زوال عصر القطن..مصر تتخلى عن دعم زراعته وتزيد استيراده

09 يناير 2015
توقعات بتقليص الفلاحين للمساحات المخصصة لزراعة القطن بمصر(فرانس برس)
+ الخط -
تعرّض القطن المصري لضربة قاضية من حكومة إبراهيم محلب، التي قررت مؤخراً تخليها عن دعم المحصول الاستراتيجي الذي كان يتربع على صدارة عرشه عالمياً.
وتوقع خبراء زيادة الاستيراد، خلال الفترة المقبلة، بهدف تغطية الطلب المحلي لمصانع الغزل والنسيج، وفي المقابل تراجع المساحات المخصصة لزراعته، بعد تخلي الدولة عن دعم المزارعين.
ووفقاً لإحصاءات رسمية "بلغت قيمة الدعم للقطن خلال العام الأخير نحو مليار جنيه (ما يعادل 140 مليون دولار)، مقسمة إلى 640 مليون جنيه للمزارعين، والباقي لمصانع الغزل والنسيج".
وقال مسؤول حكومي بارز في وزارة الاستثمار المصرية، لـ"العربي الجديد"، إن مصر استوردت 3 ملايين قنطار من القطن قصير التيلة خلال العام الماضي، جراء عدم توافر نوعية هذه الأقطان داخل مصر.
وأضاف المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، أن الحكومة طالبت وزارة الزراعة بإرشاد الفلاح للتوسع فى زراعة القطن قصير التيلة لتزايد الطلب عليه، والتى لا تمثل نحو 2% من إجمالي مساحة 350 ألف فدان تمت زراعتها بالمحصول خلال الموسم الماضي.
وذكر تقرير صادر عن وزارة التجارة والصناعة، حصلت عليه "العربي الجديد"، أن مصر استوردت أقطانا وغزولا وسجادا خلال النصف الأول من العام الماضي بـ1.3 مليار دولار، مقابل صادرات بـ1.5 مليار دولار.
وتصدرت الصين قائمة البلدان التي تستورد مصر منها الأقطان والغزول بقيمة 556 مليون دولار، وتلتها الهند بـ152 مليون دولار، وتركيا بـ146 مليونا، وأميركا بـ62 مليونا، وفى المركز الخامس جاءت اليونان بـ46 مليون دولار.
وذكر المسؤول أن المؤشرات الأولية تؤكد أننا نستورد منتجات قطنية بنحو 2.8 مليار دولار خلال العام الماضي، بنمو 10% عن العام الأسبق 2012، وفقا للمسؤول.
وبحسب المسؤول، فإن شركات قطاع الأعمال وحدها اشترت بنحو 800 مليون جنيه أقطانا مستوردة من الخارج خلال الموسم الماضي. وكانت وزارة الزراعة المصرية في يناير/كانون الثاني 2013 ذكرت أنها نجحت في تسويق 2.5 مليون قنطار، سواء لدى الشركات المحلية أو البيع في الأسواق العالمية.
وأضاف أن أسعار الأقطان العالمية تتراوح بين 700 (98 دولارا) و800 جنيه (112 دولارا) للقنطار، في حين يصل السعر المحلي إلى 1400 جنيه (196 دولارا).
وقال "بلغت مساحة القطن المزروعة خلال الموسم الماضي 350 ألف فدان، بزيادة 20% عن الموسم الزراعي الذي سبقه، أنتجت 2.5 مليون قنطار، وفّرت الدولة دعما بقيمة 520 مليون جنيه لشراء المحصول من الفلاح بسعر 1400 جنيه" .
وأضاف المسؤول أن الحكومة ستعمل على تعويض النقص فى القطن قصير التيلة، عبر الاستيراد من النيجر والسودان واليونان، في ظل استمرار مصر في إنتاج الأقطان متوسطة وطويلة التيلة التي لا تحتاج إليها المصانع في الوقت الحالي.
إلا أن نقيب الفلاحين، فريد واصل، قال في تصريحات لـ"العربي الجديد": "كل مساحة القطن التي زرعت خلال الموسم الماضي لم تتجاوز 200 ألف فدان، ولا صحة لتصريحات المسؤولين بأن الموسم الماضي شهد زراعة 350 ألف فدان".
