روسيا وأوكرانيا تتصارعان حول ملكية ذهب القرم

07 يوليو 2014
الصراع الأوكراني الروسي يمتد إلى كل التفاصيل(أرشيف/getty)
+ الخط -

تعتمد شبه جزيرة القرم على الروبل كعملة، في حين أن ذهب روسيا كثير وكاف لخدمة شبه الجزيرة بوصفها جزءاً من إمبراطورية تعرف كيف تبيع الذهب والألماس والخشب والغاز والنفط والحديد ووسائط الدفاع والهجوم. ومع أن قيمة ذهب القرم معنوية تاريخية بالدرجة الأولى، إلا أن قيمته الاقتصادية ليست قليلة الشأن.

في بداية فبراير/شباط الماضي، أيّ قبل ضم القرم إلى روسيا، تم نقل مجموعة تضم أكثر من 2000 قطعة فنية ذهبية تاريخية، من 4 متاحف في القرم، لعرضها في متحف آلارد بيرسون للآثار في أمستردام.

المعرض الذي يحمل عنوان"القرم الذهب وأسرار البحر الأسود"، مستمر إلى الآن في هولندا مع أنه كان يفترض أن ينتهي، وفقا للإعلان عنه، في 1 يونيو/حزيران.

موجودات المعرض عبارة عن تحف ذهبية ومجوهرات أثرية تغطي الحقبة التاريخية من القرن السادس قبل الميلاد إلى القرن السابع الميلادي. فما مصير هذا الذهب بعد أن كان القرم في أوكرانيا وبات روسياً ؟ .


مخاوف وحقوق


نقلت صحيفة "أرغومينتي إي فاكتي"، عن المدير العام لمتحف القرم المركزي، أندريه ماليغين قوله: "متحفنا وعدة متاحف أخرى ساهمت في هذا المشروع الأوروبي الكبير (أي معرض أمستردام)، لقد أرسلنا حوالي 150 قطعة فنية، مؤمّن عليها بمبلغ 170 ألف دولار.

ولكن في بداية مارس/آذار بدأت تصلنا إشارات عن أن وزارة الثقافة الأوكرانية وبعض زملائنا في المتاحف يجرون مفاوضات لإعادة المعروضات إلى كييف. القانون يسمح لهم بذلك. فوفقا للعقد الذي وقعناه، تعد هذه المعروضات ثروة وطنية أوكرانية، مما يعطي أوكرانيا حق المطالبة بها. وتتم الآن مفاوضات على مستوى الوزارات، ولكن الخطر يبقى قائماً.

وفي السيّاق، نشرت وزارة الثقافة الأوكرانية على موقعها الرسمي في 26 يونيو/حزيران أن المعروضات ستعاد إلى كييف. فقد تم الاعتراف بكونها من ممتلكات الدولة الأوكرانية.

بالتوازي مع ذلك، يناقش المستشارون القانونيون في جامعة أمستردام التي يعود إليها المتحف حيث تجري فعاليات المعرض، مسألة قانونية إعادة معروضات ذهب القرم إلى أوكرانيا. ذلك، ما نشرته وكالة "ريا نوفوستي" نقلا عن ممثل الجامعة، ياشا لانجي.

فقد قالت لانجي:" ستبقى المعروضات في هولاندا على الأقل حتى نهاية أغسطس/آب، يوم انتهاء المعرض، بعد ذلك سوف تعاد إلى الجهة المالكة. ونظرا لتعقيدات هذه المسألة، يناقش مستشارو جامعة أمستردام الحقوقيون هذه الأيام الجهة التي ستعاد إليها".


القرم لا تنوي التخلي عن ذهبها


بدوره، أعلن أندريه كوفالتشوك، رئيس لجنة الثقافة في مجلس العموم الروسي، أنهم إذا سلمو ذهب جزيرة القرم إلى كييف فإنّ ذلك سيشكل مخالفة لقوانين المتاحف، وسيجعل سكان القرم يلجأون إلى المحكمة الدولية. وأضاف، في حديث صحافي: "إذا كان هناك قرار بهذا الشأن، فهو سياسي بدرجة كبيرة".



وتابع: "من الواضح للعيان أن حل هذه المسألة عن طريق المحاكم سيمتد لأشهر إن لم يكن سنوات، ومع ذلك فعلى متاحف القرم السير في هذا الطريق، وعلينا مساعدتهم. ولا شك في أن مجموعة المعروضات الذهبية يجب أن تعود إلى متاحف القرم".

وقد تم الإعلان أخيراً عن تعاقد وزارة الخارجية الروسية مع محامين لإعادة ذهب القرم .
وطالما أن المعرض تم تمديده حتى 31 أغسطس/آب، فما زال هناك شهران لحل هذه المسألة بصورة قانونية. علما أن الخارجية الهولندية كانت أعلنت يوم 28 يونيو/حزيران أن الذهب سيعاد من معرض أمستردام إلى كييف.

وفي هذا الشأن، يشير البروفيسور في القانون الدولي، بمعهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، يوري مالييف، في حوار "ريا نوفوستي" معه، إلى ازدواجية في هذه المسألة.

فمن وجهة نظرٍ شكلية، تملك أمستردام الحق بإعادة الذهب إلى سلطات البلد الذي أخذته منه. ومن جهة أخرى، فإن ذهب القرم بقي مطمورا تحت الأرض لفترة طويلة جدا، قبل أن يصبح القرم أوكرانياً، عام 1954. وطالما أن الذهب كان في القرم فالحق يقول بإعادته إلى هناك.

كيف وصل إلى أميركا؟


يمكن رؤية بعض مما عثر عليه وسَلم إلى يومنا هذا من ذهب القرم في المتحف الأوكراني للمجوهرات التاريخية، الذي يسمى عن حق بـ "مخرن الذهب"، وفي متحف "الإرميتاج" الشهير بسان بطرسبورغ.
   
إضافة إلى المتحفين السابقين، تناقلت وسائل الإعلام خبراً، في أواسط مارس/ آذار الماضي، عن وجود مجموعة من ذهب القرم التاريخي في الولايات المتحدة الأميركية تعود ملكيتها لمتاحف كييف.


وأشار بافل زاريفون، مدير مركز "ليف غومليوف" للبحث الثقافي، في حوار على صفحات جريدة" كومسمولسكايا برافدا" في 13 مارس/آذار، بأصابع الاتهام إلى رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك بنقل هذا الذهب إلى أميركا، محيلاً إلى مصدر صديق في قوات الأمن الأوكرانية، احتفظ لنفسه باسمه.

علماً أن لذهب القرم قيمة تاريخية أكثر مما هي مادية، وقيمته تتجاوز معادله النقدي. فحتى لو أخذ هذا الذهب من المتاحف، فمن المستبعد أن يباع أو يتداول كذهب. ذلك ما يؤكده أوليغ بودنيتسكي البروفيسور في علوم التاريخ بمدرسة الاقتصاد العليا بموسكو.

فقد نقلت عنه إذاعة "راديو فيستي" أن "عيار هذا الذهب منخفض ولا قيمة له من هذه الناحية.. هذه ليست سبائك ذهبية كما يظن البعض، إنما حلى من ذهب أو مجوهرات يدخل الذهب في تكوينها. ولذلك، فمن المستبعد أن يكون قابلاً للتداول كذهب في الحسابات الدولية".

المساهمون