ما كتبتُه
كتبتُ لكِ هنا أسماءَ جميع الطيور التي رأيتها في أحلامي
أسماءَ جميع من أحببتُهم
عناوينَ جميع القصائد الجميلة التي قرأتها
والأيدي التي شددتُ عليها
أسماءَ جميع الزهور كتبتها لك هنا في مزهرية زرقاء
حين تمرّين بهنا، أنظري لحظة فقط إلى تحت قدميك
أنا كتبت لك هنا اسم قدميك
وكتبت لك
ذراعيك ـ حين تتحولان إلى جسر للحب والفراشة وتضمّان الحمائم إلى صدريهما
غرستُ دائرة في الحديقة تملؤها الشمسُ ليلاً والقمر نهاراً
وتنبت من عجينها نجمةٌ متحررة من جميع الأنظمة
كتبتها لك أيضاً ههنا
سامحيني فأنا بقيت بعيداً عنك سنوات
لكنني كتبت لك هنا كلما رأيتُ في كل مكان ليلاً ونهاراً
وكلَ من قبّلتُهم
لك وحدك كتبتُ لك هنا
عبر المسافات البعيدة، وبالشوق
حجم طائرٍ كبيرٍ بقي في عشّه من التعب
روحَ كل القلق، في العيون المنتظرة، مركّزة
كتبت لك هنا أسرارَ الأقوام المشردّين
آهٍ قد ذهب الشباب الذين كانوا يصعدون معي الطرق الترابية متكاتفين
أنا أعرف أسماءهم كلّهم
وأُصابُ بالحمّى حين أقرأ اسم كلّ واحد منهم
كانوا أبناء أحلام العالم جميعهم
تعابيري عن أحلامهم على ألسنة جميع الناس في العالم
لك كتبتُ التعابير ههنا
في الحدائق صارت بعض الأشجار الكهلة تبكي عبر السنوات
لأنّ العاصفة خطفتْ أعشاشَ خطاطيفها
قد قلت أنا أن يضيئوا الشموع الشابة حول الأشجار
كتبت لك هنا أسماء الأشجار الكهلة وأسماء جميع الخطاطيف
وكان الأمواتُ فئتين
طالما أزيل الستار عن وجه الموت
روّضي عينيك كي تريا
فئة من هؤلاء الأموات يبدو وكأنهم لم يموتوا قطّ
بل كانوا يرجعون بقبور فوسفورية من طريق المقابر
ويضيئون المدن
كانوا أضواء مصابيح أجيال الأرض القادمة
وفئة أخرى كانوا مظلومين
كأنّهم لم يولدوا قطّ كأنّهم كانوا أمواتاً منذ البدء
مكنسة كبيرة من باطن الأرض كانت تكنس قراضاتهم
لترميها في آبار لا نهاية لها
كان الكنس والرمي من جوهر الطبيعة
كتبت لك هنا أسماء هاتين الفئتين من الأموات
كنت أتمنى لو أنني وضعت وجهاً جميلاً على صدري ومتّ
لكنّ ذلك لم يتحقق ولن يتحقق
الحياة أبخل من هذا
أنظري إلى ممات "حافظ" وحياته
لن نفهم أبداً كيف مات حافظ
كأنّه أخذ معه سرّ موته كفريضة مكتومة
والآن حين تمرّين بالطرق
أنظري إلى الآبار العميقة التي زحفتُ منها إلى الأسفل
فوهاتُ هذه الآبار مستديرة
لو نظرتِ من السماء لرأيتِ كل فوهة بئر دفّاً قديماً مزّقته أصابع عازفه
لكنّ هناك خلف جدران هذه الآبار تُعزف الدفوفُ أيضاً
الدفوف الكُردية
وهكذا أنا قد غادرتُ هذا العالم إلى رؤية الشمس
ـ من داخل دفٍّ قديم حين كانوا يعزفون الدّف حولي ـ
لا معنى للحياة
كنت أتمنى لو أنني وضعت وجهاً جميلاً على صدري فمتُّ
لكنّ ذلك لم يتحقق
والحياة أبخل من هذا
والألم الذي يشعر به إنسانٌ حساس لا نهاية له
كتبت لك هذه الملخصات الأولى والأخيرة
وإن كانت روحي مجلى للدمار
فإنّ ذهني أغرب الأشياء
صار لي البوحُ بهذه الأشياء كلّ يوم أصعب من اليوم الماضي
أنا لست حافظ الأيام كلّها
لكنني ولو أدركني الموتُ فلا أنسى شيئاً
قد انقضت حياة لن تعود حياةُ الجميع وليست حياتي وحدي
أنا غرست ذكريات العالم والإنسان في دائرة في حديقة
تلك الدائرة في الحديقة حصيلةُ شعوري بالحياة
كلِّ ثمرة تسقط من على غصن الشجرة تسقط في الدائرة
تُكرَّر في الدائرة
التكرار والمسافة، التكرار والدائرة، تكرار الدوائر بين المسافات
حصيلة شعوري بالحياة
كتبت لك هنا هذه النظرةَ المستديرة أيضاً
والآن اقتربي أكثر وخذي مني مفتاحَ الحديقة
كتبت لك هنا عنوانَ تلك الحديقة على المفتاح
بقيتُ بعيداً عنك سنوات
وأريد أن أذهب لأنام
أنا أزيل الستار
فتجوّلي الآن في الحديقة مرتاحة مثل الفراشات
كتبت لك هنا أجنحة الفراشات بألوان جديدة.
