إذاً، يغادر الإسلاميون في هذه الانتخابات شعارهم التقليدي "الإسلام هو الحل"، ويقول بني أرشيد إن مغادرة الشعار تأتي استجابة للمراجعات التي قامت بها الحركة الإسلامية، وليس مجرد ضرورة انتخابية فرضها شكل التحالف. ويشير إلى أن مخاوفهم من تزوير الانتخابات ستبقى قائمة حتى اللحظة الأخيرة، نتيجة التجارب الانتخابية السابقة. ويؤكد رئيس الهيئة قناعتهم بالدولة المدنية التي تقوم على أسس ديمقراطية.
ما الذي دفعكم إلى خوض هذا الاستحقاق بعد مقاطعتكم انتخابات 2010 و2013؟
المقاطعة والمشاركة في العملية الانتخابية هي موقف سياسي مبني على تقدير مصالح عامة، وقرار مشاركة الحزب في الانتخابات المنتظرة جاء نتيجة جملة من المتغيرات. أولها أن قانون الانتخابات الجديد الذي يعتمد نظام القوائم النسبية المفتوحة وفّر فرصة لإعادة النظر في المواقف السابقة. ثانياً، يجمع الشعب الأردني على أن أداء المجالس النيابية التي قاطعنا الانتخابات التي أفرزتها ضعيف، وأفرغ المجلس من مضمونه وأضعف مكانته الدستورية الرقابية والتشريعية. أما ثالثاً، والأهم، فإن المشاركة تأتي استجابة لقواعدنا التنظيمية التي رأت في أغلبية ساحقة ضرورة المشاركة، واستجابة أيضاً لشخصيات وطنية وسياسية واجتماعية طالبتنا بالعدول عن المقاطعة.
هل ترى أن المجلس المقبل سيكون أفضل حالاً؟
يمكن أن يكون أفضل حالاً من سابقيه، لأن أحد أهداف مشاركتنا في الانتخابات تفعيل الحياة السياسية في الأردن من خلال توسيع قاعدة المشاركة، لذلك قدّم "التحالف الوطني للإصلاح" على قوائمه الانتخابية العشرين شخصيات تمتلك كفاءات سياسية واقتصادية واجتماعية لخوض الانتخابات.
خلال الانتخابات الماضية حرضتم الناخبين على المقاطعة وتسببتم بتراجع نسبها، هل تمتلكون القدرة اليوم على إقناعهم بالتوجه إلى صناديق الاقتراع؟
قرار المقاطعة في الانتخابات الماضية كان وطنياً بامتياز وتقديراً للمصلحة في ظل الظروف التي كانت سائدة. أما اليوم، فإن قرار المشاركة مبني على معطيات جديدة، خصوصاً بعد جولات الربيع العربي والانقضاض على هذا الإنجاز من خلال الثورات المضادة والانقلابات العسكرية والضربات الاستباقية التي استهدفت الشعوب. وعليه، فإن الانتخابات البرلمانية تشكل استفتاء على أوزان القوى السياسية في الأردن، واجتهادنا في الحزب وشركاؤنا في التحالف رأوا أن في المشاركة إيجابيات أكثر من السلبيات. أما تحفيز الناخبين على المشاركة فهذا هدف مشترك للقوى المشاركة في الانتخابات ومؤسسات الدولة المعنية بالدرجة الأولى بتشجيع الناخبين.
هذه أول انتخابات تشاركون فيها منذ انطلاق الانتفاضات العربية، هل ما عجزت موجة الاحتجاجات التي شهدها الأردن عن تحقيقه من إصلاحات سياسية ومطالبات بالعدالة الاجتماعية يمكن تحقيقه من خلال المشاركة في العملية السياسية؟
في تقديري أن حركة الشعوب خلال الانتفاضات العربية حققت إنجازات ضخمة، وصلت إلى ذروتها عبر تغيير أنظمة حكم في دول عميقة. وعلى صعيد الأردن الذي رفعت فيه الاحتجاجات شعار الإصلاح، فإن أهدافاً عدة تحققت لا يمكن تجاوزها، ومنها تعديل ثلث الدستور عام 2011، وهذا ما كان ليحدث لولا حركة الشعوب. والأهم الثقافة التي تولدت لدى الشعب الأردني والمتمسكة بمواصلة الإصلاح، ويمكن الاستثمار بمسيرة الإصلاح من خلال العملية الانتخابية وما بعدها.
إذاً، هل شعار الإصلاح الذي يرفعه التحالف هو استمرار للمطالب التي رفعت خلال موجة الاحتجاجات؟
الإصلاح هو استمرار للحالة، ويمثل ضرورة يتفق عليها الجميع بمن فيهم الملك عبدالله الثاني الذي انحاز له في النقاشات التي طرحها، ويؤكد دائماً في مقابلاته الصحافية ضرورة مواصلة الإصلاح، وأن الصناديق هي التي تصنع الإصلاح.
