02 ديسمبر 2019
سقوط حل الدولتين والمأزق الفلسطيني
محمود العلي
باحث فلسطيني، دكتوراه في علم الاجتماع. عمل استاذاً مساعداً في معهد العلوم الاجتماعية - الجامعة اللبنانية، وفي عدّة وظائف في "الأونروا"، باحث ومنسق مركز حقوق اللاجئين – عائدون.
قال الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في سبتمبر/ أيلول 2017، في كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن إسرائيل تتنكر لحل الدولتين، الأمر الذي أصبح يشكل خطرا حقيقيا على الشعبين، الفلسطيني والإسرائيلي، كما ذكر أنه في كل مكان تبنى المستوطنات لم يعد هناك مكان لدولة فلسطين، ما يفرض علينا القيام بمراجعة استراتيجية شاملة لهذه العملية، فلا يكفي أن يكون الالتزام بالسلام من جانب واحد. وختم عباس أن حل الدولتين في خطر، وقال إنه إذا كانت إسرائيل لا تريد حل الدولتين أو السلام فعليها أن تتحمل مسؤولياتها وتبعاتها، وأكد التزام الفلسطينيين بالقانون الدولي والشرعية الدولية وحل الدولتين على أساس حدود عام 1967. وفيما بعد في 12 أكتوبر/ تشرين الثاني 2017 في الذكرى الـ 13 لرحيل القائد الفلسطيني ياسر عرفات، عبر الرئيس عباس عن رؤيته لبديل لانتهاء مشروع حل الدولتين للقضية الفلسطينية، تمثل في تأكيد ضرورة توفير حقوق متساوية في فلسطين التاريخية، حيث يقيم الفلسطينيون مع المواطنين الصهاينة من حمَلة الجنسية الإسرائيلية، لأن الفلسطينيين لن يقبلوا في التوطين في بلد آخر. ما يعني أن الرئيس الفلسطيني سيتوجه إلى تبني خيار الدولة الواحدة، إذا لم يتم تطبيق حل الدولتين. ويؤشر هذا التوجه إلى سياسة جديدة تتبنّاها قيادة السلطة الفلسطينية التي طالما رفضت حل الدولة الواحدة، انطلاقا من أن حل الدولة الواحدة سيستند إلى التمييز العنصري بين اليهود والفلسطينيين العرب. مع أن عباس كان قد قال قبل ذلك بأشهر إنه يرفض الطروحات بشأن إمكانية حل الصراع عبر دولة واحدة، لأن إقامة الدولة الواحدة ستكون مستندة إلى التمييز بين المواطنيين بنظامين يتسمان بالأبرتهايد.
كما أن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، قال قبل أشهر أيضاً إن الحل الذي يريده الفلسطينيون هو حل الدولتين، وإن الحل الآخر المقبول هو دولة ديمقراطية واحدة بحقوق متساوية للجميع من المسيحيين والمسلمين واليهود، لكنه غير ممكن في ظل العقلية الإسرائيلية الحالية. وصرح عريقات في 15 فبراير/ شباط 2017، في مدينة أريحا قبيل ساعات من لقاء الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في واشنطن، إن السلطة الفلسطينية تتمسك بمبدأ "حل الدولتين"، وأن البديل الوحيد لهذا المبدأ هو إقامة "دولة واحدة ديمقراطية، يعيش فيها اليهود والمسلمون والمسيحيون متساوين”. وكان أبرز المفاوضين الفلسطينيين سابقاً أحمد قريع قد أشار، في مقالة له نشرت عام 2012، تحت عنوان الدولتين بين الفشل والتفشيل، إلى أن مشروع حل الدولتين كان موضع البحث الأساسي في مؤتمر أنابوليس الذي عقد في السنة الأخيرة من ولاية الرئيس جورج بوش الثانية، بحضور نحو خمسين دولة ومنظمة دولية، وشكل قاعدة التفاهمات
العريضة التي جرت في فضائها المفاوضات الثنائية لنحو عام، من دون التوصل إلى نتيجة حاسمة تقربنا خطوةً يعتد بها على طريق تطبيق حل الدولتين على الأرض، إن لم نقل عدم التمكّن من إغلاق أي من الملفات المطروحة على طاولة التفاوض. والحقيقة أن المفاوضات التي أشار إليها أحمد قريع قد استمرت، عبر حالة التواصل بين السلطتين، الفلسطينية والإسرائيلية، حتى منتصف عام 2014، حين توقفت المفاوضات مع قيام الكيان الصهيوني بموجة عارمة من عمليات استيطان مركزة داخل مدينة القدس وفي محيطها المجاور، أو عبر انتهاكات ومراوغات سياسية مصممة أساساً للتهرّب من أداء أي من استحقاقات حل النزاع التاريخي، على أساس مشروع كان يواجه رفضاً مبطناً من أعلى المرجعيات السياسية والأمنية الإسرائيلية. ويمكن الاستنتاج من التجربة الفلسطينية في المفاوضات أن إقحام موضوع الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، في وقت لاحق، كان من بين أكثر الشواهد دلالة على وجود نية إسرائيلية مضمرة لاختلاق أي ذريعة ممكنة، من شأنها كبح كل جهد تفاوضي، يقود إلى حل النزاع على قاعدة دولتين لشعبين.