تصبح على الخير
عينا القطة تحت سقف الجسر،
في الساقية، في المطر
كانتا مشعشعتين كعقب سيجارة لامع كبير (سقط على الأرض لتوه)
كان انعكاسهما ثريّا للمطر، كأنّ الليل مضيء بالمصابيح
تحت إيوان منقوش بالخطوط الباردة الرطبة للّيلة الخريفية
وكنا نقسّم بيننا دفء أيدينا في الخفاء
ـــ كما يقسَّم الرغيفان الأبيضان
بين جنديين، أو شقيقين ضائعين، أو تائهَين ـــ
كان الليل هادئاً في تلك الآونة في آفاق المساكين،
لدرجة يأتينا وقعُ أقدام الحمامات من حفرة الجدار:
ــــ كصوت دقّات قلبينا.
كصوت عقارب ساعتين نظّمتا معاً
لمّا طلع القمرُ بعد هطول المطر
ـــ إلى جانب سياج الشرفة غيمة طويلة شفافة متدحرجة ـــ
قلتِ "تصبح على الخير" بصوتٍ خافضٍ
كأنّ برسيماً يدعو اسمه إلى أشجار السرو الطاهرة
في الجبل
لحظة أخرى
كانت لحظات صرصور الحزينة
كان القمر خلفي والمنزل أمامي، وأنا صوفيّ أبكي
في جذبة البكاء
في تلك اللحظة
عينا القطة قد اختفتا تحت سقف الجسر، في ساقية الليل.
سارق الحديقة
لا أعرف الحديقة
آه!
السارق،
قد سرق منا وجه الحديقة العميق
فأين الحديقة؟
أين
القمر ؟
القلق؟
لا!
ما القلق؟
ما داهمنا
ليس قلقاً
حفرةٌ مليئةٌ بالرماح والخناجر
الحلم!
ليس حلماً
ليس في القدح
ماءٌ أو نبيذٌ
سوى السراب
ليس شيء في القدح
في البعيد أو القريب
لا شيء سوى الخراب
كانت الحديقةُ
فوق الحديقةِ
كان القمرُ
الحديقةُ والقمرُ
عاريين من الذنب
وصلتْ حيّةٌ تزحف بين الأوراق
مرّتْ بالسياج
دخلتْ زاحفةً ثقبَ الباب
رفعتْ رأسها
نظرتْ إلى البيت
وانعكس البيتُ في عينيها انعكاساً لطيفاً مشرقاً
فالحية
لدغت
البيت
ما قد داهمنا في النوم
ليس حلماً
حفرةٌ مليئةٌ بالرماح والخناجر
رخشُ ورستمُ وأملُنا
قد ناموا جميعاً في عمق الحفرة
أين؟ أين الذي يُسمِّر صدرَ شغادَ*
على جذوع الأشجار
مثلما قرأنا في الملحمة وقالت الأسطورة؟
لا أعرف الحديقة
آه!
السارق،
قد سرق منا وجه الحديقة العميق
في البعيد أو القريب
لا شيء سوى الخراب.
*شغاد Shaghad رمز الغدر في الأدب الفارسي، وهو أخو رستم Rostam البطل الرئيس للشاهنامة بالتبني يقتل أخاه وجواده الشهير رخش Raksh غدراً، حين ينصب لهما فخّاً بئراً مليئية بالخناجر والرماح يقعان فيها.
