سراقب السورية: "مدينة الجداريات" منكوبة بفعل القصف الروسي

08 اغسطس 2016
5EB8514B-E38D-4ADA-88A9-8FE18ECC74E5
+ الخط -
تتعرّض مدينة سراقب، شرقي مدينة إدلب شمال غرب سورية، منذ مطلع آب/أغسطس الحالي لحملة قصف مستمرة من قبل الطيران الروسي أعقبت سقوط مروحية روسية ومقتل طاقمها، حيث حذر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية من أنّ المدينة تشهد "جريمة حرب شاملة كاملة الأوصاف".

وكانت المروحية قد سقطت بالقرب من مدينة سراقب منذ نحو أسبوع، وهي من طراز "مي8"، وفق وزارة الدفاع الروسية التي أشارت في بيان إلى أنّ "خمسة عسكريين كانوا على متنها، وهم ضابطان وثلاثة عناصر"، مؤكدة أنّ "الطائرة أسقطت بسلاح من الأرض".



وبث ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، صوراً لحطام الطائرة وجثث طاقمها، ما أثار ردة فعل "هستيرية" لدى الجانب الروسي، حيث شرعت مقاتلات روسية في حملة قصف شديد، أدّت إلى نزوح أغلب سكان مدينة سراقب من منازلهم إلى مناطق مجاورة داخل محافظة إدلب.


وقال الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في بيان، يوم أمس الأحد، إنّ "طائرات الاحتلال الروسي تشن غارات مستمرة على مدينة سراقب"، مشيراً إلى أنّها "قصفت خلالها الأحياء السكنية، والبيوت الآمنة"، متهماً الروس "باستهداف متعمد وممنهج ومخطط له لجميع المنشآت الحيوية في المدينة، بدءاً من بنك الدم ومنظومة الإسعاف والمطحنتين ومحطة المياه"، وفق البيان.


وأفاد الائتلاف بأنّ الطائرات الروسية دمّرت السوق الرئيسي للمدينة من خلال غارات مركّزة، لافتاً إلى أنّ "عدد الغارات حتى السبت الماضي يقدّر بـ 80 غارة بالصواريخ الفراغية والقنابل العنقودية، ما أجبر نحو 35 ألفاً من سكانها على النزوح، وألحق الدمار والخراب بكل منازلها تقريباً".


واعتبر الائتلاف ما يقوم به الطيران الروسي في سراقب "جريمة حرب شاملة كاملة الأوصاف"، معلناً أنّ "التفاوض بخصوص جثث الطيارين الروس الذين لقوا مصرعهم فيما كانوا يقصفون المدنيين ويشاركون في جرائم الحرب الروسية بحق الشعب السوري، سيظل الوسيلة الوحيدة المتاحة لاستعادة تلك الجثث"، محذراً من أنّ "الانتقام من المدنيين وتهديدهم بإبادة المدينة، لن يغيّر الواقع إلا نحو المزيد من التعقيد"، بحسب البيان.



وكان المجلس المحلي في مدينة سراقب قد أعلن، أمس الأحد، "تعليق عمله اليومي المعتاد نتيجة القصف الروسي المستمر"، منبهاً إلى أنّ المدينة تشهد "كارثة إنسانية"، لافتاً إلى أنّ القصف الجوي الروسي "شرّد 90 % من سكانها"، وموضحاً أنّ "المقاتلات الروسية استخدمت الصواريخ الفراغية، والعنقودية، والغازات السامة في القصف على المدينة".



وكان من المفترض أن تبدأ مفاوضات بين وزارة الدفاع الروسية، وبين حركة أحرار الشام، وهي من كبرى فصائل المعارضة السورية المسلحة، عن طريق أنس الشامي العضو السابق فيما يسمّى بـ "مجلس الشعب" التابع للنظام لتسليم جثث طاقم المروحية الروسية.


وفيما تصرّ موسكو على تسلّم الجثث من دون مقابل، تؤكد المعارضة السورية أنها مستعدّة لتسليم الجثث للجانب الروسي مقابل إطلاق معتقلين لدى النظام السوري.


