واستبق العبادي التكهنات حول الزيارة، بإعلانه قبيل صعوده الطائرة متوجهاً إلى جدة بأنها تتعلق بالشأن العراقي السعودي فقط ولا علاقة لها بالأزمة الخليجية. إلا أن وزيراً عراقياً بارزاً يرافق العبادي في زيارته، كشف لـ "العربي الجديد"، خلال حديث أجري من جدة عبر الهاتف، بأن خمسة ملفات مهمة ستطرح خلالها فضلاً عن وجود اتفاق مبدئي على تشكيل لجنة دائمة مشتركة لتطبيع العلاقات بين البلدين.
ويؤكد الوزير العراقي أن الملفات تم الاتفاق عليها بين وزارتي الخارجية العراقية والسعودية مسبقاً، وتعتبر حساسة للغاية. ولفت إلى أنها تتضمن "ملف الإرهاب واستمرار تجنيد داعش للمواطنين السعوديين للقتال في العراق، وملف المعتقلين السعوديين في السجون العراقية، والبالغ عددهم حتى الآن نحو 200 معتقل جميعهم من أعضاء تنظيمي القاعدة وداعش". أما الملف الثالث فيتعلق بالنفط حيث أنبوب تصدير النفط العراقي المتوقف منذ حرب الخليج 1991 عن العمل، وتصرّ الرياض على مصادرته بسبب ما تصفه خسائر مادية لحقت بها من نظام صدام أو تعويض بغداد لها، وهو ما لم يتم التوصل فيه لأي اتفاق على مدى الـ 14 عاماً الماضية من احتلال العراق وانتهاء حقبة نظام صدام حسين.
والأنبوب هو أحد أكبر المشاريع العراقية النفطية، وتبلغ سعته التصديرية مليون برميل يومياً ينقل النفط الخام من حقول وسط العراق إلى البحر الأحمر عبر ميناء ينبع. وتم إنشاؤه بعد الحرب العراقية الإيرانية تحسباً لهجمات إيرانية تستهدف ناقلات النفط العراقية في مضيق هرمز. كذلك يعتبر الملفان الرابع والخامس عراقيين، وهما ملف الدعم المالي من السعودية لبرنامج إعمار المدن المحررة من "داعش" من خلال المشاركة في مؤتمر مانحين من المؤمل أن يعقد خلال شهرين من الآن في الكويت.
ويأتي ملف دعم مؤتمر أنقرة للقوى السنية والوطنية العراقية كخامس ملف من حيث الأهمية، إذ تطالب السعودية، التي تدعم تشكيل تحالف سني سياسي في العراق، العبادي بدعم هذا التحالف، لإنهاء حالة التشرذم في البيت السني السياسي، وذلك بعد نحو أربعة أشهر على عقد قوى سنية عراقية اجتماعاً مغلقاً بحضور ممثلين عن دول عربية على رأسها السعودية والإمارات والأردن لتشكيل تحالف سياسي واسع يجمع القوى العراقية داخل العراق وخارجه.
ولفت الوزير نفسه إلى أن الزيارة بداية لتصفير المشاكل بين البلدين، وتغيب عنها الورقة الإيرانية في العراق، وهو ما بدا رغبة من العبادي الذي ترافقه في الوفد شخصيات سياسية بالتحالف الوطني الحاكم المعروف بولائه لإيران.
من جهته، قال النائب عبد الكريم عبطان، عضو لجنة العلاقات الخارجية، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "داعش وما بعد داعش، والحدود، والمنفذ البري، وتبادل المعلومات الأمنية، وأنبوب النفط العراقي إلى ينبع السعودية، وزيادة التنسيق واللجان بين البلدين، أبرز عناوين الزيارة التي يُرافق العبادي خلالها مسؤولو أمن واستخبارات ودبلوماسيون فضلاً عن خبراء اقتصاد واعمال عراقيين.
وعقد العبادي قبيل مغادرته إلى السعودية اجتماعاً مع قيادات بارزة في التحالف الحاكم بالبلاد، قال عنها عضو التحالف محمد الموسوي إنها لبحث الملفات المطروحة في زيارة العبادي إلى السعودية.
وأوضح الموسوي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "العبادي تلقى دعوات كثيرة من دول عربية لزيارتها، لكن تلبية دعوة السعودية أولاً جاءت لكون البلدين بينهما مشاكل ملفات عالقة يجب حلها أبرزها الإرهاب واستمرار وجود الجنسية السعودية كمحرك بشري كبير داخل تنظيم داعش في العراق". مع العلم أن العبادي تلقى دعوة لزيارة السعودية من الملك سلمان بن عبد العزيز بعد يوم واحد فقط من انتهاء قمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الرياض الشهر الماضي. وأشار الموسوي إلى أن رئيس الوزراء العراقي يرفض الاصطفاف مع دولة خليجية ضد أخرى، وموقفه محايد، ويحاول ترتيب علاقته مع الجميع، إذ إنه في وضع لا يسمح له الدخول في لعبة المحاور، في إشارة إلى الأزمة الخليجية الحالية.