قال مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، غسان سلامة، إنه من الصعب الالتزام بالموعد المحدد في الجدول الزمني الذي أقر في باريس للانتخابات الليبية في العاشر من ديسمبر/ كانون الأول القادم، بسبب أعمال العنف والتأخر في العملية الانتخابية.
وذكر سلامة في مقابلة مع "فرانس برس" مساء السبت "ما زال هناك عمل هائل يجب القيام به. قد لا نتمكن من الالتزام بموعد العاشر من ديسمبر"، معتبرا أن أي اقتراع لا يمكن أن يجرى قبل "ثلاثة أو أربعة أشهر".
وتأتي تصريحات سلامة بعد عودة الحديث عن الأوضاع السياسية وسبل الخروج من أزمة البلاد الحالية مجدداً بعد هدوء نيران الحرب في طرابلس وتجاوز العاصمة نتائجها الكارثية على الصعيد السياسي والأمني، سيما بعد أن نجح مجلس النواب في تمرير قانون الاستفتاء على الدستور، الأسبوع قبل الماضي، بعد الاتهامات التي وجهت له بعرقلة المسار السياسي في خطابي رئيس المجلس الرئاسي، فايز السراج، وغسان سلامة، خلال مداخلتهما في لقاء وزاري عقد في 25 من الشهر الجاري على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة.
لكن تظهر تصريحات البعثة الأممية التي ترعى العملية السياسية في البلاد، سيما رئيسها سلامة، اتجاه الأوضاع نحو ثلاثة مسارات:
الاستفتاء على الدستور ومن ثم الانتخابات: وهو ما أكده سلامة، في حديث لفضائية "الجزيرة" السبت، بقوله إن البعثة تنظر حاليا في "إجراء عملية الاستفتاء على مشروع الدستور ثم تنظيم انتخابات نيابية ورئاسية بعد عملية الاستفتاء"، لكنه استدرك بالقول إن العملية ستتم "إذا لم يتم الطعن قانونياً في قانون الاستفتاء الذي أقره مجلس النواب"، في إشارة إلى ذهاب مجلس النواب إلى تمرير قانون الاستفتاء على الدستور بطريقة جمع التوقيعات للنواب عن بعد، بعد عجزه عن عقد جلسة مكتملة النصاب للتصويت عليه. وهي الخطوة التي لاقت اعتراضا كبيرا من النواب المعارضين لتمرير الدستور للاستفتاء عليه، الذين أكد عدد منهم، خلال تصريحات صحافية، بأنهم في طور إعداد مذكرة للطعن على تمرير القانون بطريقة التوقيع أمام المحاكم.
وشدد النائب بالمجلس، حسن الصغير، في تصريح صحافي، على عدم قانونية الإجراء، معتبراً أن القانون بشكله الحالي "سيؤدي حتما إلى تقسيم البلاد إلى عدة كيانات"، وأن الأزمة "ستزداد حدة في مرحلة ما بعد الاستفتاء على الدستور بشكله الحالي الذي لن يكون مرضياً للجميع".
إعادة هيكلة السلطة التنفيذية: سواء باختيار أخرى جديدة أو إجراء تعديلات على حكومة الوفاق الحالية، وهو ما أكده سلامة أيضا، بقوله إن البعثة تدرس "عدة قضايا ومبادرات مطروحة لمعالجة الانسداد الحالي للأزمة السياسية في ليبيا"، مبيناً أنه التقى الأيام الماضية بأعضاء من مجلسي النواب والدولة لبحث الخطوات السياسية المقبلة.
لكنه أشار إلى أن البعثة غير راغبة في العودة إلى "دوامة تونس" في إشارة إلى جلسات تعديل الاتفاق السياسي، مشيراً أيضاً إلى إمكانية تعديل السلطة التنفيذية الحالية لتتمكن من الإشراف على مرحلة الانتخابات في وقت لاحق.
ودعا مجلس النواب، خلال جلسته الاثنين الماضي، مجلس الدولة إلى بدء التشاور معه في إعادة تشكيل السلطة التنفيذية والدعوة إلى انتخابات رئاسية، دون الإشارة إلى انتخابات برلمانية، وهي الدعوة التي لقيت قبولا من مجلس الدولة بعقد لقاءات بين ممثليها وممثلي مجلس النواب انتهت إلى اجتماع بين نائب رئيس مجلس الدولة فوزي العقاب، ورئيس لجنة الحوار بمجلس النواب، عبد السلام نصية، مع غسان سلامة لمناقشة المقترح الذي "سيمهد إلى الوصول إلى حكومة توافقية تتمكن من الإشراف على الانتخابات في وقت لاحق"، دون تحديد موعدها.
عقد ملتقى وطني: وهو الذي أشار له سلامة في عدة مناسبات بالآونة الأخيرة، ويمثل البند الثاني من الخطة الأممية المعلنة من قبل سلامة في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، ويجمع كل الأطياف والشرائح الليبية، حتى تلك التي لا تمتلك تمثيلا في الأجسام السياسية الحالية، للتوصل إلى اتفاق شامل يمثل عقدا وطنيا يمهد لمصالحة اجتماعية تفضي إلى تمكين كل الشرائح من المشاركة في الانتخابات العامة. لكن عديد المراقبين اعتبروا الملتقى بمثابة خطوة من البعثة لتجاوز الأجسام السياسية الحالية في حال فضلها في تعديل الاتفاق السياسي الذي يمثل البند الأول من الخطة الأممية، ليكون الملتقى جسر العبور إلى الانتخابات.
ولقيت الدعوة لعقد الملتقى معارضة من قبل مجلسي الدولة والنواب، حيث أكد عضو المجلس الأعلى للدولة، عبد القادر حويلي، في تصريح صحافي يوم أمس السبت، أن "البعثة هي من جمدت جلسات تونس لتعديل الاتفاق السياسي"، مشيرا إلى رغبة المجلسين في معاودة الجلسات التي توقفت "عند آلية اختيار حكومة وفاق جديدة".
واعتبر العودة لتعديل الاتفاق السياسي هو "الخيار المتاح والأوسع والأقرب". وأضاف أن المجلسين يعتبران أن "الملتقى مدخلاته مجهولة وبالتالي ستكون مخرجاته مجهولة أيضا".