الترجمة عن الإيرانية سمية آقاجاني ويدالله ملايري
كتبتُ لكِ هنا أسماءَ جميع الطيور التي رأيتها في أحلامي
أسماءَ جميع من أحببتُهم
عناوينَ جميع القصائد الجميلة التي قرأتها
والأيدي التي شددتُ عليها
أسماءَ جميع الزهور كتبتها لك هنا في مزهرية زرقاء
حين تمرّين بهنا، أنظري لحظة فقط إلى تحت قدميك
أنا كتبت لك هنا اسم قدميك
وكتبت لك
ذراعيك ـ حين تتحولان إلى جسر للحب والفراشة وتضمّان الحمائم إلى صدريهما
غرستُ دائرة في الحديقة تملؤها الشمسُ ليلاً والقمر نهاراً
وتنبت من عجينها نجمةٌ متحررة من جميع الأنظمة
كتبتها لك أيضاً ههنا
سامحيني فأنا بقيت بعيداً عنك سنوات
لكنني كتبت لك هنا كلما رأيتُ في كل مكان ليلاً ونهاراً
وكلَ من قبّلتُهم
لك وحدك كتبتُ لك هنا
عبر المسافات البعيدة، وبالشوق
حجم طائرٍ كبيرٍ بقي في عشّه من التعب
روحَ كل القلق، في العيون المنتظرة، مركّزة
كتبت لك هنا أسرارَ الأقوام المشردّين
آهٍ قد ذهب الشباب الذين كانوا يصعدون معي الطرق الترابية متكاتفين
أنا أعرف أسماءهم كلّهم
وأُصابُ بالحمّى حين أقرأ اسم كلّ واحد منهم
كانوا أبناء أحلام العالم جميعهم
تعابيري عن أحلامهم على ألسنة جميع الناس في العالم
لك كتبتُ التعابير ههنا
في الحدائق صارت بعض الأشجار الكهلة تبكي عبر السنوات
لأنّ العاصفة خطفتْ أعشاشَ خطاطيفها
قد قلت أنا أن يضيئوا الشموع الشابة حول الأشجار
كتبت لك هنا أسماء الأشجار الكهلة وأسماء جميع الخطاطيف
وكان الأمواتُ فئتين
طالما أزيل الستار عن وجه الموت
روّضي عينيك كي تريا
فئة من هؤلاء الأموات يبدو وكأنهم لم يموتوا قطّ
بل كانوا يرجعون بقبور فوسفورية من طريق المقابر
ويضيئون المدن
كانوا أضواء مصابيح أجيال الأرض القادمة
وفئة أخرى كانوا مظلومين
كأنّهم لم يولدوا قطّ كأنّهم كانوا أمواتاً منذ البدء
مكنسة كبيرة من باطن الأرض كانت تكنس قراضاتهم
لترميها في آبار لا نهاية لها
كان الكنس والرمي من جوهر الطبيعة
كتبت لك هنا أسماء هاتين الفئتين من الأموات
كنت أتمنى لو أنني وضعت وجهاً جميلاً على صدري ومتّ
لكنّ ذلك لم يتحقق ولن يتحقق
الحياة أبخل من هذا
أنظري إلى ممات "حافظ" وحياته
لن نفهم أبداً كيف مات حافظ
كأنّه أخذ معه سرّ موته كفريضة مكتومة
والآن حين تمرّين بالطرق
أنظري إلى الآبار العميقة التي زحفتُ منها إلى الأسفل
فوهاتُ هذه الآبار مستديرة
لو نظرتِ من السماء لرأيتِ كل فوهة بئر دفّاً قديماً مزّقته أصابع عازفه
لكنّ هناك خلف جدران هذه الآبار تُعزف الدفوفُ أيضاً
الدفوف الكُردية
وهكذا أنا قد غادرتُ هذا العالم إلى رؤية الشمس
ـ من داخل دفٍّ قديم حين كانوا يعزفون الدّف حولي ـ
لا معنى للحياة
كنت أتمنى لو أنني وضعت وجهاً جميلاً على صدري فمتُّ
لكنّ ذلك لم يتحقق
والحياة أبخل من هذا
والألم الذي يشعر به إنسانٌ حساس لا نهاية له
كتبت لك هذه الملخصات الأولى والأخيرة
وإن كانت روحي مجلى للدمار
فإنّ ذهني أغرب الأشياء
صار لي البوحُ بهذه الأشياء كلّ يوم أصعب من اليوم الماضي
أنا لست حافظ الأيام كلّها
لكنني ولو أدركني الموتُ فلا أنسى شيئاً
قد انقضت حياة لن تعود حياةُ الجميع وليست حياتي وحدي
أنا غرست ذكريات العالم والإنسان في دائرة في حديقة
تلك الدائرة في الحديقة حصيلةُ شعوري بالحياة
كلِّ ثمرة تسقط من على غصن الشجرة تسقط في الدائرة
تُكرَّر في الدائرة
التكرار والمسافة، التكرار والدائرة، تكرار الدوائر بين المسافات
حصيلة شعوري بالحياة
كتبت لك هنا هذه النظرةَ المستديرة أيضاً
والآن اقتربي أكثر وخذي مني مفتاحَ الحديقة
كتبت لك هنا عنوانَ تلك الحديقة على المفتاح
بقيتُ بعيداً عنك سنوات
وأريد أن أذهب لأنام
أنا أزيل الستار
فتجوّلي الآن في الحديقة مرتاحة مثل الفراشات
كتبت لك هنا أجنحة الفراشات بألوان جديدة.
