سأقتل القنّاص وفق شريعته

12 مايو 2015
+ الخط -
لست من هواة الرصاص، ولست قاتلةً مأجورة، لم أشرعن القتل يوما، وما كنت من مؤيديه، أكره السلاح، وأكره مخترع الرصاص، وأكره الحديد كذلك، وأوافق شاعراً وصف البندقيّة بالـ "مومس المنحلّة".

على الرّغم من ذلك، سأنسى يوماً أنّنا في القرن الواحد والعشرين، سأنسى المحاكم الدولية التي ربّما ستتّخذ إجراءاتـ "ها" في البحث عن القَتَلة ومحاسبتهم، سأسلك مسلك القنّاص "ابن شريعة الغاب" في قتله، سأقتله بنهم، ملجمةً أحاسيسي، كي لا تتأثّر بفعل الإنسانية. علي أن أنهي مهمتي كما ينهيها هو، ببرودة الأعصاب نفسها، بشريعته هو. سأقتله. ويحقُّ لي طبعاً أن أُضيف هذا الفعل إلى سيرتي الذاتية، وأصنفه ضمن مهاراتي المكتسبة "من القناص".

سأقتل القناص الذي صوّب هدفه على النافذة القريبة، حيث كانت امرأة عشرينيّة تُعدُّ زجاجة حليب لطفلتها، سأقتل ذاك القنّاص الذي قتلها، وترك ابنتها جائعة، سأقتله عندما أجبر طفلةً لم تنهِ أشهرها الستّة على شرب دم أمها بدل الحليب.

وسأقتل القناص الذي تراهن مع صديقه القناص مثله "ذات رهانٍ" على علبة سجائر "أجنبيّة" فيما لو أصاب بطن امرأةٍ حُبلى في الشارع المواجه لهما، سأقتل القنّاص الذي ربح الرهان، بعدما قتل أماً وجنينها، ليكسب بذلك علبة سجائر، وسأقتل الذي خسر الرهان وعلبة سجائر.

سأقتل القناص الذي صوّب فوّهة قناصته على فتاةٍ كانت تشكو لربّها القنّاص. وسأطرب لذات الـ "تي رش رش" المنبعثة من الجوّال ذي "السبعة بافلات" هذه الفتاة "لسوء حظّها" ربّما لم تُجدِ صلواتها الممزوجة بدمعها نفعاً. سكنت رصاصة القنّاص جسدها الغضَّ قبل أن تصل مناجاتها وجه الله، وسأقتل القناص الذي قتل الجائعين الرّاهنين حياتهم لربطةِ خبزٍ في الشارع الآخر.

أحتاج متّسعاً من الوقت لأقتل ذات القنّاص مرةً أُخرى عندما أتذكّر كيف قتل بذات اليوم، وبالقنّاصة ذاتها، في مدينةٍ أخرى، جياعاً يلقّطون زاد يومهم من"حشيش الأرض"، وسأقتل القنّاص "أخو القنّاصة"الذي سلّى كربة يومه في شارعٍ خالٍ من الإنس بثماني عشرة قطّة، لكنّنا هنا، "نحن الجُناة"، نحن أمَتنا القطط, لو كنّا يومها هناك، لا بدّ بأن القطط كانت ستظلُّ سليمة فـ"عذراً معشر القطط". أسأل نفسي "رغم جهلها" فيما لو ستتحقّق أمنيّتي، ومن بعد هذا التاريخ "القنّاصي" سأتوسّل "القيّمين" على شريعة الغاب التي تحكمنا , بصفتي قنّاصةً "مؤنّثة القنّاص" جديدة أن يهبوني ما جادت به كفّهم على القنّاصين القدامى، ليمنحوني أنا أيضاً ما منحوهم، متسعٌ من الوقت كي أجمع أمتعتي ومتاعي "الدّنيا"، و ذكرياتي, وصوري مع بندقيّتي "القنّاصة", و قتلانا "أنا وهي" للمغادرة ، أريد ترخيصاً للحصول على جواز سفر، "لا غرق"، "أكره البحر"، طبعاً لي ولأولادي ولقططي الثماني عشرة أيضاً، وتذاكر عبورٍ إلى "أوربا". حيث صحبي "دعاة السلام"، وأريد كذلك فيلماً,وأفضّلُ لو كان "واقعيّاً" يحكي قصّة قنّاصٍ يدور كـ"بعوضة" بين جثث قتلاه لأربع سنين. أريد فور وصولي "إقامةً مستعجلةً" باسم "حقوق الإنسان"، أريد منزلاً جميلاً " يليق بي"، أفضّل لو كان بجواره جمعيّةً لأصحاب القلوب "الرقيقة" تحرصُ على العناية بالحيوانات "الأليفة" ويبكي "أعضاؤها" لمشاهدة ولادةٍ "مُعسّرة" لـ"فيلةٍ مراهقة". وأريد مدفأةً رومانسية أكتب أمامها كتابي الأول حول "آداب الحروب"، حينها "لا شك" سأُزاحم العم أوباما على نوبل "للسلام". ورحمة الله وبركاته.
avata
avata
لبنى زاعور (سورية)
لبنى زاعور (سورية)