ربما يطلق اللقاء المقبل بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ المخطط له بولاية فلوريدا في الأسبوع المقبل سباقاً محموماً حول النفوذ العالمي وشكل النظام العالمي الجديد، الذي يخطط له كل منهما عبر الهيمنة على المال والاقتصاد والنفوذ "الجيوسياسي" في مناطق العالم الحيوية. وعلى الرغم من اختلاف الأدوات التي سيستخدمها كل واحد منهما في هذا السباق والتحالفات، فإن الهدف واحد. فالرئيس الصيني شي يعمل على بناء "نظام عالمي جديد مواز" يحل تدريجياً محل النظام العالمي القائم حالياً. فهو ينشئ بنوكاً شبيهة بالبنك الدولي وصندوق النقد، ويشكل تحالفات مع القوى الاقتصادية المؤثرة في العالم سياسياً واقتصادياً وعسكرياً مثل مجموعة "بريكس"، كما يتوسع تجارياً في أسواق العالم عبر مبادرة "الحزام والطريق" التي يخطط لإنفاق أربعة ترليونات عليها خلال الفترة المقبلة. وينطلق الرئيس الصيني في تنفيذ هذا المخطط من قوة بلاده التجارية وشبكة نفوذها في الأسواق العالمية والاحتياطي المالي الضخم المتوفر لبلاده، والمقدر بحوالى 3 ترليونات دولار.
أما الرئيس دونالد ترامب الذي أتى للحكم بفلسفة انعزالية وبمبدأ "أميركا أولاً"، فينطلق من قوة الدولار وأسواق المال والصناعة المصرفية التي تسيطر على حركة المال وتمويل التجارة وتسوية الصفقات في أنحاء العالم. ويلاحظ أن كلا الرئيسين غير راض عن النظام العالمي القديم ويريد تغييره. فالرئيس ترامب يريد تغيير نظم التجارة العالمية واتفاقاتها وقوانينها وإلغاء التجارة مع الكتل الاقتصادية، حيث يعتقد أن الإدارات الأميركية المتعاقبة ظلمت أميركا وتنازلت عن حقوق المواطن الأميركي أو أنها خدعت من قبل دول العالم. وبالتالي يرى الرئيس ترامب ضرورة إعادة التفاوض مجدداً مع كل دولة بمفردها لتحقيق المصلحة التجارية لأميركا، كما أعلن في بداية الشهر الماضي أنه لن يتقيد بمواثيق منظمة التجارة العالمية.
وحسب فلسفة الرئيس ترامب، فإنه سيتمكن من إعادة المجد لأميركا عبر تقوية مركزها المالي والتجاري وإحياء الصناعة وإنعاش إنتاج الطاقة، وإجبار الشركات الأميركية ورساميلها على الهجرة من الخارج إلى أميركا، للمشاركة في بناء هذا المجد. وذلك إضافة إلى حماية السوق الأميركي من تدفق البضائع الأجنبية عبر فرض الرسوم المرتفعة، ومعاقبة الدول صاحبة الميزان التجاري المرتفع أو تلك التي لدى أميركا عجز تجاري معها. ويعد السوق الاستهلاكي الأميركي الأكبر في العالم ويقدر بحوالى 11 ترليون دولار سنوياً. وبالتالي فحجم السوق الأميركي الضخم يعد من وسائل الابتزاز الرئيسية التي يستخدمها ترامب في مفاوضاته التجارية. إذ أنه يخطط لمعاقبة الدول والشركات التي لا تتجاوب مع فلسفته بالحرمان من تسويق منتجاتها في السوق الأميركي.
اقــرأ أيضاً
من جانبها تعد الصين لاحتمال انتهاء شهر العسل بينها وبين وواشنطن منذ سنوات، خاصة وأن سنوات الأزمة المالية ساهمت كثيراً في تعزيز نفوذها التجاري والمالي. وتعد الصين قوة اقتصادية صاعدة يقدر حجم اقتصادها بـ10 تريليونات دولار، بينما يقدر حجم الاقتصاد الأميركي بحوالى 19 تريليون دولار. لكن لكل اقتصاد نقاط ضعفه وقوته في الحرب التجارية المتوقعة بين العملاقين، حيث إن الصين تعتمد على رخص بضائعها في الأسواق العالمية مقارنة بنظيرتها الأميركية، ولكنها تعتمد على أسواق دول تقع تحت النفوذ الجيوسياسي الأميركي، كما أنها لا تملك عملة احتياط وتجارة عالمية. وفي المقابل فإن أميركا رغم قوتها المالية، فهي دولة مديونة وتعتمد في تمويلاتها على الاستدانة عبر بيع السندات، حيث تبلغ ديونها قرابة 20 ترليون دولار.