من المعلوم أن حل الدولتين بقي متداولاً في أسواق الكلام الدبلوماسي الذي تساوق مع الانتهاكات والمظاهر والشواهد الدالة بصورةٍ لا تخطئها العين على تحلل إسرائيل تماماً من مشروع حل الدولتين، من دون أن تعلن ذلك صراحة. وذلك لأن الحركة الصهيونية، بما فيها التيارات المسيحية الصهيونية في أميركا وغيرها، تلتزم برؤية الحركة الصهيونية التي تحمل، في جوهرها، أن يهودا والسامرة تشكل قلباً لأرض إسرائيل، وأن القدس تشكل قلب المنطقة الجبلية المركزية لها، لأن هناك مشى إبراهيم مع ابنه إسحاق، وهناك أقام يعقوب مخيمه، وهناك أورث آباؤهم شعوب كنعان، وفي مقدمتهم يهوشوع بن نون. وفي جبال يهودا والسامرة، تقع عشرات الأماكن المقدسة ذات الأهمية التاريخية، وكانت هذه الأراضي تحت سيادة الأردن 19 عاماً فقط. وبعد مرور أكثر من أربعين سنة على السيادة الفعلية الإسرائيلية في هذه الأراضي، لا يوجد أي مانع من ضمها رسميًا وبشكل ملموس لدولة إسرائيل.
والحقيقة أن الموقف الإسرائيلي من الدولة الفلسطينية يقوم على أساس الاعتبارات الدينية والتاريخية والاستراتيجية والاقتصادية والأمنية والسياسية؛ فمختلف التيارات السياسية الإسرائيلية ترى فلسطين جزءاً من أرض "إسرائيل". وعلى هذه الخلفية، يتبلور في "إسرائيل" الإجماع الذي يدعو إلى: عدم العودة إلى حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967، والقدس عاصمة موحدة لـ "دولة إسرائيل"، وبقاء الكتل الاستيطانية في الضفة تحت السيطرة "الإسرائيلية"، وعدم السماح بقيام دولة فلسطينية ذات سيادة. وفوق ذلك، تمثل المشروع الصهيوني في تأكيد بقاء الكيان الصهيوني دولة يهودية، بما فيها حق اليهود في السكن في أماكن، أو أي جزء من أرض فلسطين. ومع أن رئيس الوزراء الإسرائلي الأسبق، إيهود أولمرت، قال في خطابه في مؤتمر هرتزليا عام 2007، إن وجود دولتين قوميتين، يهودية وفلسطينية، هو الحل الأمثل الذي يلبي التطلعات الوطنية لكلا الشعبين، إلا أنه لفت إلى أنه في إطار التسوية ينبغي على الإسرائيليين بلورة خط حدودي واضح يعكس الواقع الديموغرافي، بحيث تحتفظ إسرائيل بالمناطق الأمنية وبالكتل الاستيطانية اليهودية، والأماكن التي توجد لها أهمية قومية عليا للشعب اليهودي، وفي طليعتها القدس الموحدة، حيث لا وجود لدولة يهودية من دون أن تكون القدس العاصمة في قلبها، كما دعا إلى الحفاظ على الكتل الاستيطانية، مثل غوش عصيون وإرئيل، والتي تشكل نحو 20% من مساحة الضفة. كما أن رئيس الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، بنيامين نتنياهو، صرّح بمناسبة مائة يوم على حكومته أن "دولتين لشعبين هي محطّ إجماع قومي" في إسرائيل، فيما قالت رئيسة المعارضة، تسيبي ليفني، زعيمة حزب كاديما المنشقّ أساسًا عن الليكود، إنها رفضت الدخول في الائتلاف الحكومي، بإدّعاء أن الحكومة ترفض حلّ "دولتين لشعبين" .
