زكريا عبد الكافي.. مصوّر تلاحقه المشاهد القاسية

16 مايو 2017
(في باريس، تصوير: زكريا عبدالكافي/ فرانس برس)
+ الخط -

"في ذلك اليوم كنت في مكان مناسب لالتقاط عشرات الصور الصحافية. كنت ألتقط صورًا لرجال الشرطة، عندها شاهدت فجأة داخل عدسة الكاميرا رجل شرطة يتوسّط ثلاثة من زملائه وهو يحترق. سارعت لالتقاط عدّة صور له بالرغم من تعرّضي الكثيف للغاز المسيل للدموع، بعد ذلك سارعت لمكان آمن لتفحص الصورة ولإرسالها إلى وكالة الأنباء الفرنسية AFP".

هذه هي قصّة صورة رجل الشرطة الفرنسي الذي أُصيب بحروق بالغة خلال المظاهرات العُمّالية، التي عمت باريس في الأوّل من شهر أيّار/ مايو الجاري، وذلك بحسب ما أوضحه ملتقط الصورة المصوّر السوري زكريا عبد الكافي البالغ من العمر 31 عامًا لموقع "جيل".

انتشرت تلك الصورة القاسية على العديد من الصفحات الأولى للصحف العالمية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة لانتشار قصّة المصور السوري الذي قدم إلى فرنسا منذ ما يقارب عاما ونصف، ليعالج عينه التي فقدها بسبب استهدافه من قبل جيش النظام السوري في حلب، أثناء عمله كمصوّر صحافي في مناطق المعارضة السورية.

بدأ زكريا عمله كمصور في بداية الثورة السورية، ليحترف بعد ذلك ويبدأ بالعمل كمصوّر صحافي للعديد من الوكالات المحلية، بعد ذلك وتحديدًا في عام 2013، باشر زكريا العمل لصالح وكالة الأنباء الفرنسية، موضحًا أن "طبيعة عملي في سورية كانت ترتكز على تصوير الحياة اليومية في القسم الذي كان واقعًا تحت سيطرة المعارضة في مدينة حلب، وتوثيق القصف اليومي على تلك الأحياء السكنية من قبل النظام السوري، بعد ذلك وبسبب تعرّضي للإصابة، سافرت إلى فرنسا بفيزا من الخارجية الفرنسية لمتابعة علاجي".

بدأ زكريا العمل مجددًا مع وكالة الأنباء الفرنسية منذ شهر شباط/ فبراير المنصرم من العام الجاري، كمصوّر صحافي في العاصمة الفرنسية، "خلال تلك الأشهر كنت دائمًا أبحث عن أي حدث في باريس لأقوم بتصويره، وبسبب معرفتي السابقة بأنّ الأوّل من أيار سيشهد أعمال عنف، ولولعي بهذا النوع من الصور، توجّهت إلى ساحة bastille république في باريس، حيث نجحت في العثور على مكان مناسب للتصوير، وأثناء التقاطي لعدد من الصور لرجال الشرطة شاهدت فجأة داخل عدسة الكاميرا رجل شرطة يحترق متوسطًا ثلاثة من زملائه، سارعت لالتقاط عدّة صور له بالرغم من تعرّضي الكثيف للغاز المسيل للدموع، بعد ذلك اتجهت لمكان آمن لتفحّص الصورة ولإرسالها لوكالة الأنباء الفرنسية".

يعتقد زكريا أن سبب انتشار الصورة هو قسوتها واحتواؤها على العنف، فهي ليست لوحة، بل هي لحظة حقيقية عاشها رجل شرطة، فباتت فعلًا "صورة تاريخية"، معتبرًا أن انتشار هذه الصورة يعني له نجاحًا كبيرًا، "أشعر بنجاح عظيم، لكن في الوقت ذاته فعلًا أملك مشاعر حزن كبيرة تجاه الشرطي المصاب، الصورة مؤلمة جدًا، لكن عملي في سورية جعلني أعتاد على هذه الصور، فكثيرًا ما ألتقط صورًا لأطفال ونساء وشيوخ وهم تحت الأنقاض".

أكد زكريا تعرّضه للعديد من التهديدات عبر الرسائل الشفهية والإنترنت عقب انتشار رأيه بالصورة "أتمنى أن يكون الشرطي بخير، ليس لأنه رجل شرطة، بل لأنه إنسان. أي شخص في هذه الحالة من الطبيعي أن أحزن عليه. ما زلت مصرًّا على موقفي، بالرغم من التهديدات التي تلقيتها بسبب حزني على رجل يحترق".

وردًّا على الأسئلة التي انتشرت حول سبب عدم محاولته إنقاذ الرجل، بدلًا من التقاط الصور له، أجاب "لا يوجد مجال لإنقاذه، بالإضافة إلى أنني مصوّر صحافي ولست برجل إنقاذ"، مختتمًا اللقاء بتأكيده على أن "دور المصوّر الصحافي هو نقل ما يجري في بقعة جغرافية معينة إلى جميع أنحاء العالم. طريقة مساعدتنا هي نقل ما يجري على الأرض بتجرّد وواقعية بهدف إنقاذ الآخرين، وبناء على ذلك، أعتقد أنني أدّيت مهمّتي ودوري كمصوّر صحافي في سورية وفي فرنسا أيضًا".

المساهمون