وقبيل زيارة ترامب للقدس، عزلت سلطات الاحتلال الإسرائيلية كامل البلدة القديمة من القدس، ونصبت حواجز وخياماً في محيط كنيسة القيامة، وحالت هذه الإجراءات دون وصول أحد إلى المنطقة، باستثناء وسائل الإعلام التي حيل بينها وبين باحة الكنيسة، التي طوقتها قوات كبيرة من الشرطة والوحدات الخاصة الإسرائيلية وعناصر الأمن الأميركيين المرافقين لترامب.
هذا الانتشار الأمني بدا واضحاً في مساحة واسعة من البلدة القديمة في القدس خاصة في منطقة باب الخليل، أحد الأبواب الرئيسية للبلدة القديمة من القدس من ناحية الغرب، والتي أقيم فيها أكثر من عشر منصات مراقبة، في الوقت الذي حلقت فيه طائرة مروحية في سماء البلدة القديمة لعدة ساعات، إلى أن اختتم الرئيس الأميركي زيارته المقررة إلى حائط البراق، مرتدياً قبعة المتدينين اليهود، ووضع ورقة كتب فيها تمنياته ليضعها في كوة بالجدار الغربي للأقصى، وسط حضور لمجموعات من غلاة المتطرفين كانوا اعتلوا أسطح البنايات في حارة الشرف أو ما يعرف الآن بـ"الحي اليهودي".
ويأتي هذا في وقت شهدت فيه البلدة القديمة ومحيطها، وكذلك جميع أحياء القدس وبلداتها إضراباً تجارياً شاملاً دعماً وإسناداً للأسرى في سجون الاحتلال، وسط اندلاع مواجهات عنيفة في سلوان ومخيم شعفاط، وقلنديا، حيث وصلت إلى الحاجز العسكري المقام على مدخل قلنديا مسيرة غضب من رام الله واشتبكت مع قوات الاحتلال، ما أوقع إصابات بالرصاص المطاطي والحي والغاز المسيل للدموع.
وكان مواطنون مقدسيون عبروا عن آرائهم شبه المتطابقة من زيارة ترامب لمدينتهم والمنطقة، خلال حديثهم مع "العربي الجديد"، حيث اعتبره أحدهم، ويدعى محمد الزين، من أكثر زعماء الولايات المتحدة دعماً لإسرائيل التي تمارس الإرهاب بحق الفلسطينيين منذ عقود.
أما بدر الشويكي، فاعتبر الزيارة غير مرحب بها ومقيتة، ولن يجني الفلسطينيون منها شيئاً، خاصة أن ترامب ومعظم حاشيته من أشد المسؤولين الأميركيين التزاماً بإسرائيل وأمنها، ويتجاهلون عن عمد معاناة الفلسطينيين، كما يرفضون الضغط على الاحتلال للتنازل ووقف ممارساته القمعية اليومية ضدهم.
في حين انتقد آخرون الإضراب اليوم مع إعلان تأييدهم للأسرى. وقال أحدهم، وهو المواطن المقدسي منتصر الشويكي: "لو لم يكن هناك إضراب لصعبت زيارة ترامب الكريه للقدس، بالرغم من إجراءات الاحتلال التي حولت القدس إلى ثكنة عسكرية".
يأتي ذلك، في وقت مددت محكمة صلح الاحتلال اعتقال 10 من النشطاء المقدسيين اعتقلوا، فجر أمس الأحد، لأسباب تتعلق بزيارة ترامب للقدس القديمة ومخاوفها من وقوع أعمال احتجاج مترافقة مع الزيارة، ولتزامنها أيضاً مع المسيرات الاستيطانية الضخمة التي ستنظم بعد غد الأربعاء، في محيط البلدة القديمة وداخلها، وتوجهات المشاركين فيها لاقتحام المسجد الأقصى.
وبينما كان المقدسيون يتحفظون على الزيارة وما ستجلبه من نتائج، في وقت تعاني فيها أسواقهم من ركود اقتصادي حاد بفعل ممارسات الاحتلال، كانت مجموعات من المتشددين اليهود من غلاة المستوطنين تعتلي أسطح البنايات قرب كنيسة القيامة وتحاول التقاط صور من بعيد للمسار الذي سيسلكه ترامب، في حين منعتهم الشرطة الإسرائيلية من الاقتراب أو تجاوز مناطق محددة تم إغلاقها بإحكام.
وأرغم جنود قرب باب العامود عدداً من هؤلاء المتطرفين سلوك طريق باب الساهرة وصولاً إلى بؤرهم الاستيطانية داخل أسوار البلدة القديمة.