وتمثلت الدوافع العملية إسرائيليا لدى كل الأطراف الصهيونية، بما فيها التي تدّعي الوصول إلى سلام مع الفلسطينيين، وإنهاء النزاع معهم عبر حل الدولتين، في الحفاظ على الطابع اليهودي لإسرائيل مع امتداداتها الجغرافية والديمغرافية. وبالتالي، بقي مشروع الدولتين عرضةً لسياسات إسرائيل وممارساتها في فرض الأمر الواقع، عبر توسيع رقعة المشروع الصهيوني الأستيطاني الجغرافية. هذه السياسة التي تكرست عبر قرار الكنيست الذي اتخذ أخيرا تحت اسم قانون القدس الموحدة، والذي يهدف إلى إحداث واقع استيطاني جديد، يهدف إلى توسيع المدى الجغرافي للقدس أيضا، كي يتم وصلها ببعض المستوطنات، لتبلغ مساحتها وحدها ما يقارب 12% من مساحة الضفة الغربية. وكذلك على الصعيد العملي، بدأت الإدارة الأميركية بتنفيذ ما سميت صفقة القرن التي رتبها الرئيس ترامب وفريقه، والتي انسجمت مع سياسات الكيان الصهيوني، والهادفة إلى حسم وضع القدس، باعتبارها عاصمة الكيان الصهيوني، وإنهاء قضية اللاجئين، بإلغاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ممثلا أمميا وبقرارات أممية، جاء في مقدمة قرار تأسيسها، وكذلك في الفقرة الخامسة والفقرة 20، أن حل مأساة اللاجئين يتم عبر تنفيذ القرار 194. كما وتفيد الأمم المتحدة على الدوام بأن تجديدها ولاية "أونروا" يتم بسبب العجز عن تنفيذ حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين. وبالتالي، يؤشر الضغط على السلطة الفلسطينية كي تستمر في التفاوض مع الكيان الصهيوني، عبر إعلان مندوبتها في الأمم المتحدة عن شرطها للدعم مقابل استمرار السلطة في التفاوض مع الكيان الصهيوني، يؤشر إلى التمهيد للوصول إلى المفاوضات النهائية، من أجل تنفيذ ما سمي سلاما إقليميا بين إسرائيل والدول العربية، تقودها السعودية، فدول عربية كثيرة أصبحت تستخدم مفاوضات السلطة وسيلة وحجة لدورها في التفاوض، وصولا إلى الحل الإقليمى للصراع الفلسطينى – الإسرائيلي، يقوم على استمرار سيطرة إسرائيل على مساحات ضخمة من الضفة الغربية، في مقابل تعويض الفلسطينيين بمساحات ضخمة من شبه جزيرة سيناء لإنشاء دولة فلسطينية مستقرة وقادرة على النمو والمنافسة. وذلك لأن حل القضية الفلسطينية ليس مسؤولية إسرائيل وحدها، حسب دراسة صدرت عن مركز "بيغن – السادات للدراسات الاستراتيجية"، أعدها مستشار الأمن القومى الإسرائيلى السابق، اللواء احتياط جيورا أيلاند، وهو أحد صناع القرار المؤثرين فى إسرائيل بعنوان: "البدائل الإقليمية لفكرة دولتين لشعبين". كما وأوضح أيلاند في دراسته أن إسرائيل باتت ترفض بوضوح فكرة اقتسام المساحة الضيقة من الأراضي مع الفلسطينيين لإقامة دولتين لشعبين، فهذا الحل يضرب نظرية الأمن الإسرائيلى من ناحية،
ويتجاهل الواقع فى الضفة الغربية من الناحية الأخرى، الذي يحول دون إخلاء 290 ألف مستوطن من "بيوتهم" لما يترتب على ذلك من تكلفة اقتصادية باهظة، ويحرم إسرائيل من عمقها الاستراتيجى، وينتهك الخصوصية الدينية والروحية التى تمثلها الضفة بالنسبة للشعب الإسرائيلي! وجاء في دراسته أن 22 دولة عريية مسؤولة أيضا، ويجب أن تبذل جهودا إضافية لرفع معاناة الفلسطينيين. وذكر أيضاً أن المستشار الخاص لترامب ورئيس الفريق الخاص بعملية السلام، جاريد كوشنر، طلب من السعوديين إقناع الرئيس محمود عباس بالخطة التي سيتم تقديمها رسمياً مطلع 2018. وأن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، طلب من عباس، في لقائهما في بداية نوفمبر/ تشرين الثاني2017، أن