تصبح على الخير
عينا القطة تحت سقف الجسر،
في الساقية، في المطر
كانتا مشعشعتين كعقب سيجارة لامع كبير (سقط على الأرض لتوه)
كان انعكاسهما ثريّا للمطر، كأنّ الليل مضيء بالمصابيح
تحت إيوان منقوش بالخطوط الباردة الرطبة للّيلة الخريفية
وكنا نقسّم بيننا دفء أيدينا في الخفاء
ـــ كما يقسَّم الرغيفان الأبيضان
بين جنديين، أو شقيقين ضائعين، أو تائهَين ـــ
كان الليل هادئاً في تلك الآونة في آفاق المساكين،
لدرجة يأتينا وقعُ أقدام الحمامات من حفرة الجدار:
ــــ كصوت دقّات قلبينا.
كصوت عقارب ساعتين نظّمتا معاً
لمّا طلع القمرُ بعد هطول المطر
ـــ إلى جانب سياج الشرفة غيمة طويلة شفافة متدحرجة ـــ
قلتِ "تصبح على الخير" بصوتٍ خافضٍ
كأنّ برسيماً يدعو اسمه إلى أشجار السرو الطاهرة
في الجبل
لحظة أخرى
كانت لحظات صرصور الحزينة
كان القمر خلفي والمنزل أمامي، وأنا صوفيّ أبكي
في جذبة البكاء
في تلك اللحظة
عينا القطة قد اختفتا تحت سقف الجسر، في ساقية الليل.
سارق الحديقة
لا أعرف الحديقة
آه!
السارق،
قد سرق منا وجه الحديقة العميق
فأين الحديقة؟
أين
القمر ؟
القلق؟
لا!
ما القلق؟
ما داهمنا
ليس قلقاً
حفرةٌ مليئةٌ بالرماح والخناجر
الحلم!
ليس حلماً
ليس في القدح
ماءٌ أو نبيذٌ
سوى السراب
ليس شيء في القدح
في البعيد أو القريب
لا شيء سوى الخراب
كانت الحديقةُ
فوق الحديقةِ
كان القمرُ
الحديقةُ والقمرُ
عاريين من الذنب
وصلتْ حيّةٌ تزحف بين الأوراق
مرّتْ بالسياج
دخلتْ زاحفةً ثقبَ الباب
رفعتْ رأسها
نظرتْ إلى البيت
وانعكس البيتُ في عينيها انعكاساً لطيفاً مشرقاً
فالحية
لدغت
البيت
ما قد داهمنا في النوم
ليس حلماً
حفرةٌ مليئةٌ بالرماح والخناجر
رخشُ ورستمُ وأملُنا
قد ناموا جميعاً في عمق الحفرة
أين؟ أين الذي يُسمِّر صدرَ شغادَ*
على جذوع الأشجار
مثلما قرأنا في الملحمة وقالت الأسطورة؟
لا أعرف الحديقة
آه!
السارق،
قد سرق منا وجه الحديقة العميق
في البعيد أو القريب
لا شيء سوى الخراب.
*شغاد Shaghad رمز الغدر في الأدب الفارسي، وهو أخو رستم Rostam البطل الرئيس للشاهنامة بالتبني يقتل أخاه وجواده الشهير رخش Raksh غدراً، حين ينصب لهما فخّاً بئراً مليئية بالخناجر والرماح يقعان فيها.
الترجمة عن الإيرانية سمية آقاجاني ويدالله ملايري