تعهدت الدول والمنظمات المشاركة في المؤتمر الدولي لدعم سورية ودول المنطقة، الذي استقبلته العاصمة الأوروبية بروكسل، على مدى يومي الثلاثاء والأربعاء، بتخصيص ستة مليارات دولار كمساعدات إنسانية للشعب السوري.
وقد ندد المشاركون بـالهجوم الكيمياوي في خان شيخون بمحافظة إدلب، وطالبوا بالوقف الفوري للهجمات بأسلحة كيماوية في سورية ووقف إطلاق النار. كما دعوا إلى انتقال سياسي حقيقي في البلاد.
ويبدو أن ملف إعادة الإعمار، والذي كان يشكل النقطة الرئيسية على جدول أعمال المؤتمر، قد غيبه الهجوم الكيمياوي في محافظة إدلب. فقد اكتفى المشاركون في المؤتمر بالتأكيد على تقديمهم المساعدات للشعب السوري في أماكن وجوده ودعم الدول التي تستقبل اللاجئين السوريين.
وقال وزير خارجية قطر، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، "إن ما قدمه المؤتمر هو أولا استجابة للاحتياجات الإنسانية للشعب السوري في ظل المأساة الإنسانية التي يمر بها. وثانيا هي رسالة بأن إعادة الإعمار مرهونة بالانتقال السياسي. أما مسار الحل والمفاوضات فهو مقتصر في جنيف". وشدد على أن "الحل في سورية يجب أن يكون سياسيا وليس عسكريا".
من جهته يقول بودوان لوز، الخبير في الشؤون العربية، لـ"العربي الجديد" إن "الاتحاد الأوروبي، والمشاركين في المؤتمر، يربطون عمليات إعادة الإعمار في سورية بوجود عملية انتقال سياسي فعلية. وذلك يتم بحسبهم عبر مفاوضات جنيف لكنها وبعد خمس جولات وأشهر من النقاشات لم تتطرق بعد إلى المسائل الرئيسية وعلى رأسها مصير بشار الأسد. فكم من الوقت سينتظر الشعب السوري".
مهرجان التصريحات
وكانت مؤتمر بروكسل لدعم مستقبل سورية ودول المنطقة قد تحول إلى مهرجان للخطابات التنديدية. إذ لم تختلف تصريحات المشاركين في المؤتمر في ردهم على الهجوم الذي تعرض له المدنيون في إدلب.
وحده وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، كسر رتابة هذه التصريحات فيما بدا وكأنه نقد ذاتي لاعترافه بأن بريطانيا والولايات المتحدة كانتا على خطأ عندما فشلتا في العمل ضد الرئيس السوري بشار الأسد في عام 2013 بعد أن تخطى "خطهما الأحمر" واستخدم الأسلحة الكيمياوية. "كل الدول المشاركة في المؤتمر لا تمتلك أي وسائل فعلية للضغط على النظام السوري. باستثناء، ربما، ورقة الاستثمار التي كان الاتحاد الأوروبي، بدعم من دول خليجية، يريد استخدامها لإغراء النظام السوري، والتي لا يبدو أنها قد نجحت أيضاً. لذا فالكل يكتفي بالتصريحات التنديدية"، يقول بودوان لوز.
مليارات وفقر
ووفقا لمنسق الإغاثة التابع للأمم المتحدة، ستيفن أوبراين، فإن الاحتياجات الفورية لعام 2017 تصل إلى نحو ثمانية مليارات دولار. مذكرا بأن إيصال المساعدات إلى المتضررين، في مناطق الصراع، يحتاج إلى وقف إطلاق النار بين جميع الأطراف المتنازعة.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن الأضرار التي خلفها الصراع السوري بلغت حتى الآن 350 مليار دولار، لا سيما الدمار المادي وتوقف النشاط الاقتصادي.
ويعيش أربعة من كل خمسة سوريين في فقر شديد، بحسب تقديرات المنظمة الدولية. أمر لم يمنع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغريني، من القول إنه "يمكننا البدء في الاستعداد لما بعد الصراع. أعلم أن هذا يبدو غريبا، لاسيما اليوم. ولكن إذا أراد المرء السلام، فيتعين البدء في البناء".
وقد وعد الاتحاد الأوروبي بمبلغ 1.3 مليار يورو كمساعدات لهذه السنة ليظل المساهم الرئيسي في عمليات المساعدات الإنسانية للشعب السوري. فقد خصص، منذ بدء النزاع، حوالي 10 مليارات يورو كمساعدات إنسانية للشعب السوري والدول المجاورة التي تستضيف اللاجئين السوريين.