يقبل بالخطة، وأن يكون إيجابياً تجاهها. وهو متحمس جداً للخطة، وحريص على التوصل إلى اتفاق سلام بين الفلسطينيين وإسرائيل أولاً، ثم بين إسرائيل والدول العربية خطوة أولى لتشكيل تحالف بين السعودية وإسرائيل لمواجهة التهديد الإيراني. كما ونقل موقع ميدل إيست آي عن مصادر مطلعة على لقاء بن سلمان وعباس أن الأول أبلغ الثاني أن التهديد الإيراني للدول العربية جدّي، وأن السعودية يحتاج دعم الولايات المتحدة وإسرائيل لمواجهة الصراع الوجودي مع طهران. وقال له لا يمكننا أن نحظى بدعم إسرائيل قبل حلّ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وفي مسار الضغط الأميركي ميدانياً على الفلسطينيين بعد إعلان ترامب أن القدس عاصمة لإسرائيل، فقد أعلنت الخارجية الأميركية إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وكانت الخارجية الأميركية أبلغت المنظمة بأنها ستغلق مكتبها في واشنطن حال لم تشارك بمفاوضات مباشرة وهادفة من أجل التوصل إلى اتفاقية سلام مع إسرائيل. كما عمدت السلطات الأميركية إلى استهداف "أونروا"، عبر إعلان مندوبتها في الأمم المتحدة، أنها لن تدفع مساهماتها السنوية لدعم خدمات "أونروا" التي تقدم للاجئين الفلسطينين إذا لم تبادر السلطة الفلسطينية لإجراء مفاوضات مع إسرائيل. وقد نفذت السلطة الأميركية تهديداتها عبر تخفيض الدعم السنوي الذي تقدمه إلى "أونروا" إلى ما يوازي نصف ما تلتزم به سنوياً أي مبلغ 60 مليون دولار من أصل 125 مليون دولار. وهذا المسار في السياسة الأميركية أدى إلى إعلان مختلف أطراف السلطة الفلسطينية أن الإدارة الأميركية فقدت أهليتها للقيام بدور الوسيط، وأن إغلاق مكتب منظمة التحرير خطوة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات الفلسطينية الأميركية، حيث قال الناطق بلسان السلطة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن هذا الأمر تترتب عليه عواقب خطيرة على عملية السلام، ويمثل ضربة لجهود صنع السلام، ويمثل كذلك مكافأة لإسرائيل التي تعمل على عرقلة الجهود الأميركية من خلال إمعانها في سياسة الاستيطان، ورفضها قبول مبدأ حل الدولتين.
وفي الميدان أيضاً، وحسب ما جاء في بيان صحفي للمركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، ومؤسسة تامي ستينمتز لأبحاث السلام في أغسطس/ آب 2017، فإن نسبة كبيرة من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي تعتقد أن حل الدولتين لم يعد عمليا ممكناً بسبب التوسع الاستيطاني، حيث إن 52% من الفلسطينيين أشارو إلى ذلك، فيما حوالي نصف الإسرائيليين أي 44% كان لهم الإجابة نفسها بسبب التوسع الاستيطاني. ومن البين أن الشعب الفلسطيني يرفض قبول "خيار دولة الكانتونات" وما تفرزه من تداعيات وممارسات كبناء جدار الفصل العنصري وتوسيع المستوطنات والشوارع الالتفافية والحواجز العسكرية. بيد أن المسار السياسي الذي تواجهه السلطة الفلسطينية التي لا يتعدّى دورها القيام بالأنشطة البلدية، والدعم الأمني للمحتلين عبر استعدادها لاعتقال من يتهم بالقيام باعمال قتالية ضد الاحتلال، سيجعلها عاجزةً عن مواجهة فعلية لأميركا التي تهدد بوقف الدعم المالي للسلطة، كما للصعوبات التي تتمثل في العجز عن مواجهة الكيان الصهيوني الذي لا يبدو أن أكثر البلدان العربية تسعى إلى مواجهته، بل تسعى إلى المصالحة معه، تحت ما سميت صفقة القرن، والتي أصبحت صفعة القرن، بالنسبة للسلطة الفلسطينية التي كانت تراهن على الدور الأميركي في تسوية القضية الفلسطينية.
