03 نوفمبر 2024
سحبٌ تتراكم بين الغنوشي والسبسي
كثر الحديث في تونس عن وجود أزمةٍ صامتةٍ بين أقوى شخصيتين في تونس، وهما رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي. وعلى الرغم من نفي كل منهما ذلك، حيث أكد الغنوشي أن علاقته بالسبسي جيدة، إلا أن هذه التطمينات لا تخلو من دبلوماسيةٍ لتفويت الفرصة على كل من يرغب في تفجير التحالف القائم بين "النهضة" و"نداء تونس".
اعتبر الغنوشي، في اجتماع مجلس الشورى أخيراً للحركة، أن التعيينات المعلنة أخيراً في سلك الولاة " شابتها إخلالات"، مؤكدا رغبته في معالجة ذلك في المرحلة المقبلة "من خلال الحوار والتوافق". وفي ذلك إشارة إلى عدم ارتياح الحركة، حيث تمّت التعيينات بدون استشارة الحركة التي لم تظفر إلا بوالٍ وحيد، ومن دون مراعاة حجمها، وهو ما أغضب النهضويين.
يتنزل هذا الانزعاج في سياق سياسي متأزم، وغير مطمئن بالنسبة لحركة النهضة التي تعيش تحت وقع تباين بينٍ كوادرها، بشأن تقييم نتائج التحالف مع "نداء تونس". ارتفعت، في الفترة الأخيرة، أصوات نهضويةٌ قوية، تدعو إلى مراجعة آليات علاقة الحركة بحليفها الرئيسي. من بين هؤلاء النائب السابق لرئيس الحركة، عبد الحميد الجلاصي، الذي لعب دوراً مهماً في إعادة التنظيم، والذي حذّر مما وصفه بتغول "نداء تونس"، واعتبر التحوير المتعلق بالولاة "مدخلا لعودة منظومة حزب التجمع الدستوري المنحل، وإيجاد حلولٍ لأزمات النداء المتعاقبة في اتجاه تسخير الدولة لصالح الحزب".
أصبحت هناك خشية من محاولات "الندائيين" تصدير مشكلاتهم إلى داخل "النهضة" بهدف إغراقها في مطباتٍ ليست مسؤولةً عن إنتاجها. زاد حجم النهضويين الذين لهم تحفظاتٌ تتعلق بكيفية إدارة العلاقة مع شريكهم الرئيسي في الحكم. وقد أصبح كثيرون منهم يتساءلون بوضوح حول من المستفيد من هذا التحالف: هل "النهضة" هي التي استقدمت الآخرين إلى فضائها الاستراتيجي الحيوي، أم أنها وجدت نفسها في خدمة أهداف الشق الأقوى في حزب "نداء تونس"؟.
لم يقف التشكيك في جدوى التحالف بالصيغة الراهنة عند الجناح الذي يوصف أصحابه عادة بـ "الصقور"، لكن الجديد أن رئيس الحركة، الشيخ الغنوشي، قد بدأ بدوره يتساءل عن النيات الحقيقية لشركائه في الحكومة وفي السلطة، فهو بعد أن وضع كل البيض في سلّة السبسي، ودخل من أجل ذلك في خصومةٍ مع شقٍّ من حركته، ودافع باستماتةٍ عن هذا التحالف في داخل تونس وفي خارجها، يجد نفسه اليوم في وضعٍ غير مريح. إذ لا تخلو مناسبةٌ حتى يؤكد فيها الرئيس السبسي أنه ضد حركات الإسلام السياسي، وأنه الذي أقنع الغنوشي بالخيار الديمقراطي، وبضرورة الالتزام بالخصوصية التونسية، أو ما يسميه "الإسلام التونسي". كما ردّد كثيرا قوله بأنه "ليس مديناً لحركة النهضة"، بل هو صاحب الفضل عليهم، وأنه ليس حليفاً للإسلاميين، وإنما أصبحوا شركاء في الحكومة بسبب نتائج الانتخابات، وحرصا منه على توفير استقرار السلطة، وأنه الذي أقنع الغربيين بضرورة إشراك "النهضة" في الحكم بعد الثورة، حين أكد لهم أنها أصبحت حركة معتدلة.
أضحى هذا الخطاب التبريري للسبسي يثير لدى الغنوشي نوعاً من الإحراج والانزعاج، وزاد في تغذية الشكوك توجه القصر والحكومة نحو الانفراد بالقرار، حسب اعتقاد قادة "النهضة"، وتعمد إخفاء المعلومات عنهم، والحرص على تحجيم وزنهم داخل أجهزة الدولة. كما قلت المناسبات التي يستقبل فيها رئيس الدولة الغنوشي للتشاور معه حول الملفات والقرارات الأساسية، ما دفع الغنوشي إلى انتقاد بعض ما يصدر عن الحكومة علناً.