وتنظر روسيا إلى حركة أحرار الشام على أنّها "منظمة إرهابية"، وحاولت إدراجها فيما يُسمى بـ "لائحة الإرهاب" إلا أنّها فشلت في ذلك، حتى وجدت نفسها اليوم مضطرة إلى التفاوض معها حول مصير جثث طياري وفنيي المروحية، وهذا ما يفسر الحملة الشرسة التي تشنها على مدينة سراقب ومناطق أخرى في محافظة إدلب في محاولة لإجبار الحركة على تسليم الجثث دون مقابل.




وتوصف سراقب بمدينة "الجداريات" نسبة إلى الرسومات الثورية التي كان الناشطون يزيّنون جدران مدينتهم بها. وتعتبر سراقب من أوائل المدن السورية التي أعلنت الثورة في بدايات عام 2011، حيث اقتحمتها قوات النظام في منتصف ذاك العام. ونفّذ أهالي سراقب عصياناً مدنياً أواخر عام 2011، محطمين تمثالاً كان منصوباً في المدينة للرئيس الراحل حافظ الأسد، لتخرج المدينة عملياً عن سيطرة النظام أواخر عام 2012، حيث بسط الجيش السوري الحر سيطرته عليها.



وتعرّضت المدينة بعد ذلك إلى عدّة حملات عسكرية، وقصف عشوائي، ما أدى إلى مقتل وإصابة مئات المدنيين على مدى أكثر من خمس سنوات.

ويؤكد أول رئيس لمجلس سراقب المحلّي وأحد أعضائه حالياً أسامة الحسين لـ "العربي الجديد"، أنّ المدينة فقدت نحو 800 من أبنائها نتيجة القصف المستمر عليها منذ بدء الثورة، مشيراً إلى "إصابة عدد كبير غير معروف من سكانها".


وأوضح الحسين أنّ "المدينة، التي يقدّر عدد سكانها بنحو 45 ألف نسمة، لم تشهد حملات نزوح كبيرة خارج حدودها الإدارية، حيث يلجأ أهلها إلى مزارعهم المحيطة بها، وإلى القرى التابعة لها أثناء حملات القصف الجوي".


ولفت الحسين إلى أنّ "سراقب تعرّضت لأكثر من حملة قصف جوي مركز لاسيما في عامي 2013 و2014"، مشيراً إلى أنّ "حملة القصف في العام 2014 استمرت 74 يوماً، وأدت إلى مقتل 58 شخصاً وإصابة 171، وتدمير مستشفيات ومدارس، ومراكز حيوية متعددة ومساجد وعشرات المنازل، والبنية التحتية للمدينة بشكلٍ شبه كامل".



ذات صلة

الصورة
النازح السوري محمد كدرو، نوفمبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

أُصيب النازح السوري أيمن كدرو البالغ 37 عاماً بالعمى نتيجة خطأ طبي بعد ظهور ضمور عينيه بسبب حمى أصابته عندما كان في سن الـ 13 في بلدة الدير الشرقي.
الصورة
فك الاشتباك جندي إسرائيلي عند حاجز في القنيطرة، 11 أغسطس 2020 (جلاء مرعي/فرانس برس)

سياسة

تمضي إسرائيل في التوغل والتحصينات في المنطقة منزوعة السلاح بين الأراضي السورية ومرتفعات الجولان المحتلة، في انتهاك لاتفاقية فك الاشتباك الموقعة عام 1974.
الصورة
معاناة النازحين في سورية، 12 نوفمبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

تواجه عائلة علي إدريس واقعاً قاسياً في ظل الفقر المدقع الذي تعيشه، ذلك بعد نزوحها من مدينة معرة النعمان في ريف إدلب جنوبي سورية قبل خمسة أعوام
الصورة
من مجلس العزاء بالشهيد يحيى السنوار في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

أقيم في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي وفي مدينة إدلب، شمال غربي سورية، مجلسا عزاء لرئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي استشهد الأربعاء الماضي.