مأزق القضية الوطنية الفلسطينية
على الرغم من تشديد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، في أغسطس/ آب 2017، في أثناء زيارته فلسطين المحتلة، على تمسكه بحل الدولتين سبيلا لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، مؤكدا أن البناء الاستيطاني "عقبة" كبيرة أمام السلام، فإن ذلك لا يفي الفلسطينيين حقهم في النضال لاستعادة وطنهم، انسجاما مع تآكل مشروع حل الدولتين، والتراجع الأميركي عن الوعود والتعهدات المعلنة، وزيادة الفتور الأوروبي، واشتداد حالة الانشغال العربي عن القضية الفلسطينية، نتيجة توسع النزاعات الداخلية والإقليمية التي ساهمت
في مزيد من تفتيت البنى الوطنية للدول العربية، وتراجع مفاهيم التواصل الوطني العروبي في مواجهة السياسات الخارجية. كما أن مسارات السياسة الأميركية والإسرائيلية والعربية وضعت الفلسطينيين، سلطة وفصائل، في مأزق حاد، يتعلق بإيجاد مشروع وطني فلسطيني جديد، ما أوقع القضية الفلسطينية في مأزق تاريخي، ليس من السهل تجاوزه في ظل الأوضاع الراهنة للأطراف والفصائل الفلسطينية التي تتحدث باسم الشعب الفلسطيني، حيث إن الانقسامات في صفوف الفلسطينيين، وأحد أشكالها النزاع بين حركة فتح التي يتزعمها الرئيس محمود عباس وحركة حماس الإسلامية التي تسيطر على قطاع غزة، وكذلك الاختلاف في سياسات المواجهة مع الكيان الصهيوني على الأقل على المستوى النظري التي تتبناها فصائل أخرى. وتساهم هذه الحالة في فقدان رؤية موحدة لمشروع وطني فلسطيني، يواجه مشاريع الحركات الصهيونية على المستويين، الدولي والإقليمي. هذا عدا عن ما يجري في أكثر من موقع وتصريح لمسؤولين فلسطينيين وأجانب تجري فيه الإشارة إلى البرامج المتعلقة بصفقة القرن، والساعية إلى تكريس وجود إسرائيل في كل نواحي أرض فلسطين ونقل الفلسطينيين إلى سيناء لإقامة دولتهم، والمصالحة مع الكيان الصهيوني من الدول العربية، بزعم أن إيران هي الخطر الأول على الدول العربية، وليس الكيان الصهيوني.
والحقيقة أن القوى والفصائل الفلسطينية تعاني من غياب التوافق على بلورة مشروع وطني لمواجهة ما يجري في المنطقة من استهداف للقضية الفلسطينية وأرض فلسطين. كما أن "اليسار الفلسطيني" أصبح غير فاعل ميدانياً، ومواجهاته مع سياسات أطراف السلطات الفلسطينية، لا تتعدى إبداء الملاحظات اللفظية، والتي لم تنجح في الوصول إلى فرض رؤية وطنية جديدة، تستند إلى وضع مشروع وطني جديد، يعتمد على تطوير سبل مواجهة الكيان الصهيوني، وليس الاستناد فقط إلى ما سمي النضال الشعبي السلمي الذي تتمسك السلطة الفلسطينية به؛ النضال السلمي الذي لم يحقق نتائج واضحة في مسار التسوية مع الكيان الصهيوني ومشروع إقامة الدولتين. وقد جرى تأكيد الخلاف بين الأطراف الفلسطينية مع جمود المصالحة بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية من جانب، والاحتجاجات التي عبرت عنها فصائل فلسطينية على عقد اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة، في غياب حركتي حماس والجهاد الإسلامي، حين عمدت بعض الفصائل إلى إعلان رفضها عقد اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني في رام الله، تحت أنظار الكيان الصهيوني. وأكثر من ذلك، أعلنت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، في بيان بعد انتهاء اجتماع المجلس المركزي، التحفظ على قرارات غامضة في بيان المجلس، لافتقاد آليات وإجراءات تنفيذية لها.