من بين محاور استعداد الصين لاحتمال توتر تجاري مع ترامب، محور الأسواق الجديدة، حيث تواصل بكين بحثها الدائم عن أسواق جديدة أو توسيع أسواقها الحالية، إذ تزيد من استثماراتها مع دول "الحزام والطريق"، حيث تقوم بإحياء طريق الحرير القديم عبر الجمهوريات السوفيتيية السابقة والدول العربية، ومد خطوط السكك الحديدية لنقل بضائعها مباشرة وبيعها عبر هذه الدول.
كما تعمل بكين كذلك، بنشاط شديد تجاه تحرير سعر صرف اليوان وزيادة هامش الذبذبة مقابل الدولار، وربما تعويمه خلال هذا العام إذا تزايدت "الحرب التجارية". وفي هذا الصدد، لاحظ مصرفيون، من بينهم مصرف "بانك أوف أميركا ـ ميريل لينش"، أن الصين رفعت خلال العامين الماضيين رصيدها من الذهب، وساهمت في تأسيس مؤسسات مالية موازية لصندوق النقد والبنك الدوليين مع مجموعة "بريكس". ومن هذه المؤسسات بنك التنمية الجديد، ومقره شنغهاي برأس مال 100 مليار دولار، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، ومقره بكين، برأس مال أولي قيمته 50 مليار دولار ورأس مال مصرح به قدره 100 مليار دولار.
كما اشترت الصين كميات كبيرة من الذهب، ويقدر رصيد الصين من الذهب حالياً بحوالى 1839 ألف طن، كما اشترت مخازن للذهب في كل من لندن وسنغافورة.
ولكن يبدو أن بكين لا ترغب في مواجهة سياسية أو عسكرية أو حتى تجارية مع واشنطن، وإنما ترغب في ترك ذلك لحليفتها موسكو، لتواصل هي التقدم والتمدد ومحاصرة أميركا وحلفائها تجارياً واقتصادياً، عبر إغراق أسواق العالم بالسلع الرخيصة.
ويلاحظ أن الصين لا تعمل وحدها في تنفيذ مخطط بناء " نظام عالمي جديد مواز" للنظام القائم، وإنما تتحالف في تنفيذ ذلك مع كل من روسيا وإيران، وإلى حد ما مع بعض دول "بريكس".
فالصين تستخدم روسيا وإيران في عرقلة النفوذ الأميركي في المناطق الحيوية في العالم، مثلما ما يحدث حالياً من علاقات تخادم بين موسكو وطهران في المنطقة العربية الجارية للسيطرة على أمن الطاقة وتسويقها وأسعارها والتنفيذ التدريجي لإنهاء عملية بيع النفط بالدولار، وتقليص دور العملة الأميركية في تسوية الصفقات.
اقــرأ أيضاً
وحسب فلسفة الرئيس ترامب، فإنه سيتمكن من إعادة المجد لأميركا عبر تقوية مركزها المالي والتجاري وإحياء الصناعة وإنعاش إنتاج الطاقة، وإجبار الشركات الأميركية ورساميلها على الهجرة من الخارج إلى أميركا، للمشاركة في بناء هذا المجد. وذلك إضافة إلى حماية السوق الأميركي من تدفق البضائع الأجنبية عبر فرض الرسوم المرتفعة، ومعاقبة الدول صاحبة الميزان التجاري المرتفع أو تلك التي لدى أميركا عجز تجاري معها. ويعد السوق الاستهلاكي الأميركي الأكبر في العالم ويقدر بحوالى 11 ترليون دولار سنوياً. وبالتالي فحجم السوق الأميركي الضخم يعد من وسائل الابتزاز الرئيسية التي يستخدمها ترامب في مفاوضاته التجارية. إذ أنه يخطط لمعاقبة الدول والشركات التي لا تتجاوب مع فلسفته بالحرمان من تسويق منتجاتها في السوق الأميركي.
