زيارة الجلاد إلى بيت عبد اللطيف اللعبي

19 أكتوبر 2015
+ الخط -

لا نعرف إن كان المجرم الذي اقتحم بيت الشاعر عبد اللطيف اللعبي وزوجته الكاتبة جوسلين اللعبي وهاجمهما مجرّد لص أم أن وراء الأكمة ما وراءها.

نشكر اللطف الإلهي على نجاتهما رغم إصرار "اللص" على إلحاق أكبر قدر ممكن من الأذى الجسدي (طعن الشاعر في عنقه وشجّ رأس زوجته بإحدى تحف البيت).

في لحظات كهذه، يشعر المرء بالعجز وهو يبحث عن معنى لما يشبه كابوساً في منطقة وثقافة باتت غنية بالكوابيس. إن كان المعتدي مجرّد لص حقاً، فهل هذا ما يستحقه شاعر عاش حياته بلا ادعاء في خندق الالتزام الاجتماعي، أليس للص غريزة طبقية؟

نعود إلى قصائد الشاعر، فتلمع مقاطع كتبها إلى جوسلين من سجنه ("وأزهرت شجرة الحديد"، 1982): "يدعونا الفجر إلى الحضور ويتواصل الصراع ويتفتّح الحبُّ وردةً في حلبة العصيان/ يدي ترتعش كأنني أرغب في بتر عضو من أعضائي لأرفعه لك قرباناً/ هذه اليد المنتصبة بالذات لتمحو وصمة العار/ نعم لأجلك أرفعها في غبطة العصيان".

الشاعر الذي تعلمنا منه أن الحب "مدرسة للمساواة والتآزر والإنصات للغير"، هو أيضاً الذي يتساءل في واحدة من قصائده (مجموعة "اكتُبْ الحياة" 2005): "هل يمكن أن نحبّ بين أحابيل هذا الأقنعة؟ لا شيء يؤثر في ذلك/ لطالما تغذّى الإنسانُ على الحيوان؟".

وفي مقطع آخر: "جلادٌ بلا وجه/ يهاجم أحلامي بضراوة/ ثمة قوة لا تصدَّق في يديه/ أشكّ في أنه عدوّ/ إنه بالأحرى خائن. لا أنجح في إزاحة القناع عن وجهه/ ما الشيء الذي يريد أن ينزعه منّي عنوةً؟ هل هو كوني ببساطة أشعر أن في داخلي حدس عيشٍ مغايرٍ طالما أُنكِر علينا/ أم سعيي لصحبة هذا الزائر الغامض الذي لا يكلّمني إلا بالألغاز؟".

الجلاد الذي بلا وجه في القصيدة، صار جلاداً بلا اسم في الواقع. نتأمل العلاقة بين الجلاديْن ونقرأ السطر الأخير: "استيقظتُ/ لنَقُل نجوتُ/ تقول لي رغبتي بالقهوة إنّه الصباح وليذهب الجلاد إلى الجحيم".


اقرأ أيضاً: شاعر يمرّ

دلالات
المساهمون