كما أن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، قال قبل أشهر أيضاً إن الحل الذي يريده الفلسطينيون هو حل الدولتين، وإن الحل الآخر المقبول هو دولة ديمقراطية واحدة بحقوق متساوية للجميع من المسيحيين والمسلمين واليهود، لكنه غير ممكن في ظل العقلية الإسرائيلية الحالية. وصرح عريقات في 15 فبراير/ شباط 2017، في مدينة أريحا قبيل ساعات من لقاء الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في واشنطن، إن السلطة الفلسطينية تتمسك بمبدأ "حل الدولتين"، وأن البديل الوحيد لهذا المبدأ هو إقامة "دولة واحدة ديمقراطية، يعيش فيها اليهود والمسلمون والمسيحيون متساوين”. وكان أبرز المفاوضين الفلسطينيين سابقاً أحمد قريع قد أشار، في مقالة له نشرت عام 2012، تحت عنوان الدولتين بين الفشل والتفشيل، إلى أن مشروع حل الدولتين كان موضع البحث الأساسي في مؤتمر أنابوليس الذي عقد في السنة الأخيرة من ولاية الرئيس جورج بوش الثانية، بحضور نحو خمسين دولة ومنظمة دولية، وشكل قاعدة التفاهمات
من المعلوم أن حل الدولتين بقي متداولاً في أسواق الكلام الدبلوماسي الذي تساوق مع الانتهاكات والمظاهر والشواهد الدالة بصورةٍ لا تخطئها العين على تحلل إسرائيل تماماً من مشروع حل الدولتين، من دون أن تعلن ذلك صراحة. وذلك لأن الحركة الصهيونية، بما فيها التيارات المسيحية الصهيونية في أميركا وغيرها، تلتزم برؤية الحركة الصهيونية التي تحمل، في جوهرها، أن يهودا والسامرة تشكل قلباً لأرض إسرائيل، وأن القدس تشكل قلب المنطقة الجبلية المركزية لها، لأن هناك مشى إبراهيم مع ابنه إسحاق، وهناك أقام يعقوب مخيمه، وهناك أورث آباؤهم شعوب كنعان، وفي مقدمتهم يهوشوع بن نون. وفي جبال يهودا والسامرة، تقع عشرات الأماكن المقدسة ذات الأهمية التاريخية، وكانت هذه الأراضي تحت سيادة الأردن 19 عاماً فقط. وبعد مرور أكثر من أربعين سنة على السيادة الفعلية الإسرائيلية في هذه الأراضي، لا يوجد أي مانع من ضمها رسميًا وبشكل ملموس لدولة إسرائيل.
والحقيقة أن الموقف الإسرائيلي من الدولة الفلسطينية يقوم على أساس الاعتبارات الدينية والتاريخية والاستراتيجية والاقتصادية والأمنية والسياسية؛ فمختلف التيارات السياسية الإسرائيلية ترى فلسطين جزءاً من أرض "إسرائيل". وعلى هذه الخلفية، يتبلور في "إسرائيل" الإجماع الذي يدعو إلى: عدم العودة إلى حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967، والقدس عاصمة موحدة لـ "دولة إسرائيل"، وبقاء الكتل الاستيطانية في الضفة تحت السيطرة "الإسرائيلية"، وعدم السماح بقيام دولة فلسطينية ذات سيادة. وفوق ذلك، تمثل المشروع الصهيوني في تأكيد بقاء الكيان الصهيوني دولة يهودية، بما فيها حق اليهود في السكن في أماكن، أو أي جزء من أرض فلسطين. ومع أن رئيس الوزراء الإسرائلي الأسبق، إيهود أولمرت، قال في خطابه في مؤتمر هرتزليا عام 2007، إن وجود دولتين قوميتين، يهودية وفلسطينية، هو الحل الأمثل الذي يلبي التطلعات الوطنية لكلا الشعبين، إلا أنه لفت إلى أنه في إطار التسوية ينبغي على الإسرائيليين بلورة خط حدودي واضح يعكس الواقع الديموغرافي، بحيث تحتفظ إسرائيل بالمناطق الأمنية وبالكتل الاستيطانية اليهودية، والأماكن التي توجد لها أهمية قومية عليا للشعب اليهودي، وفي طليعتها القدس الموحدة، حيث لا وجود لدولة يهودية من دون أن تكون القدس العاصمة في قلبها، كما دعا إلى الحفاظ على الكتل الاستيطانية، مثل غوش عصيون وإرئيل، والتي تشكل نحو 20% من مساحة الضفة. كما أن رئيس الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، بنيامين نتنياهو، صرّح بمناسبة مائة يوم على حكومته أن "دولتين لشعبين هي محطّ إجماع قومي" في إسرائيل، فيما قالت رئيسة المعارضة، تسيبي ليفني، زعيمة حزب كاديما المنشقّ أساسًا عن الليكود، إنها رفضت الدخول في الائتلاف الحكومي، بإدّعاء أن الحكومة ترفض حلّ "دولتين لشعبين" .
