سجالات للاستهلاك

03 يونيو 2015
باول كوزنسكي / بولندا
+ الخط -

تستثمر المغرب منذ سنوات، ضمن سياستها السياحية، في البعد الثقافي. لعلّ تنظيم المهرجانات يعدّ ركيزة هذا التوجّه. غير أن تزاوج السياحي بالثقافي، تحت لحاف السياسة طبعاً، لا يخلو من لحظات توتّر.

إن عقارب ساعة الثقافة في المغرب وكأنما عدّلت هذه الأيام على توقيت الضجّات المتتالية. فبعد أن مرّت زوبعة فيلم "الزين اللي فيك" لنبيل عيوش، بـ"فضل" منع الحكومة عرض الفيلم، ما اعتبره شق المدافعين عن الفيلم انتصاراً للقيم المحافظة؛ استدعيت الفنانة الأميركية جينفير لوبيز لتحيي حفل افتتاح مهرجان "موازين إيقاعات العالم" في العاصمة الرباط.

حدثٌ أيقظ جدلاً "ثقافياً" جديداً في المغرب، ليس حول المغنية أو ما قدّمته، وإنما حول صعودها على الركح مع عدد من الراقصات، لم يغطِّ القماش من أجسادهن إلا القليل. جدل المحافظين والحداثيين، حسب التقسيم الإعلامي، غذّاه التلفزيون المغربي وأمدّه بمتاهات نقاش إضافية، حين نقل الحفل على المباشر، وكأنه حرص على تعميم الفرجة على جميع المغاربة، أو أنه "انتصر" هذه المرة للقيم الحداثية.

هذا التعامل الرسمي "الخفيف" مع الأحداث يكشف حَوَلاً؛ عين حريصة على السياحة، وأخرى حريصة على المنفعة السياسية الآنية. أما ما وراء ذلك، فهي لعبة إعلامية، وفئة من المثقفين الضروريين لتأثيث هذه النقاشات. مثقفون تشغلهم الحياة السجالية عن الحياة الثقافية والتي تُختزل شيئاً فشيئاً في كلام وردود أفعال.

المساهمون