أثارت زيارة رئيس الحكومة حيدر العبادي، أمس الإثنين، إلى مدينة تكريت للاحتفال بمرور ثلاث سنوات على تحريرها من سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي؛ حفيظة مسؤولين وبرلمانيين في الحكومة، وفيما أبدى بعضهم استغرابه من توقيت هذه الزيارة "المُفاجئة"، ذهب آخرون إلى تعليل الزيارة وربطها باقتراب الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في 12 مايو/أيار المقبل.
وتفقد العبادي خلال زيارته، أمس، إلى تكريت العاصمة المحلية لمحافظة صلاح الدين (180 كليومتراً) شمال مدينة بغداد؛ مدينة سامراء المضطربة أمنياً، والتي تنتشر فيها مليشيات "سرايا السلام" الخاضعة لزعيم التيار الصدري "مقتدى الصدر".
كذلك زار رئيس الحكومة منطقة القصور الرئاسية، وموقع حادثة "سبايكر" المرتبطة بتنفيذ تنظيم "داعش" إعداماً جماعياً، ذهب ضحيته قرابة 1700 عنصر أمن.
ويعترض القيادي في تحالف "الفتح"، الذي يضم قوائم انتخابية لمليشيات "الحشد الشعبي"، والنائب في البرلمان العراقي عامر الفايز، على زيارة العبادي إلى مدينة تكريت، معتبراً أنّ الأخير يستغل مركزه كرئيس للوزراء لتحقيق مكاسب انتخابية.
وقال الفايز، لـ"العربي الجديد"، إنّ "العبادي في زيارته الأخيرة إلى تكريت، أكّد لنا أنه يعمل جاهداً لرفع رصيده الانتخابي مستخدماً صفته الرسمية".
وأضاف أن "العبادي يسعى حالياً إلى كسب أصوات الجمهور السني، بعد أن أدرك تماماً أنه أضاع من بين يديه القوائم والتحالفات الانتخابية التي تحظى بشعبية كبيرة في مناطق وسط العراق وجنوبه، لا سيما التحالف مع فصائل الحشد الشعبي التي أسهمت بتحرير العراق من داعش".
وأوضح أنّ "عقبات كثيرة تواجه العبادي في المرحلة المقبلة، وحصوله على الولاية الثانية بحكم العراق، هو أمر قد لا يحصل بنسبة كبيرة، فقد خسر حظوظه وجمهوره الكبير قبل أشهر قليلة، بعد اختياره للعزلة عن أهم مكونات التحالف الوطني".
من جهته، رأى المحلل السياسي، جمعة العطواني، وهو برلماني سابق، أنّ العبادي يضغط بطرق "سياسية" على المجالس المحلية لمناطق العراق من أجل الحصول على مكاسب انتخابية.
وقال العطواني لـ"العربي الجديد"، إن "العبادي لم يزر موقع حادثة سبايكر ولم يشارك المفجوعين بفقدان أبنائهم في المجزرة التي حصلت قبل ثلاث سنوات، فما الذي تغير الآن حتى يزورها في الوقت الحالي؟".
وأضاف، أن "العبادي يستغل صلاحياته في الضغط على مجالس المحافظات، فقد حوّل، أخيراً، كل ما يتعلق بالمجال الخدمي بمدينة البصرة إلى مكتبه الخاص، من أجل إدارة الملفات الخدمية فيها، وهذا يخالف القانون"، مبيناً أن "الخلاف السياسي بين العبادي وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، قاد الأول إلى تعطيل إطلاق المخصصات المالية لبغداد، كونها خاضعة لنفوذ الثاني، وهذا الأمر يخالف القانون هو الآخر".
ولفت إلى أن "الرقابة البرلمانية على تحركات العبادي الحالية متوقفة، بسبب شللٍ كبيرٍ أصاب مجلس النواب العراقي، لأن غالبية أعضائه مشغولون حالياً بحملاتهم الانتخابية بمناطقهم ومحافظاتهم".
في المقابل، دافع النائب في البرلمان العراقي والمقرب من العبادي، علي العلاق، عن تحركات رئيس الحكومة، واصفاً إياها بـ"الطبيعية".
وقال العلاق إنّ "الذين يتهمون العبادي بالسعي للحصول على أصوات انتخابية من المكون السني، عن طريق زياراته إلى تكريت وغيرها من المدن، يحاولون إثارة الفتنة الطائفية بخطاب غير منطقي"، معتبراً أن "العبادي حتى الآن لم يتوقف أو يتهاون عن أداء مهامه كرئيس للوزراء والقوات المسلحة، وله الصلاحية بزيارة أي منطقة عراقية".
واستعادت القوات العراقية مصحوبة بمليشيات "الحشد العشبي"، السيطرة على مدينة تكريت من قبضة تنظيم "داعش" في الأول من أبريل/نيسان 2015 بعد نحو شهر على محاصرتها.