وتمثلت الدوافع العملية إسرائيليا لدى كل الأطراف الصهيونية، بما فيها التي تدّعي الوصول إلى سلام مع الفلسطينيين، وإنهاء النزاع معهم عبر حل الدولتين، في الحفاظ على الطابع اليهودي لإسرائيل مع امتداداتها الجغرافية والديمغرافية. وبالتالي، بقي مشروع الدولتين عرضةً لسياسات إسرائيل وممارساتها في فرض الأمر الواقع، عبر توسيع رقعة المشروع الصهيوني الأستيطاني الجغرافية. هذه السياسة التي تكرست عبر قرار الكنيست الذي اتخذ أخيرا تحت اسم قانون القدس الموحدة، والذي يهدف إلى إحداث واقع استيطاني جديد، يهدف إلى توسيع المدى الجغرافي للقدس أيضا، كي يتم وصلها ببعض المستوطنات، لتبلغ مساحتها وحدها ما يقارب 12% من مساحة الضفة الغربية. وكذلك على الصعيد العملي، بدأت الإدارة الأميركية بتنفيذ ما سميت صفقة القرن التي رتبها الرئيس ترامب وفريقه، والتي انسجمت مع سياسات الكيان الصهيوني، والهادفة إلى حسم وضع القدس، باعتبارها عاصمة الكيان الصهيوني، وإنهاء قضية اللاجئين، بإلغاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ممثلا أمميا وبقرارات أممية، جاء في مقدمة قرار تأسيسها، وكذلك في الفقرة الخامسة والفقرة 20، أن حل مأساة اللاجئين يتم عبر تنفيذ القرار 194. كما وتفيد الأمم المتحدة على الدوام بأن تجديدها ولاية "أونروا" يتم بسبب العجز عن تنفيذ حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين. وبالتالي، يؤشر الضغط على السلطة الفلسطينية كي تستمر في التفاوض مع الكيان الصهيوني، عبر إعلان مندوبتها في الأمم المتحدة عن شرطها للدعم مقابل استمرار السلطة في التفاوض مع الكيان الصهيوني، يؤشر إلى التمهيد للوصول إلى المفاوضات النهائية، من أجل تنفيذ ما سمي سلاما إقليميا بين إسرائيل والدول العربية، تقودها السعودية، فدول عربية كثيرة أصبحت تستخدم مفاوضات السلطة وسيلة وحجة لدورها في التفاوض، وصولا إلى الحل الإقليمى للصراع الفلسطينى – الإسرائيلي، يقوم على استمرار سيطرة إسرائيل على مساحات ضخمة من الضفة الغربية، في مقابل تعويض الفلسطينيين بمساحات ضخمة من شبه جزيرة سيناء لإنشاء دولة فلسطينية مستقرة وقادرة على النمو والمنافسة. وذلك لأن حل القضية الفلسطينية ليس مسؤولية إسرائيل وحدها، حسب دراسة صدرت عن مركز "بيغن – السادات للدراسات الاستراتيجية"، أعدها مستشار الأمن القومى الإسرائيلى السابق، اللواء احتياط جيورا أيلاند، وهو أحد صناع القرار المؤثرين فى إسرائيل بعنوان: "البدائل الإقليمية لفكرة دولتين لشعبين". كما وأوضح أيلاند في دراسته أن إسرائيل باتت ترفض بوضوح فكرة اقتسام المساحة الضيقة من الأراضي مع الفلسطينيين لإقامة دولتين لشعبين، فهذا الحل يضرب نظرية الأمن الإسرائيلى من ناحية،
وفي مسار الضغط الأميركي ميدانياً على الفلسطينيين بعد إعلان ترامب أن القدس عاصمة لإسرائيل، فقد أعلنت الخارجية الأميركية إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وكانت الخارجية الأميركية أبلغت المنظمة بأنها ستغلق مكتبها في واشنطن حال لم تشارك بمفاوضات مباشرة وهادفة من أجل التوصل إلى اتفاقية سلام مع إسرائيل. كما عمدت السلطات الأميركية إلى استهداف "أونروا"، عبر إعلان مندوبتها في الأمم المتحدة، أنها لن تدفع مساهماتها السنوية لدعم خدمات "أونروا" التي تقدم للاجئين الفلسطينين إذا لم تبادر السلطة الفلسطينية لإجراء مفاوضات مع إسرائيل. وقد نفذت السلطة الأميركية تهديداتها عبر تخفيض الدعم السنوي الذي تقدمه إلى "أونروا" إلى ما يوازي نصف ما تلتزم به سنوياً أي مبلغ 60 مليون دولار من أصل 125 مليون دولار. وهذا المسار في السياسة الأميركية أدى إلى إعلان مختلف أطراف السلطة الفلسطينية أن الإدارة الأميركية فقدت أهليتها للقيام بدور الوسيط، وأن إغلاق مكتب منظمة التحرير خطوة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات الفلسطينية الأميركية، حيث قال الناطق بلسان السلطة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن هذا الأمر تترتب عليه عواقب خطيرة على عملية السلام، ويمثل ضربة لجهود صنع السلام، ويمثل كذلك مكافأة لإسرائيل التي تعمل على عرقلة الجهود الأميركية من خلال إمعانها في سياسة الاستيطان، ورفضها قبول مبدأ حل الدولتين.
