سجين يهزّ العلاقات الفرنسية الإندونيسية

26 ابريل 2015
لم يُعدم عتلاوي أمس (روميو غاساد/فرانس برس)
+ الخط -
بعد رفعها ورقة الدبلوماسية الهادئة والرسائل "الاستعطافية"، لأشهر طويلة، بغية إنقاذ حياة السجين الفرنسي سيرج عتلاوي الذي يواجه عقوبة الإعدام في إندونيسيا بتهمة الاتجار في المخدرات، غيّرت فرنسا لهجتها تجاه السلطات الإندونيسية، ولوّحت جدياً بتدهور العلاقات بين باريس وجاكرتا في حال تنفيذ حكم الإعدام، ما أدى إلى تأجيله. ولم يكن عتلاوي على لائحة الذين أُعدموا أمس السبت، في جاكرتا.

وعكس تصريح الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، أمس، التصعيد الفرنسي حين قال "إذا أُعدم سيرج عتلاوي، فستكون هناك عواقب سلبية على العلاقات بين إندونيسيا من جهة وفرنسا وأوروبا من جهة أخرى، لأنه لا يُمكن أبداً أن نقبل بعقوبة الإعدام".

وبدأ العد العكسي لتنفيذ عقوبة الإعدام في حق السجين الفرنسي، يوم الخميس، قبل أن يتمّ تأجيله. مع العلم أن السلطات الإندونيسية، أعلنت أنها "باشرت التحضيرات لتنفيذ عمليات الإعدام في حق 10 مهربي مخدرات، يقبعون حالياً في سجن جزيرة نوسا كيمبانغان، الخاص بالمحكومين بالإعدام، من دون الاكتراث بالضغوط الدبلوماسية للبلدان التي ينتمي إليها المحكومون مثل أستراليا والبرازيل والفلبين ونيجيريا وغانا".

لكن ما أثار حفيظة السلطات الفرنسية هو استثناء السفارة الفرنسية في جاكرتا من زيارة عتلاوي في سجن "نوزا كامبانغان"، أسوة بالسفارات الأجنبية الأخرى، المعنية بتنفيذ عقوبة الإعدام في حق رعاياها. كما أن الرئيس الفرنسي مستاء من عدم تجاوب الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو مع النداءات الفرنسية المتكررة، من أجل التراجع عن حكم الإعدام. مع العلم أنه هاتفه شخصياً الأسبوع الماضي حول هذه القضية، طالباً منه إصدار عفو رئاسي عن السجين الفرنسي، لكن من دون جدوى.

اقرأ أيضاً: الاتحاد الأوروبي يضاعف الموارد المخصصة لإنقاذ المهاجرين

وانتهز هولاند مشاركته، الخميس، في القمة الأوروبية الأخيرة المخصصة للهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط، فتحادث مع رئيسة المفوضية الأوربية فيديريكا موغيريني، التي أبدت تعاطف الاتحاد الأوروبي مع النداءات الفرنسية، للتراجع عن تنفيذ عقوبة الإعدام في حق عتلاوي.

غير أن العديد من المراقبين يشككون في فعالية هذه النداءات لثني إندونيسيا عن تنفيذ عقوبة الإعدام، ولو أنه تمّ تأجيل إعدام عتلاوي، لأن الرئيس الإندونيسي جعل منذ انتخابه العام الماضي، مكافحة المخدرات، قضيته الأساسية، وسبق له أن نفذ أحكاماً عدة بالإعدام في حق متهمين أجانب، على الرغم من الضغوط الدبلوماسية الكثيفة ونداءات الاستعطاف، من أجل الحصول على عفو رئاسي أو على الأقل تحويل الأحكام بالإعدام إلى السجن بالمؤبد.

كما أن إندونيسيا تُعدّ من الدول الأكثر حزماً في تطبيق قوانين مكافحة صناعة المخدرات وتهريبها، وتقوم بتنفيذ أحكام الإعدام في حق المئات من المدانين في قضايا المخدرات، سنوياً من إندونيسيين وأجانب. ويشكك العديد من المراقبين في قدرة فرنسا والدول الأخرى المعنية، في ثني جاكرتا عن تنفيذ أحكام الإعدام والخضوع للضغوط الدبلوماسية. فقد بادرت هولندا والبرازيل في يناير/كانون الثاني الماضي، إلى سحب سفيريهما من إندونيسيا احتجاجاً على إعدام رعاياهما، لكنّ السفيرين عادا بعد بضعة أسابيع إلى العاصمة الإندونيسية.

ومع العلاقات الاقتصادية والتجارية بين فرنسا وإندونيسيا متواضعة جداً، ولا تسمح لباريس بالضغط على جاكرتا، غير أن الدعم الذي لقيته باريس الخميس، من طرف المفوضية الأوروبية قد يدفع الاتحاد الأوروبي إلى فرض مقاطعة اقتصادية على إندونيسيا.

أما المُتهم، عتلاوي (51 عاماً) فيعمل حداداً، وهو من مواليد مدينة ميتز الفرنسية. متزوج وله أربعة أبناء، واعتُقل في إندونيسيا في العام 2005 بتهمة "صناعة وترويج المخدرات". وكان عتلاوي قد اختار الإقامة والعمل في إندونيسيا، في مصنع سري لصنع الحبوب المهلوسة "إكستازي"، وحكم عليه القضاء في مرحلة أولى بالسجن مدى الحياة في محاكمة عاجلة.

وبعد استئنافه الحكم في العام 2007 صدر في حقه حكم بالإعدام، تم تأكيده الأسبوع الماضي من طرف المحكمة العليا، علماً أن عتلاوي ينفي بقوة تهمة صناعة المخدرات أو ترويجها. وشدد أنه "كان متواجداً في المصنع للقيام بعملية إصلاح للمعدات الحديدية، نزولاً عند طلب أحد المسؤولين عن المصنع، ولم يكن له أدنى علم بضلوع المعمل في صناعة المخدرات".

يشار إلى أنه في حال تنفيذ حكم الإعدام في حق عتلاوي، فسيكون أول مواطن فرنسي يُعدم خارج بلاده، مع العلم أنه حسب أرقام وزارة الخارجية الفرنسية هناك 8 مواطنين فرنسيين يواجهون عقوبة الإعدام بتهم الاتجار بالمخدرات، في الصين وتايلند والولايات المتحدة.

اقرأ أيضاً: هولاند يدعو أوروبا للحرب على "المهربين الإرهابيين"

المساهمون