من جانبها تعد الصين لاحتمال انتهاء شهر العسل بينها وبين وواشنطن منذ سنوات، خاصة وأن سنوات الأزمة المالية ساهمت كثيراً في تعزيز نفوذها التجاري والمالي. وتعد الصين قوة اقتصادية صاعدة يقدر حجم اقتصادها بـ10 تريليونات دولار، بينما يقدر حجم الاقتصاد الأميركي بحوالى 19 تريليون دولار. لكن لكل اقتصاد نقاط ضعفه وقوته في الحرب التجارية المتوقعة بين العملاقين، حيث إن الصين تعتمد على رخص بضائعها في الأسواق العالمية مقارنة بنظيرتها الأميركية، ولكنها تعتمد على أسواق دول تقع تحت النفوذ الجيوسياسي الأميركي، كما أنها لا تملك عملة احتياط وتجارة عالمية. وفي المقابل فإن أميركا رغم قوتها المالية، فهي دولة مديونة وتعتمد في تمويلاتها على الاستدانة عبر بيع السندات، حيث تبلغ ديونها قرابة 20 ترليون دولار.
من بين محاور استعداد الصين لاحتمال توتر تجاري مع ترامب، محور الأسواق الجديدة، حيث تواصل بكين بحثها الدائم عن أسواق جديدة أو توسيع أسواقها الحالية، إذ تزيد من استثماراتها مع دول "الحزام والطريق"، حيث تقوم بإحياء طريق الحرير القديم عبر الجمهوريات السوفيتيية السابقة والدول العربية، ومد خطوط السكك الحديدية لنقل بضائعها مباشرة وبيعها عبر هذه الدول.
كما تعمل بكين كذلك، بنشاط شديد تجاه تحرير سعر صرف اليوان وزيادة هامش الذبذبة مقابل الدولار، وربما تعويمه خلال هذا العام إذا تزايدت "الحرب التجارية". وفي هذا الصدد، لاحظ مصرفيون، من بينهم مصرف "بانك أوف أميركا ـ ميريل لينش"، أن الصين رفعت خلال العامين الماضيين رصيدها من الذهب، وساهمت في تأسيس مؤسسات مالية موازية لصندوق النقد والبنك الدوليين مع مجموعة "بريكس". ومن هذه المؤسسات بنك التنمية الجديد، ومقره شنغهاي برأس مال 100 مليار دولار، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، ومقره بكين، برأس مال أولي قيمته 50 مليار دولار ورأس مال مصرح به قدره 100 مليار دولار.
كما اشترت الصين كميات كبيرة من الذهب، ويقدر رصيد الصين من الذهب حالياً بحوالى 1839 ألف طن، كما اشترت مخازن للذهب في كل من لندن وسنغافورة.
ولكن يبدو أن بكين لا ترغب في مواجهة سياسية أو عسكرية أو حتى تجارية مع واشنطن، وإنما ترغب في ترك ذلك لحليفتها موسكو، لتواصل هي التقدم والتمدد ومحاصرة أميركا وحلفائها تجارياً واقتصادياً، عبر إغراق أسواق العالم بالسلع الرخيصة.
ويلاحظ أن الصين لا تعمل وحدها في تنفيذ مخطط بناء " نظام عالمي جديد مواز" للنظام القائم، وإنما تتحالف في تنفيذ ذلك مع كل من روسيا وإيران، وإلى حد ما مع بعض دول "بريكس".
فالصين تستخدم روسيا وإيران في عرقلة النفوذ الأميركي في المناطق الحيوية في العالم، مثلما ما يحدث حالياً من علاقات تخادم بين موسكو وطهران في المنطقة العربية الجارية للسيطرة على أمن الطاقة وتسويقها وأسعارها والتنفيذ التدريجي لإنهاء عملية بيع النفط بالدولار، وتقليص دور العملة الأميركية في تسوية الصفقات.