وفي الميدان أيضاً، وحسب ما جاء في بيان صحفي للمركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، ومؤسسة تامي ستينمتز لأبحاث السلام في أغسطس/ آب 2017، فإن نسبة كبيرة من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي تعتقد أن حل الدولتين لم يعد عمليا ممكناً بسبب التوسع الاستيطاني، حيث إن 52% من الفلسطينيين أشارو إلى ذلك، فيما حوالي نصف الإسرائيليين أي 44% كان لهم الإجابة نفسها بسبب التوسع الاستيطاني. ومن البين أن الشعب الفلسطيني يرفض قبول "خيار دولة الكانتونات" وما تفرزه من تداعيات وممارسات كبناء جدار الفصل العنصري وتوسيع المستوطنات والشوارع الالتفافية والحواجز العسكرية. بيد أن المسار السياسي الذي تواجهه السلطة الفلسطينية التي لا يتعدّى دورها القيام بالأنشطة البلدية، والدعم الأمني للمحتلين عبر استعدادها لاعتقال من يتهم بالقيام باعمال قتالية ضد الاحتلال، سيجعلها عاجزةً عن مواجهة فعلية لأميركا التي تهدد بوقف الدعم المالي للسلطة، كما للصعوبات التي تتمثل في العجز عن مواجهة الكيان الصهيوني الذي لا يبدو أن أكثر البلدان العربية تسعى إلى مواجهته، بل تسعى إلى المصالحة معه، تحت ما سميت صفقة القرن، والتي أصبحت صفعة القرن، بالنسبة للسلطة الفلسطينية التي كانت تراهن على الدور الأميركي في تسوية القضية الفلسطينية.
مأزق القضية الوطنية الفلسطينية
على الرغم من تشديد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، في أغسطس/ آب 2017، في أثناء زيارته فلسطين المحتلة، على تمسكه بحل الدولتين سبيلا لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، مؤكدا أن البناء الاستيطاني "عقبة" كبيرة أمام السلام، فإن ذلك لا يفي الفلسطينيين حقهم في النضال لاستعادة وطنهم، انسجاما مع تآكل مشروع حل الدولتين، والتراجع الأميركي عن الوعود والتعهدات المعلنة، وزيادة الفتور الأوروبي، واشتداد حالة الانشغال العربي عن القضية الفلسطينية، نتيجة توسع النزاعات الداخلية والإقليمية التي ساهمت
والحقيقة أن القوى والفصائل الفلسطينية تعاني من غياب التوافق على بلورة مشروع وطني لمواجهة ما يجري في المنطقة من استهداف للقضية الفلسطينية وأرض فلسطين. كما أن "اليسار الفلسطيني" أصبح غير فاعل ميدانياً، ومواجهاته مع سياسات أطراف السلطات الفلسطينية، لا تتعدى إبداء الملاحظات اللفظية، والتي لم تنجح في الوصول إلى فرض رؤية وطنية جديدة، تستند إلى وضع مشروع وطني جديد، يعتمد على تطوير سبل مواجهة الكيان الصهيوني، وليس الاستناد فقط إلى ما سمي النضال الشعبي السلمي الذي تتمسك السلطة الفلسطينية به؛ النضال السلمي الذي لم يحقق نتائج واضحة في مسار التسوية مع الكيان الصهيوني ومشروع إقامة الدولتين. وقد جرى تأكيد الخلاف بين الأطراف الفلسطينية مع جمود المصالحة بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية من جانب، والاحتجاجات التي عبرت عنها فصائل فلسطينية على عقد اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة، في غياب حركتي حماس والجهاد الإسلامي، حين عمدت بعض الفصائل إلى إعلان رفضها عقد اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني في رام الله، تحت أنظار الكيان الصهيوني. وأكثر من ذلك، أعلنت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، في بيان بعد انتهاء اجتماع المجلس المركزي، التحفظ على قرارات غامضة في بيان المجلس، لافتقاد آليات وإجراءات تنفيذية لها.
دلالات
محمود العلي
باحث فلسطيني، دكتوراه في علم الاجتماع. عمل استاذاً مساعداً في معهد العلوم الاجتماعية - الجامعة اللبنانية، وفي عدّة وظائف في "الأونروا"، باحث ومنسق مركز حقوق اللاجئين – عائدون.
محمود العلي
مقالات أخرى
03 يونيو 2019
01 مايو 2019
01 فبراير 2019