"صحيح أنه لم يدرب في أوروبا، لكنه حصل على بطولة كبيرة مع منتخب بحجم شيلي، وفي أميركا اللاتينية يلعبون كرة القدم، أيضاً، وليس رياضة أخرى". بهذه الكلمات الساخرة دافع مونشي بشدة على رهان إشبيلية الجديد، جورجي سامباولي، الأرجنتيني القادم من قلب القارة المعزولة، والخليفة المفاجئ للمتخصص في الدوري الأوروبي، أوناي إيمري اختار باريس، ليضع مديرو النادي الأندلسي أعينهم على اسم جديد، وتجربة مغايرة ومختلفة هذه المرة.
ثنائي قوي
يؤكد مونشي، الرجل القوي في الأندلس وصانع الطفرة الحقيقية في إشبيلية، خلال حوار قديم مع صحيفة غارديان البريطانية، أنه يدلي بوجهة نظره الفنية قبل كل صفقة يعقدها النادي، ويعترف المدير الرياضي أنه كان يتدخل في بعض الأحيان لتأجيل أو إلغاء صفقة ما طلبها المدير الفني، لأنه يرى أن ذلك اللاعب لن يفيد المجموعة على المدى البعيد، مؤكداً أنه لن يشتري أي لاعب يؤثر بالسلب على تناغم وانسجام الفريق.
العمل في إشبيلية مختلف عن أي نادٍ آخر، هناك تعاون مشترك وقوي بين المدير الرياضي والمدير الفني، كل جانب له 50% من النجاح في حصد البطولات المتتالية، لأن هذا النادي يبيع نجومه كل عام، ويستطيع تعويضهم بمن هم أفضل فنياً وأقل مالياً، وبالطبع يعود الفضل في ذلك إلى فريق قوي مكون من 16 "سكاوت" أو خبير في مراقبة اللاعبين، ينطلق من الجنوب الإسباني إلى مختلف بلدان أوروبا، رفقة تعاون مثمر مع كبار الكشافين في الأميركتين.
وبالتالي فإن التعاقد مع المدرب، سامباولي، جاء بالتفاهم مع مونشي، لأن كل شخص من الثنائي سيتعاون مع الآخر في كل كبيرة وصغيرة، لأن الإدارة الكروية داخل الإدارة تعني مدرب يعرض فلسفته ويستخدم أكثر من تكتيك لإنجاحها، مع مدير رياضي يعرف ما يريده المدير الفني ويفهم أفكاره جيداً، حتى يستطيع التعاقد مع أسماء قادرة على تحويل هذه الخطوط العريضة إلى عمل واقعي وملموس داخل الملعب.
أفكار سامباولي
سامباولي رجل ثوري في الشق التكتيكي، مدرب له عالمه الخاص، يعشق الضغط العالي باستمرار، ويقدم كرة قدم قائمة على اللعب العمودي السريع من الخلف إلى الأمام، معتمداً على خنق لاعبي المنافس، ومحاولة قطع الكرة في نصف ملعب الآخر، حتى يصل إلى المرمى بأقل عدد ممكن من التمريرات.
حليق الرأس القادم من أميركا الجنوبية يعتبر أحد المدربين المميزين، بعد أن قام بعمل كبير مع شيلي. استخدم فعلياً مقومات وقوانين مارسيلو بييلسا، لكن مع قوة أكبر ودفاع صلب، مع مساندة الظروف له، ونضج معظم لاعبي الفريق، من مجرد مراهقين الى أسماء لها ثقل تكتيكي وفني، لذلك هو يمتاز بلمحة براغماتية واضحة، على الرغم من ميله إلى الهجوم وولعه بفرض شخصيته على أعتى المنافسين.
يعرف مونشي ما يدور في أفكار سامباولي، يحفظه ويقرأ رغباته مبكراً، لذلك بدأ العمل سريعاً بين الجهازين، في تحديد فلسفة اللعب الإشبيلي في الليغا بالموسم الجديد، ومحاولة جلب لاعبين قادرين على الركض بالكرة ودونها، مع الميل إلى الاحتفاظ بالكرة تحت ضغط، دون نسيان قوة العمل الدفاعي، فالمهاجم الذي سيصل إلى إشبيلية لن يسجل الأهداف فقط، بل سيكون أول مدافع في نصف ملعب المنافس، إنها الشمولية الكروية على الطريقة اللاتينية.
التعاقدات الجديدة
استعار إشبيلية ماتياس كرانفيتير من أتليتكو مدريد، الأرجنتيني الصغير أقرب إلى نسخة "البوكس"، يدافع ويهاجم في آن واحد، مع قدرة على لعب دور المدافع الثالث عند الاستحواذ على خطى ميدل مع شيلي. كذلك تعاقد الفريق مع خواكين كوريا لاعب سامبدوريا، الجناح الذي يتحرك باستمرار بين العمق والأطراف، كنصف لاعب على الرواق ونصف مهاجم في وبين الخطوط.
لا يرتبط الميركاتو بهذ الثنائي فقط، بل تمثلت القوة الأساسية في الرهان على فرانكو فاسكويز وباولو غانسو. قدم فاسكيز موسماً رائعاً مع باليرمو، هو لاعب وسط ومهاجم صريح، يسجل الأهداف ويصنعها، ساهم في 15 هدفاً في الكالتشيو بالموسم الأخير، مع قوة واضحة في الشق الدفاعي، فاللاعب يخطف الكرات ويقوم بعمل الافتكاكات السليمة، مع مهارة المراوغة التي تجعله أفضل أمام المرمى.
بينما غانسو هو صانع اللعب على الطريقة البرازيلية، لاعب فنان بالكرة، يراوغ بسهولة ويضرب المدافعين، مع ميل إلى صناعة الأهداف إلى زملائه، إنه لاعب يهوى إيصال المهاجمين إلى الشباك، مستخدماً قدمه اليسرى في التمرير، وبالتالي سيجد هذا اللاعب بيئة مناسبة للغاية في إسبانيا من أجل مواصلة التألق.
يعترف مونشي أن المفاوضات مع الاسمين الأخيرين أصبحت قريبة من الانتهاء، وبالعودة إلى طريقة لعب سامباولي وتكتيكه، فإن فريق إشبيلية في الموسم القادم سيضم مجموعة تجيد التحكم بالكرة مع قدرة على أداء الواجبات الدفاعية أثناء الشق الهجومي، كرة الكل في الكل على النهج اليساري اللاتيني.