يضم التحالف العديد من غير أعضاء الحزب، وبينهم مرشحون مسيحيون، وبعيداً عن شعاركم التقليدي "الإسلام هو الحل"، هل مغادرة الشعار استجابة لضرورة موضوعية تتعلق بتركيبة التحالف أم نتاج مراجعة حول مدى موائمة الشعار لطبيعة المرحلة؟
المراجعات التي بدأت فيها الحركة الإسلامية، سواء على المستوى الداخلي أو على علاقاتها بالقوى والأحزاب الأخرى والشخصيات وقوى المجتمع المدني، وحتى السلطات الرسمية، عميقة وجذرية. وهذه المراجعات لم تبدأ مع الانتخابات، بل سبقتها. ونتيجة قراءة الظرف الحالي والمتغيرات الإقليمية والدولية، قادتنا هذه الحسابات إلى ضرورة إعادة التموضع والنظر في مواقفنا السابقة، ومن ضمنها البرامج التنافسية والانتخابية، من حيث الشكل والموضوع. التحالف الوطني هو إحدى نتائج هذه المراجعات، وتقديرنا أن الظروف الوطنية هي التي اقتضت إيجاد هذا التحالف، سواء على مستوى الشكل أو الشعار.
قدم التحالف برنامجاً انتخابياً مفصلاً يتضمن حلولاً سياسية واقتصادية واجتماعية للمشاكل الوطنية، هل تعتقدون بإمكانية تطبيق البرنامج لو وصلتم إلى البرلمان الذي تدركون أنكم لن تكونوا الأغلبية فيه؟
البرنامج يمثل وثيقة تشكل مرجعية ورؤية وتصور لإدارة هذا التحالف المستقبلي، ليس من الضرورة تنفيذه في سنة أو سنتين، ويتحكم في قدرتنا على تنفيذه توسع التحالف الوطني وبناء علاقات أوسع، وهذا الأمر يقتضي بالضرورة التعاون والتنسيق مع جميع مكونات البرلمان المقبل.
هل يوجد ضمانات للفائزين من قوائم التحالف بمقاعد نيابية بالتكتل تحت قبة البرلمان؟
نعتقد أن التحالف لن يقف عند حدود الكتلة البرلمانية ونأمل أن يتوسع داخل إطار البرلمان وخارجه، لن نلزم أحداً من مرشحينا في حال فوزه إلا بحدود القناعة بضرورة هذه الحالة، ومن يقتنع سنستمر وإياه، ونأمل أن تتوسع الحالة إلى خارج إطار مرشحينا.
منذ مارس/آذار 2015 أصبحت جماعة الإخوان المسلمين غير قانونية في نظر الحكومة التي سهلت ترخيص جمعية سياسية منافسة تحمل اسم "جمعية جماعة الإخوان المسلمين"، هل مشاركتكم في الانتخابات تهدف إلى إعادة ترتيب علاقة الجماعة مع الحكومة؟
التحالف الوطني ليس معنياً بهذا الأمر، و"الإخوان" لها مكانها ومركزها القانوني، وهي قادرة على إدارة العلاقة مع المؤسسات والجهات الرسمية. قواعد العلاقة بين الجماعة ومؤسسات الحكم في الأردن تحتاج إلى إعادة ترسيم تتطلب المضي فيها باتجاه بناء علاقة جديدة على رغبة وإرادة الطرفين. لكن أعتقد أن العملية الانتخابية كشفت عن الأوزان الحقيقية لقوى أريد لها أن تكون بديلاً عن الإخوان المسلمين، ما يعني ضرورة إعادة التفاهم مع القوى الشعبية ومن ضمنها الحركة الإسلامية.
تُتهمون بمعارضة توجهات الدولة المدنية، ما موقفكم منها؟
الدولة المدنية التي يتحدث عنها الجميع ويسعون إليها ويقتنع بها التحالف الوطني للإصلاح تقوم على أسس ديمقراطية نسعى لتحقيقها وفي مقدمتها التداول السلمي للسلطة من خلال تشكيل حكومات برلمانية من قبل الأغلبية النيابية.
هل لديكم في التحالف مخاوف من تزوير الانتخابات؟
حتى اللحظة الأخيرة لا يوجد ما يضمن عدم وجود تزوير، التجارب السابقة لا تشجع على التفاؤل. نعتقد أنه حتى اللحظة تبعث الإجراءات على شيء من الارتياح، لكن لا يمكن أن نطمئن إلا بعد إعلان النتائج، وأي قوى تشكك في مصداقية الانتخابات تكون معذورة قياساً بعمليات التزوير الواسعة التي حدثت في انتخابات سابقة.