بمطار الملك خالد الدولي في الرياض، لكن السعودية ألغت نتائج المناقصة في العام 2008 لدوافع رأتها موسكو "سياسية".

وحول مجالات التعاون الناجح بين موسكو والرياض في الوقت الحالي، يشير باكلانوف إلى تنسيق المواقف في سوق النفط. ويقول "كوننا أكبر بلدين مصدرين للنفط، فإننا معنيون بتمديد اتفاق خفض الإنتاج بين الدول المنتجة داخل أوبك وخارجها، الذي أسفر عن تعافي أسعار النفط. وأتوقع أن يتم خلال الزيارة تثبيت محور السياسات في سوق النفط". وبحسب وكالة "رويترز"، فإن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، كان له دور أساسي في تسوية الخلافات بين السعودية وإيران نهاية العام الماضي، ما أتاح التوصل إلى اتفاق خفض الإنتاج بين كبار المصدرين وأدى إلى ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات عالية نسبياً.

وأعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، أن من المتوقع أن يكون موضوع التعاون العسكري التقني واردا في أجندة لقاء بوتين وسلمان. وقال، رداً على سؤال حول ما إذا كان التعاون العسكري التقني سيبحث خلال اللقاء، "يمكن توقع وروده أيضا في أجندة العمل".


الأزمة السورية
على مدى السنوات الأخيرة، خيّمت الخلافات في الملف السوري على العلاقات بين روسيا والسعودية وغيرها من دول الخليج. ومنذ قرابة عامين تردد أكثر من موعد لزيارة الملك سلمان، ثم كان يتم تأجيلها. ويستبعد الخبير في شؤون الشرق الأوسط، ديمتري فرولوفسكي، أن تسفر الزيارة عن تغيير رؤى أي من موسكو الرياض حيال الأزمة السورية، مرجحاً في الوقت ذاته أن تخفف السعودية من مواقفها في بعض الملفات. ويقول فرولوفسكي، لـ"العربي الجديد"، إنه "على ضوء النجاحات الروسية في سورية، ستتحدث السعودية هذه المرة من موقف الضعف، وقد تتخذ موقفاً محايداً من بعض الملفات، طالما تضمن مراعاة مصالحها في سورية ما بعد الحرب، وحتى قد تقبل ضمنياً ببقاء الرئيس بشار الأسد في منصبه، لكن دون إعلان ذلك بالطبع". وبحسب صحيفة "فزغلياد" الروسية، فإن زيارة الملك سلمان إلى موسكو تعني "اعترافاً فعلياً بانتهاء الحرب في سورية"، واكتمالاً لتعزيز مواقف روسيا في المنطقة بعد أن استضافت جميع القادة العرب تقريباً خلال آخر عامين.

يذكر أن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أشار، خلال زيارة نظيره الروسي، سيرغي لافروف، إلى الرياض في 10 سبتمبر/أيلول الماضي، إلى أن مواقف المملكة تتطابق ومواقف روسيا، ليس فقط في سورية، بل وفي العراق واليمن وليبيا، وأيضاً في محاربة الإرهاب عموماً. وحينها أعلن لافروف عن عدم وجود "خلافات لا يمكن حلها" بين البلدين. وأكد لافروف على دعم جهود السعودية بشأن توحيد المعارضة السورية، قائلاً "يجري التنسيق بين مجموعات المعارضة السورية لتشكيل وفد موحد للمفاوضات، وندعم هذا التوجه من قبل السعودية". وكانت مصادر قالت إن الجبير أعطى توجيهات لوفد من الهيئة العليا للمفاوضات المعارض، في الرياض، على شكل "نصائح"، منبهاً إلى أن الموقف الدولي قد تغيّر تجاه القضية السورية، وأن الأولوية قد تحولت إلى محاربة الإرهاب، وأن مصير بشار الأسد لم يعد أولوية لدى الدول الفاعلة في القضية السورية. وأبدى دعمه لمساعي الهيئة إلى عقد اجتماع في الرياض من أجل إعادة هيكلتها، بما يتوافق مع التوجهات الدولية الجديدة، ومساندته مساعي الهيئة بضم منصتي موسكو والقاهرة إلى الهيئة العليا الجديدة. وأبلغ الجبير الوفد أن الروس قد نجحوا في منع إسقاط الأسد، وباتت روسيا الآن العنصر الأقوى في سورية، وبأن الدول الإقليمية الفاعلة في القضية السورية ستضطرّ إلى الموافقة على ما يريده الروس، والذين يميلون إلى بقاء الأسد في السلطة خلال المرحلة الانتقالية.

في سياق آخر، يقلل فرولوفسكي من احتمال مناقشة أزمة قطع الدول الأربع (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) علاقاتها الدبلوماسية مع قطر أثناء زيارة الملك. ويقول "لقد جرى بحث هذه القضية أثناء زيارة وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إلى السعودية، في سبتمبر/أيلول الماضي. تتعامل روسيا مع الأزمة الخليجية على أنها أزمة عائلية ستنتهي بالمصالحة، طال الزمن أو قصر، مدركة أن دعمها لأي طرف سيؤدي إلى إفساد العلاقة مع الطرف الآخر". 

مسيرة علاقات حافلة بالتوترات
رغم أن الاتحاد السوفييتي كان أول بلد غير عربي اعترف بالدولة السعودية وأقام علاقات دبلوماسية معها في عام 1926، إلا أن العلاقات بدأت تتسم بالبرود بعد حصول شركات نفط أميركية على امتيازات التنقيب عن النفط في السعودية في عام 1933، وصولاً إلى قطع العلاقات الدبلوماسية، التي لم تُستأنف إلا قبيل عام 1991. لكن حتى بعد استعادة العلاقات الدبلوماسية، لم تخل العلاقات بين البلدين من التوترات في ظل توجيه موسكو اتهامات إلى السعوديين بدعم المسلحين في الشيشان، قبل أن تبدأ العلاقات في التحسن، ثم تتدهور من جديد وصولاً إلى الأزمة السورية. وفي عام 2007 قام الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بزيارته الأولى والوحيدة إلى الرياض والتي لم تردّها السعودية، حتى الزيارة الحالية.

ذات صلة

الصورة
من مجلس العزاء بالشهيد يحيى السنوار في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

أقيم في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي وفي مدينة إدلب، شمال غربي سورية، مجلسا عزاء لرئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي استشهد الأربعاء الماضي.
الصورة
آثار قصف روسي على إدلب، 23 أغسطس 2023 (Getty)

سياسة

شنت الطائرات الحربية الروسية، بعد عصر اليوم الأربعاء، غارات جديدة على مناطق متفرقة من محافظة إدلب شمال غربيّ سورية، ما أوقع قتلى وجرحى بين المدنيين.
الصورة
غارات روسية على ريف إدلب شمال غرب سورية (منصة إكس)

سياسة

 قُتل مدني وأصيب 8 آخرون مساء اليوم الثلاثاء جراء قصف مدفعي من مناطق سيطرة قوات النظام السوري استهدف مدينة الأتارب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة
الصورة
قبور الموتى للبيع في سورية / 6 فبراير 2024 (Getty)

اقتصاد

تزداد أعباء معيشة السوريين بواقع ارتفاع الأسعار الذي زاد عن 30% خلال الشهر الأخير، حتى أن بعض السوريين لجأوا لبيع قبور ذويهم المتوارثة ليدفنوا فيها.