سلامٌ على أحمد جرار مُطارِد الاحتلال

26 يناير 2018
+ الخط -

يمعن العدو الصهيوني في تصعيد إجراءات الانتقام بعد معركة جنين البطولية، فقد توسع في عمليات الاعتقال ومداهمة بيوت الآمنين سعياً لإلقاء القبض على المطارد أحمد جرار.

لم يكن غريباً بأي شكل من الأشكال على ابن مخيم جنين أن يعشق البندقية ويشرعها في وجه الاحتلال ومستوطنيه، موجهاً رصاصه المظفر إلى صدر حاخام صهيوني، يتنفس حقداً بحق شعبه وأرضه ومقدساته. المطارد أحمد اليوم في عالم مختلف عن عالمنا يعيش بيننا ولا نراه رغم أنه يرانا، له عالمه ولنا عالمنا. أحمد جرار نذر نفسه وحياته لمسألة واحدة، هي قضيته فلسطين التي سبقه إليها والده نصر جرار مقاوماً مطارداً شهيداً، وها هو اليوم أحمد على نفس الدرب يسير دفاعاً عن دينه ووطنه وحريته وكرامة أمته.

وها هي الأحداث أظهرت مرة أخرى أن مدرسة والده نصر جرار أثبتت نجاحها عسكرياً وشعبياً، فعملية نابلس العسكرية التي نفذها أحمد ورفاقه، وفق تخطيط مدروس، وما أوقعته من خسائر بشرية في صفوف الصهاينة، أكسبت مشروع المقاومة ثقة واحترام ومحبة الشارع الفلسطيني بكافة توجهاته الفكرية والسياسية.

أحمد اليوم أصبح مطلوباً لقوات الاحتلال وأجهزة مخابراتها ووحداتها الخاصة والمستعربة، التي تتخفى بالملابس المدنية الفلسطينية بهدف الاختراق والاقتراب إلى أقرب نقطة ممكنة من المطلوبين، ليتم اعتقالهم أو إعدامهم ميدانياً بدون محاكمة. لكن بطلنا سيهزم الخوف ويواجه واقعه الجديد بشجاعة وإقدام. وإذا كانت أجهزة العدو الاستخبارية، ومن سار في ركب التنسيق الأمني، قد توصلت إلى أن أحمد جرار هو قائد عملية نابلس، إلا أن أحمد لم يرتعب ولم يضعف، بل سيزيده هذا الأمر شجاعة ويفرض عليه في نفس الوقت أن يظل على أهبة الاستعداد، يحمل روحه على كفه وبندقيته على كتفه، فقد عزم على المقاومة حتى الشهادة. ولسان حاله يقول ما قاله المطارد الشهيد عماد عقل "من الآن فصاعداً فأنا مطارد للاحتلال وعليه سوف أذيقهم العلقم بإذن الله".

لذلك ظاهرة المطاردين لها أهميتها بالنسبة لمستقبل الانتفاضة والجهاد المسلح، ويحاول جهاز المخابرات الصهيوني أن يتعامل مع النشطاء الفلسطينيين بطريقة تصفية الحسابات أول بأول، أي شخص يقوم بعمل ما صغير أو كبير، فإن اعتقاله هو الحل لهذا النشاط ومحاسبته أول بأول. ويسعى الاحتلال بشكل كبير إلى عدم بروز هذه الظاهرة من جديد، وسيستمر في السيطرة المطلقة على كل الضفة المحتلة المستباحة.

ولن يقبل أن تعود ظاهرة المطاردين التي تشكل تهديدًا حقيقيًا لأمن الاحتلال، فالعدو يركز تركيزاً خاصاً على المطارد جرار، وذلك خوفاً من أن يتحول إلى نواة قتالية صلبة، فضلاً عن دور الإلهام في الانتفاضة واستمراريتها. لهذا يجب أن يُعتنى بهذه المسألة عناية خاصة، فيؤمن للمطاردين كل شروط مساعدتهم على عدم الوقوع بيد العدو، وعلى وجه الخصوص التخلص من كاميرات التصوير المنتشرة في شوارع الضفة الغربية، وذلك لإبقاء زمام المبادرة بأيديهم في الانتفاضة، حتى يتم تمكينهم من التهيئة لعمليات عسكرية كبيرة. وهذا يتطلب أن نكون عوناً وعيناً لرجال المقاومة، وعدم الوقوع في حملات الاحتلال التي يشنها بحثاً عن المطاردين، ما يقتضي تعاوناً وثيقاً من قبل الشعب مع أبنائه الشجعان، ويقتضي من المقاومة بغزة حسن التعامل معها، باتخاذ كل الإجراءات المناسبة لرفدها بأسباب البقاء والقوة والفعالية.

تربينا في الانتفاضة الأولى على بطولات عماد عقل ويحيى عياش، وحدثونا عن دلال المغربي، وزرعوا فينا قصص أولئك المطاردين الذين اختبأوا في منازل الشرفاء من أبناء شعبنا. شاهدنا وسمعنا قصصهم كيف خبأوا أسلحتهم في أراضيهم وبيوتهم، لم تنتهِ البطولات العظيمة، بل لا يزال لدينا مزيد من الروايات التي سنحكيها لمن يأتي بعدنا، سنحكي عن أحمد جرار ورفاقه، الذي طارد الاحتلال ليأخذ بثأره وثأر قدسه.

أحمد ومن سيتبعه سيتحولون وقوداً لأطفال الانتفاضة وستروى قصصهم للأجيال الآتية، كما تأثر أحمد بحكايات أبيه نصر، الذي ظلّ واقفًا شامخاً رغم ما أصابه حتى الشهادة. لكلّ جيل أبطاله وشهداؤه، لكل جيل قصصه التي يرويها لمن بعده، وفي كل جيل، من يسمع هذه القصص ولا يتركها حبيسة غرفته ومخدّته، إنما يحوّلها إلى قصةٍ أخرى تستحقّ أن تُروى في ما بعد.

3941E3F4-73BC-4C06-911F-A27ED8C6DE6B
رامي أبو زبيدة

كاتب وباحث فلسطيني مختص بالشأن العسكري للمقاومة الفلسطينية، حاصل على درجة الماجستير في القيادة والإدارة.يقول: أنا فلسطيني أحب وطني ومن أجل ذلك أسعى لإعطاء المقاومة والمقاومين حقهم والدفاع عنهم وإبراز الصورة الحقيقية لتضحياتهم.