لا يمكن التسرّع والقول إن شهر العسل انتهى بين الشيخين، لكن المؤكد أن غيوماً قد بدأت تتراكم، أخيراً، في سمائهما، وأن الوقت يقترب من لحظةٍ قد تفرض على الطرفين مراجعة التكتيك وتوضيح الرؤى والحسابات. نعم، السرير واحد، ويجمع الطرفين. لكن لكلٍّ أحلامه ولكلٍّ أجندته.
اعتبر الغنوشي، في اجتماع مجلس الشورى أخيراً للحركة، أن التعيينات المعلنة أخيراً في سلك الولاة " شابتها إخلالات"، مؤكدا رغبته في معالجة ذلك في المرحلة المقبلة "من خلال الحوار والتوافق". وفي ذلك إشارة إلى عدم ارتياح الحركة، حيث تمّت التعيينات بدون استشارة الحركة التي لم تظفر إلا بوالٍ وحيد، ومن دون مراعاة حجمها، وهو ما أغضب النهضويين.
يتنزل هذا الانزعاج في سياق سياسي متأزم، وغير مطمئن بالنسبة لحركة النهضة التي تعيش تحت وقع تباين بينٍ كوادرها، بشأن تقييم نتائج التحالف مع "نداء تونس". ارتفعت، في الفترة الأخيرة، أصوات نهضويةٌ قوية، تدعو إلى مراجعة آليات علاقة الحركة بحليفها الرئيسي. من بين هؤلاء النائب السابق لرئيس الحركة، عبد الحميد الجلاصي، الذي لعب دوراً مهماً في إعادة التنظيم، والذي حذّر مما وصفه بتغول "نداء تونس"، واعتبر التحوير المتعلق بالولاة "مدخلا لعودة منظومة حزب التجمع الدستوري المنحل، وإيجاد حلولٍ لأزمات النداء المتعاقبة في اتجاه تسخير الدولة لصالح الحزب".
أصبحت هناك خشية من محاولات "الندائيين" تصدير مشكلاتهم إلى داخل "النهضة" بهدف إغراقها في مطباتٍ ليست مسؤولةً عن إنتاجها. زاد حجم النهضويين الذين لهم تحفظاتٌ تتعلق بكيفية إدارة العلاقة مع شريكهم الرئيسي في الحكم. وقد أصبح كثيرون منهم يتساءلون بوضوح حول من المستفيد من هذا التحالف: هل "النهضة" هي التي استقدمت الآخرين إلى فضائها الاستراتيجي الحيوي، أم أنها وجدت نفسها في خدمة أهداف الشق الأقوى في حزب "نداء تونس"؟.
لم يقف التشكيك في جدوى التحالف بالصيغة الراهنة عند الجناح الذي يوصف أصحابه عادة بـ "الصقور"، لكن الجديد أن رئيس الحركة، الشيخ الغنوشي، قد بدأ بدوره يتساءل عن النيات الحقيقية لشركائه في الحكومة وفي السلطة، فهو بعد أن وضع كل البيض في سلّة السبسي، ودخل من أجل ذلك في خصومةٍ مع شقٍّ من حركته، ودافع باستماتةٍ عن هذا التحالف في داخل تونس وفي خارجها، يجد نفسه اليوم في وضعٍ غير مريح. إذ لا تخلو مناسبةٌ حتى يؤكد فيها الرئيس السبسي أنه ضد حركات الإسلام السياسي، وأنه الذي أقنع الغنوشي بالخيار الديمقراطي، وبضرورة الالتزام بالخصوصية التونسية، أو ما يسميه "الإسلام التونسي". كما ردّد كثيرا قوله بأنه "ليس مديناً لحركة النهضة"، بل هو صاحب الفضل عليهم، وأنه ليس حليفاً للإسلاميين، وإنما أصبحوا شركاء في الحكومة بسبب نتائج الانتخابات، وحرصا منه على توفير استقرار السلطة، وأنه الذي أقنع الغربيين بضرورة إشراك "النهضة" في الحكم بعد الثورة، حين أكد لهم أنها أصبحت حركة معتدلة.
أضحى هذا الخطاب التبريري للسبسي يثير لدى الغنوشي نوعاً من الإحراج والانزعاج، وزاد في تغذية الشكوك توجه القصر والحكومة نحو الانفراد بالقرار، حسب اعتقاد قادة "النهضة"، وتعمد إخفاء المعلومات عنهم، والحرص على تحجيم وزنهم داخل أجهزة الدولة. كما قلت المناسبات التي يستقبل فيها رئيس الدولة الغنوشي للتشاور معه حول الملفات والقرارات الأساسية، ما دفع الغنوشي إلى انتقاد بعض ما يصدر عن الحكومة علناً.
لا يمكن التسرّع والقول إن شهر العسل انتهى بين الشيخين، لكن المؤكد أن غيوماً قد بدأت تتراكم، أخيراً، في سمائهما، وأن الوقت يقترب من لحظةٍ قد تفرض على الطرفين مراجعة التكتيك وتوضيح الرؤى والحسابات. نعم، السرير واحد، ويجمع الطرفين. لكن لكلٍّ أحلامه ولكلٍّ أجندته.