30 مايو 2019
زعيم المشاعر السيئة
علي خيري (مصر)
من أشدّ المشاعر التي تثير قلقي إلى درجة الرعب، أن أشعر بالخوف من شيء في يوم ما، فالشعور بالخوف بغيض إلى درجة قد تصل به إلى تصدّر زعامة المشاعر السيئة، الشعور بالخوف يقلب حياتك رأساً على عقب، يجعلك إنساناً آخر غير الذي كنته وقت الأمن والإطمئنان، يدمر هذا الشعور حياة الفرد، ناهيك عن حياة الأمم والشعوب.
ومن أكبر الجرائم التي قد يقترفها نظام سياسي في حكم شعبه، أن يحكمهم بالخوف، أن يربيهم عليه، وينشئ أجيالهم الجديدة في ظلاله القاتمة، ظنّاً منه أنّه، بهذه الطريقة، يسيطر على مقاليد الحكم بمنتهى السهولة، لكنه، للأسف الشديد، لا يدري أنّه إن نجح في زرع الخوف وفرضه أسلوب حياة للشعب الذي يحكمه، فإنّه بذلك لا يحكم إلا جثةً هامدةً لن يحصل منها إلا على القيح والعفن، وأنا على يقين من أنّ خفافيش الظلم وغربان الاستبداد لا يطيقون العيش إلا في هذة الروائح والأجواء السامة.
ما أؤمن به إلى درجة اليقين أنّ الشعوب الخائفة لا تنتج ولا تبدع، ويا ليت الأمر يقتصر على عدم الإنتاج والإبداع، فهذه فقط مجرد أعراض مبدئية، تظهر على الشعوب المصابة حديثاً بداء الخوف، أما الشعوب التى تأصّل فيها هذا الداء، وأصبحت الأجيال الجديدة ترضعه مع لبن أمهاتهم حتى صار طبعاً فيهم، فإنك تجد أن الكذب واللؤم والخداع والوشاية أصبحت من أخلاقهم الطبيعية التي إن شذّ فرد في مجتمعهم عن التخلّق بها أصبح منبوذاً، متهماً بالتخلّف والرجعية، بل قد يصنّف فيهم مريضاً نفسياً.
واذا أردت مثالاً على ما أقوله، ما عليك إلا أن توّجه نظرك تلقاء مصر فستجد فيها اجتماع الخوف والأمن في فترتين متقاربتين، فشبابنا المصري عرف طعم الإطمئنان، بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، فانطلقوا جماعات وأفراداً يحاولون بناء ما تهدّم من بلادهم، طوال الستين عام السابقة، فلم يعد منظر الشباب الذين يكنسون الشوارع ويدهنون الأرصفة يستوي فيهم المتعلّم وغير المتعلّم، المثقف وغير المثقف، بالمنظر الغريب في الشارع المصري، فالكلّ أحسّ أنّه مسؤول عن البلد، فما الذي حدث؟
كسرت الثورة شعور الخوف الذي زرع فيهم من وقت ولادتهم، وشعور الخوف، يا صديقي، يطغى على كلّ ما عداه من مشاعر، فإنّك إذا نظرت إلى خائف وهو يركض من تهديد ما تجده يتخبّط ويصطدم بما أمامه من عقبات، فهو لا يرى أمامه إلا التهديد الذي يخيفه، الخوف قد ينسي المواطن وطنيته، ويطمس شعور المسؤولية العام عند الجماهير، وعند سيادة الخوف يصبح المبدأ العام هو: ما يحدث يحدث المهم أن سلامتي الشخصية لن تتأثر.
أين ذهبت جموع الشباب التي كانت تتلهف على كنس شوارع وطنها، لا المشاركة السياسية فيه؟ أين ذهبت المسؤولية الوطنية عند عموم الجماهير؟
الإجابة واضحة جداً، فكل هذا اختفى باختفاء الاطمئنان، وهيمنة الخوف بصورة أشد من السابق. لذلك، حق علينا أن نسمي الخوف بزعيم المشاعر السيئة.
ومن أكبر الجرائم التي قد يقترفها نظام سياسي في حكم شعبه، أن يحكمهم بالخوف، أن يربيهم عليه، وينشئ أجيالهم الجديدة في ظلاله القاتمة، ظنّاً منه أنّه، بهذه الطريقة، يسيطر على مقاليد الحكم بمنتهى السهولة، لكنه، للأسف الشديد، لا يدري أنّه إن نجح في زرع الخوف وفرضه أسلوب حياة للشعب الذي يحكمه، فإنّه بذلك لا يحكم إلا جثةً هامدةً لن يحصل منها إلا على القيح والعفن، وأنا على يقين من أنّ خفافيش الظلم وغربان الاستبداد لا يطيقون العيش إلا في هذة الروائح والأجواء السامة.
ما أؤمن به إلى درجة اليقين أنّ الشعوب الخائفة لا تنتج ولا تبدع، ويا ليت الأمر يقتصر على عدم الإنتاج والإبداع، فهذه فقط مجرد أعراض مبدئية، تظهر على الشعوب المصابة حديثاً بداء الخوف، أما الشعوب التى تأصّل فيها هذا الداء، وأصبحت الأجيال الجديدة ترضعه مع لبن أمهاتهم حتى صار طبعاً فيهم، فإنك تجد أن الكذب واللؤم والخداع والوشاية أصبحت من أخلاقهم الطبيعية التي إن شذّ فرد في مجتمعهم عن التخلّق بها أصبح منبوذاً، متهماً بالتخلّف والرجعية، بل قد يصنّف فيهم مريضاً نفسياً.
واذا أردت مثالاً على ما أقوله، ما عليك إلا أن توّجه نظرك تلقاء مصر فستجد فيها اجتماع الخوف والأمن في فترتين متقاربتين، فشبابنا المصري عرف طعم الإطمئنان، بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، فانطلقوا جماعات وأفراداً يحاولون بناء ما تهدّم من بلادهم، طوال الستين عام السابقة، فلم يعد منظر الشباب الذين يكنسون الشوارع ويدهنون الأرصفة يستوي فيهم المتعلّم وغير المتعلّم، المثقف وغير المثقف، بالمنظر الغريب في الشارع المصري، فالكلّ أحسّ أنّه مسؤول عن البلد، فما الذي حدث؟
كسرت الثورة شعور الخوف الذي زرع فيهم من وقت ولادتهم، وشعور الخوف، يا صديقي، يطغى على كلّ ما عداه من مشاعر، فإنّك إذا نظرت إلى خائف وهو يركض من تهديد ما تجده يتخبّط ويصطدم بما أمامه من عقبات، فهو لا يرى أمامه إلا التهديد الذي يخيفه، الخوف قد ينسي المواطن وطنيته، ويطمس شعور المسؤولية العام عند الجماهير، وعند سيادة الخوف يصبح المبدأ العام هو: ما يحدث يحدث المهم أن سلامتي الشخصية لن تتأثر.
أين ذهبت جموع الشباب التي كانت تتلهف على كنس شوارع وطنها، لا المشاركة السياسية فيه؟ أين ذهبت المسؤولية الوطنية عند عموم الجماهير؟
الإجابة واضحة جداً، فكل هذا اختفى باختفاء الاطمئنان، وهيمنة الخوف بصورة أشد من السابق. لذلك، حق علينا أن نسمي الخوف بزعيم المشاعر السيئة.