سباق البرلمان المصري: صراع على المستقلين وساويرس نحو المعارضة

02 نوفمبر 2015
حزب ساويرس تصدّر في الجولة الأولى (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
يسود الارتباك الشارع السياسي المصري في أعقاب الإعلان عن النتيجة النهائية للمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب، والتي أسفرت عن فوز المستقلين بـ110 مقاعد مقابل 103 مقاعد من إجمالي 213 مقعداً، مع احتلال حزب "المصريين الأحرار"، الذي يتزعمه رجل الأعمال نجيب ساويرس، صدارة الأحزاب برصيد 36 مقعداً.

في المقابل، حصل حزب "مستقبل وطن"، القريب من رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي وأجهزته، على 21 مقعداً، في حين حصل كل من حزبي "الوفد" و"الشعب الجمهوري" على 11 مقعداً، وتوقف رصيد حزب النور السلفي عند 8 مقاعد. أما حزب "المؤتمر"، الذي كان قد أسسه رئيس لجنة كتابة الدستور عمرو موسى، فلم يفز سوى بـ5 مقاعد، مقابل 4 لحزب "حماة الوطن".
من جهته، نال الحزب المصري الديمقراطي، الذي يمثل يسار الأحزاب المؤيدة للنظام، 3 مقاعد، فضلاً عن مقعد واحد لكل من أحزاب الحركة الوطنية الذي يتزعمه المرشح الرئاسي الأسبق أحمد شفيق، وحزب الحرية، والحزب الناصري، وحزب مصر بلدي.

هذه النتيجة أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن ساويرس يتجه إلى مغادرة تحالف "في حب مصر"، الذي يخوض انتخابات القوائم، عقب تشكيل البرلمان، لتصبح لساويرس هيئة برلمانية خاصة تتحوّل إلى رقم صعب في معادلة المجلس النيابي، وتجعله يشكل خطراً على المكونات الرئيسية للتحالف، ولا سيما أن ساويرس لا يمكن تصنيفه في خانة المقرّبين من النظام. فهو دائم الانتقاد له، وتحديداً على المستوى الاقتصادي. كما أن الدوائر الأمنية الداعمة للتحالف كان لها العديد من الملاحظات والمحاذير قبل الاضطرار للتحالف مع ساويرس، وهي لا تتعامل معه كصديق.
وتقول المؤشرات إن ساويرس مرشح فوق العادة لأداء دور المعارض في البرلمان، وليس تشكيل الحكومة أو المشاركة فيها كما يتوقع البعض. فالدستور المصري لا ينص على إسناد رئاسة الحكومة للحزب صاحب الأكثرية فقط، بل يتيح أيضاً إسناد رئاسة الحكومة إلى "الائتلاف" صاحب الأكثرية، وبالتالي فإن رئاسة الحكومة، إذا رفض البرلمان استمرار حكومة شريف إسماعيل الحالية، ستكون من حق الائتلاف الذي يسعى حالياً اللواء السابق سامح سيف اليزل، مدير قائمة "في حب مصر"، إلى تشكيله من نواب أحزاب مستقبل وطن والشعب الجمهوري والمؤتمر وحماة الوطن بالإضافة لعدد من المستقلين. وهو المخطط الذي نشر "العربي الجديد" ملامحه الأسبوع الماضي وعاد وأكده عضو التحالف مصطفى بكري في تصريحات للإعلام المصري.

اقرأ أيضاً: ‏"العليا للانتخابات"المصرية: 21 % الحضور بجولة الإعادة ومراقبون يشككون

من جهتها، تؤكد مصادر سياسية مطلعة أن فك الارتباط السياسي بين ساويرس والتحالف سيكون متزامناً مع المرحلة الثانية من الانتخابات المقررة نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، إذ إنه عقب الجولة الثانية سيحاول كل طرف تجميع أكبر عدد من النواب المستقلين وضمهم إلى الائتلاف البرلماني الخاص به، في ظل أنباء عن سعي ساويرس لتشكيل ائتلاف معارض موسّع بقيادة الهيئة البرلمانية لحزبه.
وبالتالي ستتحول المعركة في الأسابيع المقبلة بين ساويرس والتحالف إلى تنافس على استمالة المستقلين. كما أن تحالف "حب مصر" يمتلك خياراً آخر هو ضم نواب حزب الوفد، الذي لم تحسم هيئته العليا حتى الآن ما إذا كان الحزب يريد أن يحافظ على استقلاله في البرلمان، أم يلجأ للانضمام إلى تحالف حزبي أو نيابي أوسع.
وتضيف المصادر أن تفوّق حزب ساويرس في المرحلة الأولى لا يعني بالضرورة استمرار تفوقه في المرحلة الثانية، لأنه استفاد من إجراء الاقتراع في المرحلة الأولى في محافظات الصعيد التي ركز عليها ساويرس خلال جهوده للبحث عن المرشحين، وهي المحافظات التي تتميّز بكثافة تصويتية قبطية، على عكس محافظات المرحلة الثانية التي قد تكون فيها الغلبة لتيارات أخرى، وتتواجد فيها كلمة مسموعة للمجموعات القريبة من أمين تنظيم الحزب الوطني المنحل أحمد عز ولأحمد شفيق أيضاً.
وتكثف إدارة تحالف "في حب مصر" حملاتها الدعائية والترويجية للمشاركة في المرحلة الثانية حتى لا تتكرر مشكلة التصويت الضعيف في المرحلة الأولى، ولا سيما أنها تحتاج أصوات 5 في المائة من الناخبين على مستوى دائرة شرق الدلتا والقناة وسيناء لتأمين فوزها بالتزكية، غير أنها ستخوض في دائرة القاهرة ووسط الدلتا معركة انتخابية ضعيفة كما كانت في الجيزة والصعيد.

وتعقد إدارة التحالف، وعلى رأسها محمد أبوشقة، المستشار القانوني للسيسي، اجتماعات دورية هذه الأيام لدراسة سبل دعم المرشحين المستقلين المقربين منها على المستوى الفردي، وذلك تمهيداً لضمهم إلى الائتلاف النيابي. الأمر الذي يؤكد اتجاه النظام لإحكام السيطرة على جميع النواب في البرلمان المقبل، وتحديد اتجاهاتهم السياسية والائتلافات التي سينضمون إليها من الآن، حتى يكون البرلمان تحت السيطرة بنسبة 100 في المائة.
أما قضية استمرار الحكومة من عدمها، فترى المصادر نفسها في حديث لـ"العربي الجديد"، أنها "شبه مضمونة". وتضيف "بقاء شريف إسماعيل ومعظم أعضاء حكومته هو "أمر لا شك فيه بناءً على اتفاق سابق بين مكونات تحالف في حب مصر"، غير أنها لا تستبعد إجراء تعديل وزاري محدود بالتنسيق بين السيسي والبرلمان للإطاحة ببعض الوزراء الذين لم يعودوا يروقون له، أو تكررت صداماتهم ومشاكلهم مع الرأي العام.

اقرأ أيضاً: نتائج الانتخابات المصرية بجولتها الأولى: نواب ما قبل الثورة