سعوديون يتبادلون هدايا الموت والجنائز

09 أكتوبر 2015
يجهّز كثيرون أكفانهم ومستلزمات جنازتهم (Getty)
+ الخط -

لم يخطر في بال سالم القحطاني أن تكون هدية زوجته له في عيد زواجهما الثامن عبارة عن كفن وكافور ومستلزمات جنائز. وهو ما جعله يتشاءم، ويرى في تصرف زوجته نية شر، ويصف الهدية بأنّها "هدية موت".

تنتشر في السعودية عادة تبادل هدايا الموت تلك. لكنّ الخطوة تثير جدالاً ما بين مؤيد ورافض لها. في هذا الإطار، سألت "العربي الجديد" مائة سعودي وسعودية عن الموضوع، فتبيّن أنّ 85 منهم يرفضون هذا النوع من الهدايا تماماً، فيما أبدى عشرة أشخاص قبولهم بها. ولم يبد الخمسة الباقون موقفاً محدداً حيالها.

من جهته، يقول محمد فتحي وهو بائع في محل تسجيلات صوتية في مدينة جدة يبيع الأكفان، إنّ ثمة طلباً كبيراً على مستلزمات الجنائز. يؤكد أنّ بعض الرجال والنساء يأتون إلى المتجر في أوقات مختلفة، ليشتروا تلك المستلزمات بهدف التهادي أو الاحتفاظ بها في المنزل استعداداً لموتهم أو موت أحد أفراد أسرهم.

بدوره، يقول يوسف العبادي وهو يعمل كذلك في محل تسجيلات إسلامية، إنّ موقع متجره بالقرب من المسجد يرفع الطلب على الأكفان وغيرها من مستلزمات الدفن والجنازة. ويلفت هنا إلى أنّ بعض الزبائن الذين يُقبلون عليها لا تبدو عليهم علامات الحزن أو فقد الأحبة.

أما محمد البيشي فيؤكد أنّ زوجته وأبناءه أهدوه مستلزمات جنازته. ويشير إلى أنّه غضب في البداية، ودخل في حالة خوف ورعب، خصوصاً أنّه كان خارجاً للتو من وعكة صحية. وهو ما دفعه لتوبيخهم. ومع ذلك، رضخ في نهاية الأمر واحتفظ بالهدية.

ورضوخ البيشي ربما حصل بعدما علم من زوجته أنّ الكفن الذي أهدته له من النوع الثمين، وقد طلبته من مدينة أخرى بشكل مخصص. وهو ما جعله ينوي شراء واحد آخر ليهديه إلى صديق له، لكن على سبيل الدعابة. ومع ذلك، لا يخفي أنّ مثل هذه الهدية "تدفع الإنسان إلى التفكير أكثر بالحياة وقيمتها".

من جهتها، تقول المختصة النفسية منى يوسف لـ"العربي الجديد": "الأصل في الهدية إظهار المحبة، من خلال رمزية الهدية وليس ثمنها. لذا من الغريب تبادل الناس مستلزمات تجهيز الموتى. صحيح أنّ ثمة وصايا دينية بضرورة تذكر الموت والاستعداد له، إلاّ أنّ هذ السلوك منفر ويسيء لرمزية الهدية ويفقدها أثرها الإيجابي على النفس. ومن الطبيعي أن يستاء الإنسان منها خصوصاً إذا أهداها له شخص عزيز". كذلك تنصح يوسف من يهدي مثل هذه الهدايا بـ"مراجعة نفسه ومعتقداته، كي لا تسيطر عليه هذه الأفكار، وتحرمه من القدرة على الاستمتاع بالحياة".

اقرأ أيضاً: المطوّفات جنديّات مجهولات