لم تحمل زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركية، ديفيد ساترفيلد، إلى بيروت تطورات إيجابية في ملف الاعتداءات والتهديدات الإسرائيلية بشن حرب جديدة على لبنان، بل على العكس، فقد تزامنت جولة الدبلوماسي الأميركي على حدود لبنان الجنوبية مع فلسطين المحتلة، اليوم الأربعاء، والتي اختتم بها زيارته، مع إعلان المتحدث باسم قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب "يونيفيل" أن "الجانب الإسرائيلي بدأ فعلاً تنفيذ أشغال جنوب الخط الأزرق.
وقال المتحدث إن: "قوات الطوارئ تتابع ما يجري وتتواصل مع جميع الأطراف وهناك حرص شديد على حل هذه القضية ومنع أي تطور أو تصعيد".
وقد نشر جهاز الإعلام الحربي التابع لـ"حزب الله" صوراً لعمل لآليات إسرائيلية على حفر خندق ورفع سواتر اسمنتية في منطقة رأس الناقورة اليوم. علماً أن الجدار ينقسم بحسب جغرافية المناطق التي سيغطيها من جبل الشيخ شرقاً إلى رأس الناقورة غرباً إلى مقاطع اسمنتية وأخرى إلكترونية.
وتأتي الخطوة الإسرائيلية بعد ساعات قليلة فقط على إعلان المجلس الأعلى للدفاع في لبنان عن "توجيه التعليمات للتصدي لأي اعتداء إسرائيلي يتمثل في محاولة بناء الجدار الفاصل الجديدة على الأراضي اللبنانية". وهو ما يعني عملياً منح قوات الجيش اللبناني الإذن بالرد على أي خرق بري للحدود من قبل فرق الهندسة الإسرائيلية التي تنشط على الحدود بمواكبة عسكرية.
كما يمنح هذا القرار غطاءً شرعياً لأي تحرك عسكري مُقابل لـ"حزب الله" في الجنوب اللبناني، كون سلاح الحزب مشرّعاً في البيان الوزراي لحكومة الرئيس سعد الحريري. وسجل، اليوم أيضاً، تحليق كثيف للطيران الحربي الإسرائيلي فوق محافظتي الجنوب والبقاع وفوق البلدات الحدودية على علو متوسط.
أما في ما يتعلق بملف الحقل النفطي البحري، فقد قال وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتايتز، اليوم، إن بلاده "تسعى إلى حل النزاع مع لبنان حول حقل الغاز الذي يحمل رقم 9 عبر وساطة أجنبية".
وأشار في حديث لصحيفة "يديعوت أحرونوت" أن حكومته "مستعدة لحل دبولماسي لهذه المسألة". وذلك بعد أسبوع على التهديدات الواسعة التي أطلقها وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، وتضمنت تهديداً بقصف كل لبنان وعدم التمييز بين "حزب الله" وبين المؤسسات الرسمية، بعد أن إدّعى ليبرمان أن حقوق استثمار الحقل تعود إلى إسرائيل.
وسيشهد لبنان حفل تبادل العقود الموقعة بين الحكومة وبين ائتلاف شركات النفط الإيطالية والفرنسية والروسية التي ستستثمر في الحقل رقم 9 وحقل آخر شمالي لبنان، بعد غد الجمعة. على أن يصل وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، بعدها بأيام في زيارة رسمية سيتخللها بحث الملفات المشتركة وملف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان. إلا أن واقعة مغادرة مساعده، ساترفيلد، مع بدء الأعمال الإسرائيلية على الحدود يوحي أن أجواء الزيارة لن تكون إيجابية.
وفي حين امتنعت مصادر في السفارة الأميركية عن التعليق على خبر زيارة تيلرسون، وعزت ذلك إلى أسباب أمنية، قالت مصادر لـ"العربي الجديد"، إن "برنامج الزيارة لم يتحدد بعد"، رغم تزامنها مع ارتفاع حدة التهديدات والاعتداءات الإسرائيلية على سيادة لبنان براً وبحراً على الحدود مع فلسطين المحتلة. وكذلك في وقت تتكثف فيه الجهود الأميركية لحصار "حزب الله" مالياً.
وسبق لساترفيلد أن لعب مع نائب وزير الخارجية الأميركية لشؤون الطاقة، آموس هوشتاين، دوراً بارزاً في محاولة منع تحول التسابق اللبناني والإسرائيلي لاستخراج الموارد النفطية المُكتشفة على الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة إلى نزاع مسلح.
وقد قدمت الولايات المتحدة مساعدات عسكرية إلى لبنان بقيمة مليار ونصف المليار دولار أميركي منذ عام 2006 وحتى اليوم. لتحتل بذلك قائمة الدول الداعمة للجيش اللبناني.
كما كشف قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال، جوزيف فوتل، عن وجود عناصر من القوات الخاصة الأميركية في لبنان في مهمة لم يوضحها، وذلك خلال مقابلة تلفونية جماعية مع عدد من وسائل الإعلام الأجنبية قبل أسبوعين. وتقيم الولايات المتحدة في لبنان أكبر سفارة لها في الشرق الأوسط، في أعمال توسعة انطلقت، العام الماضي، بتكلفة تناهز المليار دولار.