سؤال جبرا

12 ديسمبر 2014
من منزل جبرا بعد تدميره (بغداد 2010/ هولي بيكيت)
+ الخط -

مرّت الذكرى العشرون لرحيل جبرا إبراهيم جبرا (1920- 1994) أمس دون حسّ أو خبر. كأنّ رجل المهمّات الصعبة في المشهد الثقافيّ العربيّ، طوال ستة عقود، لم يترك أثراً، أو كأنّنا نحن مثقفي جغرافيا التيه مشغولون عنه بتيهنا وتوهاننا.

ترى ماذا لو كان الرجل حيّاً بيننا ما يزال؟ سأفترض هذا الفرض العابث، وسأبني عليه أنه كان سيغفر لنا. فهو (ويعرف ذلك كل من اقترب منه شخصياً) لا يلتفت لمثل هذه "الصغائر".

سياسيّوك من أبناء بلدك مع تابعيهم من المثقفين بدرجة موظف، لم تكن تعنيهم في شيء، لهذا لم يلتفتوا إليك سوى التفاتة رفع العتب، بتكريم عابر ضمن مئة مكرّم، فضعتَ في الزحمة! وغيابك عن إعلامنا الثقافي وعن مثقفينا هو دليل آخر، ضمن مئات الأدلة، على خرابٍ يتقدّم ويتعمّم. وطبعاً مدخل كهذا للحديث عنك، لن يروقك أبداً. مفردة "الخراب" هذه تغيظك أنت بالأخصّ، لأنك رجل التأسيس، فتّاح السكك والبنّاء، إلى آخره.

لذا سأطوي الصفحة، وأتكلّم (بتعميم ظالم) عن فتوحات فوق العادة في الرواية والترجمة والنقد، أصّلتك وستبقيك حياً إلى آجال قادمة مديدة. أظنّ أنك تفوّقت على نفسك، في هذه المجالات الثلاثة، وكنت فيها رائداً بالمعنى التاريخي والإبداعي الخالص.

بالتأكيد جاء بعدك روائيون وتجاوزوك. لكن سنحتاج إلى جدل طويل، أدلّة وبراهين، حين نتكلّم عن ناقد أدبيّ أو مترجِم تجاوزك. هل حقاً تجاوزك أحدٌ ما في هذين الحقلين؟ السؤال مفتوح.

المساهمون