روي فيتوريا..رهان بنفيكا لتدمير لعنة جوتمان وكسر سطوة جيسوس!

17 ابريل 2016
روي فيتوريا قائد سفينة بنفيكا (getty)
+ الخط -
"أنا لا أعدكم ببطولات، ولكن كل ما أعدكم به بذل كل الجهد، الحماس، والعمل الجاد من اليوم الأول حتى الأخير لي في هذا النادي. لكي تعمل في مكان بقيمة وتاريخ بنفيكا، عليك أن تقدم حياتك من أجل إسعاد الملايين من عشاقه وأنصاره"، بهذه الكلمات الشجاعة بدأ روي فيتوريا مهمته داخل ملعب النور، بعد أن اختارته إدارة النادي البرتغالي، لكي يجلس على مقعد بيلا جوتمان وكل العظماء، مقعد المدير الفني لبنفيكا، واحد من أعظم أندية أوروبا والبرتغال على مر تاريخ المستديرة.

ما بعد جيسوس
حصل بنفيكا على لقبي الدوري في آخر موسمين، تحت قيادة المدرب القدير جورجي جيسوس، الرجل الذي أعاد النسور إلى القمة، وأنهى تماما سيطرة بورتو على البطولات المحلية، قبل أن يقرر الانتقال إلى مغامرة أخرى، وتحدي كل عشاق ومحبي هذا الفريق العريق، بذهابه إلى الخصم الأبدي والعدو اللدود، سبورتينغ لشبونة، في خطوة وصفها الكثيرون بغير المتوقعة.

راهن مسؤولو سبورتينغ على جيسوس، العجوز الملم بكل كبيرة وصغيرة داخل الكرة البرتغالية، والمرشح الأوفر حظا لتولي مهمة المنتخب في الفترة المقبلة، ليتعامل بنفيكا مع الصدمة بذكاء، ويقرر الاعتماد على الجيل الجديد، ليعلن تعاقده الرسمي مع روي فيتوريا، المدرب السابق لفريق غيماريش.

يُعرف بنفيكا بالنادي الملعون، وذلك بسبب قصة جوتمان الشهيرة، المدرب المجري الذي قادهم للمجد الأوروبي في الستينات، قبل أن يرحل ويتوعّد الإدارة بعدم حصولهم على شيء من بعده، ليفشل النادي فعليا في الحصول على اللقب حتى اليوم. وبمجرد رحيل جيسوس، توقع البعض استمرار اللعنة على الصعيد المحلي، لكن فيتوريا فاجأهم بمستوى ثابت وأداء راقٍ هذا الموسم، مع منافسة قوية ومستمرة على لقب الدوري، وأداء استثنائي في عصبة الأبطال، قبل الخروج بشرف أمام بايرن.

أصل التكتيك
تقوم البرتغال في السنوات الأخيرة بتصدير المدربين إلى كل بلدان أوروبا والعالم، بعد نجاح تجربة الرجل الخاص جوزيه مورينيو في القارة العجوز، وبكل تأكيد روي فيتوريا ليس النسخة الأخيرة، مع استمراره على نفس الرسم التكتيكي المفضل، خطة 4-2-3-1 بكل مشتقاتها التي تتحول إلى 4-5-1 في الحالة الدفاعية، و 4-4-2/ 4-4-1-1 أثناء الهجوم.

يقول بيب غوارديولا عن بنفيكا، "إنه فريق من الأفضل دفاعيا في أوروبا، بل يجمع أفضل رباعي خلفي على الإطلاق"، وبالتفتيش خلف كلام الفيلسوف، من السهل معرفة صدق هذه المقولة، خصوصا مع تواجد كل من جارديل، نيلسون، إليسيو، وألميدا أمام المرمى، خلف ثنائي المحور، ريناتو سانشيز ولجوبومير فيجسا في منطقة الارتكاز.

يدافع الفريق البرتغالي بشكل عرضي محكم، من خلال المجهود البدني الكبير للمكوك ريناتو، اللاعب الصغير ذو الأربع رئات، والذي يمتاز بتقديمه للأدوار الدفاعية والهجومية باستمرار، مع تغطية مستمرة من زميله فيجسا، لاعب الارتكاز رقم 4، الذي يتحول كثيرا إلى قلب الدفاع، لصناعة الرقابة الثلاثية في العمق، مع إعطاء الظهيرين امتدادا أوضح على الأطراف.

هجوم متنوّع
يعوّل روي فيتوريا على لاعبي الوسط كثيرا، ويعتمد بشكل أساسي على الأجنحة الداخلية، التي تلعب أكثر في عمق الارتكاز، وكأنها مجموعة من لاعبي الوسط، بقيادة لويس ميغيل ألفونسو "بيتزي" على اليمين، ونيكولاس جايتان على اليسار، يعود الأول بضع خطوات إلى الخلف، ليساند الظهير الأيمن في الحالة الدفاعية، بينما يمتاز جايتان بقدرة على صناعة اللعب من أضيق الفراغات داخل منتصف ملعب الخصم.

وتمثل الديناميكية الحركية جزءا أساسيا من أفكار المدرب الشاب، لأنه يعتمد هجوميا على عاملي المفاجأة والخطف، من خلال ثنائية "جوناس - ميتروغلو"، لاعب أقرب إلى التسعة ونصف، أي جزء مهاجم وجزء صانع لعب وجزء وسط صريح، بينما يتمتع الآخر بقوة بدنية كبيرة تساعده على الاحتكاك مع المدافعين، بالإضافة إلى الضغط على حامل الكرة من الخصم، وبكل تأكيد ترجمة الفرص إلى أهداف داخل الشباك.

والدليل على قوة هذا الرجل تكتيكيا، مباراة الإياب ضد بايرن، عندما لعب بدون جوناس وميتروغلو، لكنه حافظ على قوته ونجح في تسجيل هدفين، من خلال البدء براؤول خيمينيز كمهاجم صريح، يزاحم مدافعي بارفايا، مقابل صعود المهاجم الوهمي بيتزي إلى منطقة الجزاء، مع دعم الأجنحة عن طريق المهدي كارسيلا وإدواردو سالفيو، ليقدم الفريق كرته الطبيعية رغم غياب الأسماء الكبيرة.

البركة بالشباب
يملك بنفيكا فريقا تنافسيا حقيقيا، من خلال وفرة الأسماء الشابة داخل عمق الفريق، مع إضافة بعض الخبرات المميزة في كل خط. ونجح فيتوريا في تحسين شكل الفريق هجوميا إلى حد كبير، ليقدم النسور كرة ممتعة تقترن بالانتصارات، عكس ما كان ينتجه سلفه جيسوس، الذي يضع الفوز فقط نصب عينيه.

وفي الموسم الحالي من دوري الأبطال، سجل بنفيكا 15 هدفا، منها 5 أهداف من كرات ثابتة، في دلالة واضحة على وفرة الحلول التي يتفوق فيها هذا الفريق، لذلك يلجأ دائما إلى أندرسون تاليسكا، الموهوب الصغير في السن، صاحب الطول الفارع، الذي يمتاز بتسديداته الصاروخية من أي مكان داخل المستطيل، وسجل بالمناسبة في مرمى بايرن وزينيت هذا العام.

كرة القدم ليست فقط في الدوريات الكبيرة، بل هناك فرق أخرى تقدم مستويات رائعة هذا الموسم، في مقدمتها بنفيكا، النادي الذي يسير بخطى ثابتة نحو استعادة أمجاده القديمة، مع مدرب شاب وواعد مثل روي فيتوريا، اسم سيحقق شيئا مختلفا في السنوات القليلة القادمة!


المساهمون