وأضاف واصل أن الحكومة تهدر صناعة وطنية، مشيراً إلى أن السياسات الجديدة لوزارة الزراعة بشأن المحصول تدمر الفلاح المصري، حيث يعد المحصول من أهم موارد الدخل للفلاح المصري، إلى جانب محصول الأرز.
وأضاف أن الحكومة، خلال الفترة الأخيرة، رفعت أسعار الأسمدة بنحو 30%، فضلا عن زيادة أسعار السولار الذي تستهلكه الآلات الزراعية؛ مما يشكل المزيد من الأعباء على الفلاح.
ومن المقرر أن يعقد وزير الزراعة المصري، الدكتور عادل البلتاجي، اجتماعا مع غرفة الصناعات النسيجية والشركة القابضة للغزل والنسيج، بحسب واصل، "لم تتم دعوة نقابة الفلاحين لحضور الاجتماع، وسنقدم مذكرة إلى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسى عقب عودته من زيارة الكويت".
وقالت رئيس مجلس إدارة الشركة الشرقية للأقطان، سوسن وهبي، "عدم دعم الحكومة للقطن، خلال الموسم المقبل، سيعمل على تدمير الصناعات المحلية القائمة على زراعة القطن المصري، ولا صحة بأن القطن المصري غير مطلوب".
وأضافت وهبي أن 25% من العمالة المصرية في القطاع، وعدم توافر دعم، لن يكون أثره سلبيا على الفلاح وحده دون غيره.

وبحسب رئيس الشركة، فإن مصر تصدر 1.5 مليون قنطار من إنتاجها الذي يصل إلى 2.2 مليون قنطار سنويا.
وقالت "إن الكميات خلال الموسم الماضي لم يتم استهلاكها؛ لارتفاع سعرها الذي وصل إلى 1700 جنيه مقابل 700 جنيه للمستورد".
وحذر من أن سعر القطن المستورد لن يظل على هذه الأسعار المتدنية دائما، فهو يخضع لأسعار البورصات العالمية المتقلبة، حيث وصل سعره عالمياً قبل 4 سنوات إلى 1400 جنيه للقنطار الواحد.
وذكر المسؤول في وزارة الاستثمار المصرية أن المصانع الحكومية لشركات الغزل والنسيج في الوقت الحالي تعمل بأقل 25% من طاقتها، جراء تهالك الآلات والإضرابات المستمرة من العمال التي تطالب بصرف مكافآت، رغم خسائر الشركات التي تتجاوز ملياري جنيه خلال العام الماضي.
وأضاف طرحنا مناقصة على المكاتب الاستشارية العالمية لتطوير الشركة القابضة للغزل والنسيج، وتم اختيار 5 مكاتب، منها ثلاثة مصرية وبريطاني وسويسري.
ووفقا للمسؤول، فإن الوزارة ستنتهي من دراسة العروض الفنية في آخر فبراير/شباط المقبل، على أن يعقب ذلك الإعلان عن اسم الشركة العالمية الفائرة بتقديم الدراسات الخاصة بتطوير الشركات التابعة للشركة القابضة للغزل والنسيج.
وقال المسؤول إن شركات الغزل والنسيج التابعة للحكومة تعاني من إهمال كبير على مدار 40 عاما، وتتطلب نحو 5 مليارات جنيه لتطويرها، وهو ما لم يتوافر في الوقت الحالي.
وأكد المسؤول أن الحكومة تعمل على هيكلة الشركات التابعة لقطاع الأعمال، خاصة الغزل والنسيج، مضيفاً أن "الهيكلة ستكون مالية وفنية وإدارية".
وقال رئيس غرفة الصناعات النسيجية في الاتحاد المصري للغرف الصناعية، محمد المرشدي، إن قرار الحكومة برفع الدعم عن زراعة القطن يستهدف خفض نوعيات من المحصول لا نستخدمها، ومنها طويل التيلة، ويقل الطلب عالميا عليه".
وأضاف المرشدي أن الهدف من القرار هو ضمان تسويق المنتج قبل زراعته، في ظل وجود فائض كبير في المخازن حتى الوقت الحالي من العام الماضي.
المساهمون