زيارة الصيد إلى الجزائر: تنسيق سياسي وأمني

18 مايو 2015
يعاني الصيد في الداخل بسبب الاحتجاجات (أمين الأندلسي/الأناضول)
+ الخط -
ليس التقليد السياسي فقط ما يدفع رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد، لزيارة الجزائر، كأول دولة بعد تسلّمه منصب رئاسة الحكومة. ويتعدّى الأمر ذلك إلى أسباب سياسية وأمنية واقتصادية، بعد مماطلة الأوروبيين والخليجيين في تقديم المساعدات الموعودة إلى تونس.

وصل الصيد إلى الجزائر، مساء السبت، واعتبر أن "الزيارة تأتي في سياق البحث عن مزيد من الاتفاقيات والتعاون على المستويين الاقتصادي والأمني". وأضاف أن "تونس حريصة على الارتقاء بالعلاقات بين الجزائر وتونس إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية المتميزة في كافة المجالات".

وشدد على أهمية الجانب الأمني، في ظلّ النشاط اللافت للمجموعات المسلّحة في منطقة الحدود بين تونس والجزائر. وهو ما أكده كاتب الدولة المكلف بالشؤون الأمنية، رفيق الشلي، في حديث لوكالة الأنباء التونسية، حين أشار إلى أن "التنسيق الأمني والعسكري في مجال مكافحة الإرهاب سيتم تفعيله بصورة أكبر". وأوضح الشلي أن "اللقاءات المشتركة بين ممثلي الحكومتين التونسية والجزائرية، تصبّ في إطار تواصل التعاون، وديمومة التنسيق، والتقييم المشترك للوضع الأمني الإقليمي".

ويُعتبر الملف الأمني أبرز نقاط التشاور التونسي ـ الجزائري على أجندة العلاقات بين البلدين، فمنذ سنتين، بات تواجد المجموعات المسلحة، ونشاطها في منطقة جبل الشعانبي على الحدود بين البلدين، يُشكّل هاجساً أمنياً حقيقياً للجزائر وتونس. والارتباط العضوي بين "كتيبة عقبة بن نافع" المتمركزة في تونس، وتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" المتمركز في الجزائر، يفرض مزيداً من التعاون الأمني بين الأجهزة الأمنية والجيش في الجزائر وتونس.

اقرأ أيضاً: ائتلاف معارض يجمع أحزاباً ديمقراطية في تونس

وهو ما عبّر عنه وزير الداخلية التونسي ناجم الغرسلي، لدى استقباله نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، منذ فترة، حين أكد أن "التنسيق الأمني والعسكري بين البلدين، أثمر في كثير من العمليات المشتركة على الصعيد العملياتي". في إشارة إلى عملية القضاء على زعيم "كتيبة عقبة بن نافع" وثمانية من رفاقه، على الحدود بين البلدين في أبريل/نيسان الماضي. ولهذا السبب رافق وزير الدفاع التونسي فرحات الحرشاني، رئيس الحكومة التونسية في زيارته الجزائرية، لإجراء تقييم عملي للتعاون العسكري الثنائي وتحليل الوضع الأمني السائد بالمنطقة.

من جهة أخرى، تتطلّع تونس إلى تعاون اقتصادي مع الجزائر والحصول على دعم سياحي. ويأمل الصيد في تدفّق السياح الجزائريين على تونس الصيف المقبل، لتعويض السياح الأجانب والغربيين، الذين توقفت زياراتهم إليها بعد اعتداء متحف باردو وسط العاصمة تونس في مارس/آذار الماضي.

وفي السياق، أكد الصيد أن "عدد السياح الجزائريين الذين يزورون تونس سنوياً، يفوق المليون سائح، مما يستدعي دعم التعاون بين البلدين في هذا المجال، والعمل أيضاً في تونس على تحسين مستوى الخدمات تماشياً مع طلب السياح". وأعلن عن تسهيلات مهمة لصالح السياح الجزائريين، الذين يفضلون التوجه إلى تونس لقضاء عطلة الصيف.

وأشارت في هذا الصدد وزيرة السياحة التونسية، سلمى اللومي، التي ترافق الصيد، في زيارته، إلى أنه "تمّ الاتفاق على تفعيل اللجنة المشتركة للسياحة والصناعات التقليدية والتجارة، وتقرر أن تعقد اللجنة أولى اجتماعاتها الأسبوع المقبل، مع التأكيد على تفعيل الاتفاقيات القديمة". وأوضحت في تصريحات صحافية، أن "الجانب التونسي تعهّد بتحسين الخدمات في المعابر الحدودية العشرة، إلى جانب زيادة التعاون في مجال التكوين في ميداني الصناعات التقليدية والسياحة".

من ناحيته، أفاد وزير تهيئة الإقليم والسياحة والصناعات التقليدية الجزائري، عمار غول، بأنه "تمّ خلال الجلسة التي جمعته باللومي، الاتفاق على وضع برنامج جديد ينخرط في آفاق مستقبلية حول تطوير التعاون في مجالي السياحة والصناعات". وأضاف أنه "تم التطرق إلى توسيع فضاء وخارطة تنقل السياح بين البلدين، في إطار برنامج لاستقطاب سياح الدول القريبة والبعيدة نحو الفضاء الجزائري ــ التونسي".

وتأمل تونس في أن يكون المدّ السياحي الجزائري باتجاهها، جزءا من الدعم الجزائري لها، للمساعدة على تجاوز المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، التي تخنق حكومة الصيد، والتي تواجه موجة من الاحتجاجات الشعبية، والمطالبات بالعمل والخدمات في مناطق جنوبي تونس، القريبة من الجزائر. وقامت احتجاجات عدة ضد الصيد في منطقة الفوار بولاية قبلي، ومدن الحوض المنجمي بولاية قفصة.

كما بحثت الحكومتان، مسعى إعادة تفعيل التعاون بينهما، بما يتعلق بتنمية المناطق الحدودية وتحسين الظروف المعيشية لسكانها. وأُعيد فتح ملف "الشركات المشتركة"، التي كانت تشغل سكان الحدود قبل التسعينيات.
كما يرجّح خبراء أن تقدم الجزائر مساعدة مالية لتونس، لمساعدتها على تجاوز حالة الإفلاس المالي التي تتجه إليها، بفعل تعطل حركة الإنتاج وموجة الإضرابات القطاعية والمهنية. مع العلم أن الجزائر سبق أن قدمت هبات وقروضا بأكثر من نصف مليار دولار إلى تونس، في السنوات الأربع الماضية.

اقرأ أيضاً: الحكومة التونسية ومائة يوم من الإخفاق
المساهمون